المتأمل لكل ما نشره موقع ويكيكسي الشهير من وثائق سرية منسوبة لوزارة الخارجية الأمريكية سيلاحظ أن كل الوثائق التي تم نشرها بدون استثناء لم تتناول إسرائيل ولا مسئوليها عن قريب ولا من بعيد وهو ما يثير كثيراً من الأسئلة حول الهدف من نشر تلك الوثائق وهل تم تسريبها بالعمد من جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية أم أنها تمت سرقتها كما تم الإعلان عن ذلك.. أسئلة طرحناها علي عدد من الخبراء ورصدنا اجاباتهم في التقرير التالي : بداية نرصد أهم ما تضمنته تلك الوثائق. محاولة إيران تطوير صواريخ كوريا الشمالية لتستخدمها كصواريخ طويلة المدي. الفساد داخل الحكومة الافغانية مع مخاوف نجمت عن ضبط مسئول كبير يحمل 50 مليون دولار نقداً في رحلة خارجية. المساومة علي إخلاء معتقل جوانتانامو عبر الطلب من دبلوماسيين سلوفينيين احتضان سجناء محررين منه مقابل تنسيق مقابلة تجمعهم بالرئيس الأمريكي باراك أوباما. تعليمات عن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون لمسئولين أمريكيين بالتجسس علي رئاسة الأممالمتحدة. ويري الدكتور سيف عبدالفتاح استاذ النظرية السياسية بجامعة القاهرة أنه حتي في حالة أن تلك الوثائق تمت سرقتها أو تم تسريبها من خلال موظفين في الخارجية الأمريكية فإن هذا لا يعني أن كل الوثائق التي نشرها الموقع صحيحة فقد يكون بعض تلك التسريبات مدسوسة وملفقة من قبل أجهزة الاستخبارات الأمريكية بهدف دس الانقسام والخلافات بين دول العالم وبين الطوائف المختلفة التي تعيش في البلد الواحد. وأنا شخصيا أعتبر أن هناك جزءاً كبيراً من تلك الوثائق تم تسريبها عمداً خاصة تلك الوثائق التي تحدثت عن مطالبة الدول العربية للولايات المتحدة باتخاذ إجراء عسكري ضد إيران وبالطبع فإن نشر تلك الوثائق لا يصب إلا في صالح إسرائيل حيث سيؤدي نشر تلك الوثائق دون شك إلي زيادة حدة التوتر في العلاقات العربية الإيرانية ليس هذا فحسب بل سيؤدي نشر تلك الوثائق إلي توتر في العلاقات العربية-العربية لأن هناك دولا ترتبط بعلاقات وثيقة مع الجانب الإيراني وسيثيرها أن تعرف أن هناك دولاً عربية تسعي لتقويض النظام الإيراني خاصة أن الجميع يدرك أن نشر هذه الوثائق سيؤدي إلي احداث بلبلة قد تعطي أي عدوان علي إيران غطاء عربياً. أما الدكتور محمد عبدالسلام الخبير الاستراتيجي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فيقول : يقول البعض ان تسريبات موقع ويكليكيس الشهير جاءت ضد رغبة الإدارة الأمريكية ولكن الحقيقة التي يجب أن ندركها جميعاً أن أمريكا هي أكبر دولة في العالم وانشطهم في مجال أمن المعلومات فمجرد سرقة أو تسريب وثيقة سرية من وثائق وزارة مهمة كوزارة الخارجية يهدد عشرات أن لم يكن مئات المسئولين بالفصل وتسارع المخابرات الأمريكية وقتها بالتدخل لتأمين تلك المعلومات فما بالنا بآلاف الوثائق لهذا فانا أري أن تلك الوثائق تم تسريبها عمداً وجزء منها صحيح تماماً ولكن هذا لا يمنع من أن بعض تلك الوثائق مزيفة وتم تسريبها علي طريقة دس السم بالعسل من خلال تسريب معلومات صائبة "العسل" وإرفاق الكثير من المعلومات المضللة "السم" معها والهدف في النهاية تحقيق الكثير من المكاسب السياسية والدعائية للجانب الأمريكي فمثلا تستطيع الإدارة