أثارت احصائية صدرت مؤخراً عن ارتفاع معدل وفيات الطرق في مصر لدرجة أنها احتلت المركز الأول عالمياً.. وهذا يؤكد تهور السائقين وعدم احترام اشارات المرور للضحايا.. وانتشار الفوضي في شوارعنا مما أدي إلي الاستهانة بأرواح البشر.. من هنا تأتي أهمية هذا التحقيق. في البداية التقينا بالجماهير للتعرف علي رأيها في القضية فماذا قالوا؟ * أحمد ابراهيم.. موظف: أعاني ويعاني معي جميع أفراد عائلتي من حركة المرور في مصر فقد أصبح الشارع المصري في منتهي الهمجية والفوضي.. واختفي منه أي انضباط أو نظام والسبب في ذلك يرجع إلي عدم وجود الأمن داخل الشوارع فأنا أسكن في شارع جسر السويس وهو شارع رئيسي ويقطنه عشرات الآلاف من المصريين ومع ذلك لا نجد عسكري مرور واحد في أي جزء من الشارع سوي في اشارة روكسي كما أنهم لا حس لهم ولا خبر.. فهل هذا معقول. * خالد إبراهيم موظف: بالطبع غياب رجال المرور والأمن من أغلب الشوارع جعل سائقي الميكروباص والنقل وأصحاب التاكسيات يفعلون ما يرون لهم بالمارة والركاب علي السواء فلا أحد يلتزم بالسير في الاتجاه الصحيح ولا أحد يحترم الإشارة فكم من الناس يقتحمون الإشارات ويكسرونها وهذا ما يتسبب في حوادث عدة خاصة في ظل الزحام الشديد الذي نحن بصدده فلا مفر من وجود رجال المرور وضباط الأمن بالشارع المصري لتطبيق القانون لردع كل متهور وطائش وغير ملتزم. طريق الموت * أحمد سالم.. نجار: ليس الأمن وحده هو المسئول عن حالة الفوضي التي نراها في الشوارع المصرية والحوادث التي نسمع عنها كل ثانية فأنا أسكن بالقرب من الطريق الدائري وكم من حوادث مفجعة تقع علي هذا الطريق وتزهق فيها أرواح أبرياء والسبب في ذلك هي ثقافة الأنانية والهمجية التي صارت لسان حال تصرفاتنا وأفعالنا. * محمد عبدالغني موظف : أود أن أسأل عن قانون المرور الجديد ومواده وعقوباته الذي عكف علي دراسته المسئولون والمتخصصون وبحث مواده وفرض عقوبات لكل من ينتهك حق الطريق أولا يلتزم بقواعده.. للأسف الشديد لقد صار القانون حبيس الأدراج ولا حس له ولا خبر فلو تم تطبيق القانون كما هو متبع في كل الدول الأوروبية لحجمنا خسائرنا البشرية وقللنا الحوادث التي تقع كل يوم دون سبب سوي الفوضي وانعدام الانضباط. * صفوت محمود مهندس: بالنسبة لي كل مشكلتي الأساسية التي اتكبدها وتتكرر يومياً هي سائق الميكروباص فأنا اضطر مجبراً إلي أخذ الميكروباص للذهاب من بيتي إلي عملي ولا يمكن وصف ما أعانيه مع سائقي الميكروباص من توتر وانفعال بسبب قيادتهم الجنونية والمتهورة للسيارة وسباقهم مع بعضهم البعض لأخذ الركاب والوصول سريعاً ضاربين عرض الحائط بأرواح الركاب وحياتهم. الرشوة * محمد عضو مجلس شعب بأسوان: للأسف الشديد إذا تم تطبيق العقوبات الحقيقية علي كل منتهك للطريق وكل شخص يتسبب في حادثة ما سمعنا عن هذه الحوادث الفجة فمعظم سائقي الميكروباص اليوم والتوك توك يقودون سياراتهم بلا رخصة ويتم ضبطهم من قبل الضابط ثم يقومون برشوته ليطلق سراحهم وهذه هي المشكلة. ضوابط شرعية * عن حكم الدين في هذا الموضوع قال الدكتور عبدالمهدي عبدالقادر الأستاذ بجامعة الأزهر ان كثرة حوادث الطرق أو المرور في مصر هي شيء من ثمار انعدام الأخلاق وانعدام انضباط الإنسان.. فالناس شاعت فيهم الفوضي واللا مبالاة وأصبح سائق السيارة كل همه السرعة وأخذ الطريق من الآخرين في سرعة السير هذا من ناحية ومن ناحية نجد الذي يسير علي قدميه ليس منضبطاً هو الآخر فنجده يسير في عرض الطريق ويعبر الطريق والسيارات مسرعة ومع ذلك لا يبالي ولا يحرص علي السلامة فانضباط الأخلاق هو أساس استقامة الأمور ولا شك أن الانضباط الفكري والسلوكي هو أساس السلامة والطمأنينة عند الناس في تصرفاتهم وحينما يأمر الإسلام بالأخلاق والسكينة حتي في الذهاب إلي المسجد يقول النبي صلي الله عليه وسلم: "إذا سمعتم النداء فأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة والوقار" ورغم صغر المسافة من البيت إلي المسجد يوصينا النبي صلي الله عليه وسلم أن نقطعها بسكينة ووقار. وأضاف د. عبدالقادر: كنا نري علي الإنسان الذي يسير علي قدميه بعد أن سخر الدابة أن تجري به أسرع من قدميه عشرات المرات كنا نود أن يقتنع بهذا ويرضي بهذه السرعة المعقولة التي يتحقق معها السلامة والأمان لكننا فوجئنا بانفعاله في السير وسباقه للآخرين ربما وصل الأمر به إلي درجة الجنون فماذا أقول لشاب في العشرينات وهو يقود سيارة بسرعة مذهلة علي كورنيش النيل فيضرب سيدة ويقتلها في لحظتها ويصطدم بعامود انارة وإذا به يلقي هو الآخر حتفه تحت عجلات سيارة نقل وتساءل د. عبدالقادر: هل مانراه في الشارع المصري من حوادث هو حرص علي الموت أم حرص علي ازعاج الناس وارعابهم.. فالناس لم يعرفوا قضية السكينة والوقار التي يوصينا بها الإسلام وكان بالإسلام يوصينا بهذا ليكون منهجاً عاماً في كل حياتنا مع كل أسف لم نلتزم به ولم نعره أي اهتمام أو احترام لذا حصدنا الحوادث وجنبنا ازهاق الأرواح بلا ذنب أو جريرة واستطرد: الاعتماد علي القانون هو سبب تضييعه وإذا لم نطبق روح القانون لا يمكن أن تستقيم الحياة فالإسلام له روح وروحه هي العقيدة والإيمان بأن الله يراك ويطلع علي كل ما تقوم به فغياب الأخلاق واختفاء تعاليم الدين هو الذي فعل بنا هذا وسيظل الوضع علي ماهو عليه طالما بعدنا عن ديننا وفرطنا في أخلاق نبينا. قوة القانون ووافقه الرأي الدكتور طلعت أبو صير الأستاذ بجامعة الأزهر مؤكداً حرص الإسلام علي سلامة الإنسان وتيسير كل السبل لتحقيق هذا الغرض حيث يقول الله عز وجل: "ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة". وللطريق آدابه التي حث علي الالتزام بها النبي صلي الله عليه وسلم حيث يقول في حديثه الشريف: "الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذي عن الطريق والحياء شعبة من شعب الإيمان" وإماطة الأذي عن الطريق تتحقق بإحسانه وتمهيده وانارته ورفع ما يضر بالناس منه وسأذكر من الأثر قصة لعل يستفيد منها أصحاب الضمائر الحية والحس اليقظ حيث كانت توجد شجرة تضر بالمارة فجاء رجل بفأسه وقطعها فقال له الله عز وجل: "قطعتها رحمة بعبادي أنا أولي بالرحمة منكم وأدخله وادياً فسيحاً بالجنة" لأنه أزال الضرر عن الناس وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم لصحابته: "إياكم والجلوس علي الطرقات قالوا: يارسول الله مالنا منها بعد نجلس فيها فنتحدث فقال النبي صلي صلي الله عليه وسلم: فإن ابيتم إلا الجلوس فأعطوا الطريق حقه". قالوا وما حقه يا رسول الله؟ قال: كف الأذي ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأضاف د. أبو صير: من الكلمات التي تكتب في صحائف من خواطر وبميزان من ذهب قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو عثر عتر بشاطئ الفرات لخشيت أن يحاسبني عليه الله عز وجل. وأضاف: من الغريب المشاهد في طرقنا ما يفعله المسئولون عن المرافق حيث يحضرون لإدخال كهرباء أو ماء أو غير ذلك ثم بعد الحفر لا يعيدون الأمر إلي ما كان عليه إنما يتركونه ويكون عثرة في الطريق يؤذي المارة ويضر بكل شيء فلابد من توعية كاملة وعقوبة رادعة لكل مقصر وغير ملتزم فعار علينا وعيب فينا أن نسكت ولا نجتهد في منع الأذي وسد الثغرات ويجب علي وسائل الإعلام أن تضاعف جهودها في التبصير والارشاد والدعوة في كل وقت بالليل والنهار للتخلص من هذا الأمر الذي يعوق التقدم ويجلب المضار والإسلام لا ضرر ولا ضرار.