الأمريكية من خلال استخدام هذا الأسلوب أن تحرق الكثير من معارضيها من خلال تسريب فضائحهم المزعومة. ولا مانع من أن يكون الهدف من نشر تلك الوثائق محاولة تثبيت موقع ويكليكيس عالميا بحيث يصبح أحد المنافذ التي يقبل عليها الرأي العام العالمي وتستقي منها الصحف ووسائل الإعلام العالمية معلوماتها بالتالي تستخدمه الولاياتالمتحدة كوسيلة لتحقيق الرؤي والأهداف السياسية الأمريكية وهو طريقة أو نموذج إعلامي جديد أوجدته العولمة عن طريق جذب الناس بطريقة سرد الحكايات والقصص بطريقة جذابة تضع المتلقي دون أن يفكر في البحث حول حقيقة تلك الحكايات أو أصلها. أنا أشك في أن هناك أسباباً مستقبلية سياسية وأمنية ترمي الاستخبارات الأمريكية إلي تحقيقها من خلال تسريب مثل تلك الوثائق. الثورة التقنية ويقول الدكتور محمود خلف الخبير الاستراتيجي المعروف .. يري البعض أن الحرية التي تتمتع بها الولاياتالمتحدةالأمريكية تتيح للكثير من الصحفيين بل الأشخاص العاديين يستطيعون الوصول إلي المعلومات التي يريدونها بسهولة ويسر مهما كان مصدر المعلومة وموقعها علي اعتبار أن الثورة التقنية التي تشهدها الولاياتالمتحدةالأمريكية فرزت هذا الفضاء من الحرية ولكن هذا الكلام غير حقيقي فالذي لا يعرفه الكثير أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قامت علي مدار السنوات القليلة الماضية بإغلاق جمعيات ومواقع الكترونية واعتقالات في صفوف الأمريكيين أنفسهم تحت ذريعة الحفاظ علي الأمن القومي ومحاربة الارهاب ومن هذا المنطلق فإن ذلك الموقع الذي نشر تلك الوثائق المزعومة كان سيتعرض دون شك للإغلاق الفوري ولكن الحديث عن مطاردة صاحبه بتهمة الاغتصاب هذه أمر يثير الشكوك لأن أمريكا كانت تستطيع وبسهولة إغلاق الموقع كما تستطيع بسهولة تحديد مكان المسئول عنه وليس كما يزعم الجميع اليوم أنه اختفي ولا أحد يعلم مكانه!!! يضيف : هناك أمر آخر لابد أن نلتفت إليه هو أنه مع افتراض أن الوثائق صحيحة وسرية فإن غالبية تلك الوثائق ليست سوي تقارير ومراسلات لعدد من الموظفين والدبلوماسيين الأمريكيين تتحدث عن انطباعاتهم أو وجهات نظرهم في القضايا المطروحة وبالتالي لا تعبر عن مواقف رسمية مؤكدة أنها في معظمها معلومات يعلمها كل الملمين بالسياسة الدولية ولكن هذا لا يمنع من أنها قد تثير دهشة العامة ممن يتعاملون مع السياسة والدبلوماسية كعالم من المثل والقيم الاخلاقية.. فمثلا تلك الوثيقة التي تحدثت عن التجسس الأمريكي علي الأممالمتحدة فكل المهتمين بالشئون السياسية يعرفون تماماً أن أمريكا تتجسس علي الجميع وحول الوثائق التي تحدثت عن الدور الايراني في احتلال العراق فإن الجميع يعرفون حقيقة الدور الايراني في احتلال العراق وأن طهران لعبت دوراً كبيراً في هذه المسألة أما بالنسبة للوضع الداخلي الفلسطيني فإن البعض زعم وجود تآمر مصري علي قطاع غزة مستغلاً في ذلك الوثيقة التي تحدثت حول مقولات بعض المسئولين الاسرائيليين بأن تل أبيب طرحت علي مصر والسلطة الفلسطينية تسلم قطاع غزة بعد الحرب حيث يقول هؤلاء بأنه يدل علي تنسيق إسرائيلي مع مصر والسلطة في الحرب علي قطاع غزة بينما القراءة الموضوعية للوثيقة هي رفض مصر والسلطة المشاركة في هذه الحرب ورفضهم اسقاط حركة حماس علي يد الإسرائيليين.