مشروع إعادة تنمية ميدان تقسيم في أسطنبول كان القشة التي قصمت ظهر البعير في تركيا حيث اجتاحت أسطنبول وعددا من المدن التركية ومن بينها أنقرة وأزمير أعنف مظاهرات شهدتها تركيا منذ 11 عاما. إن إصرار رئيس الوزراء التركي (رجب طيب أردوغان) علي المضي قدما في تنفيذ خطة إعادة تنمية ميدان تقسيم بوسط العاصمة الاقتصادية لتركيا (أسطنبول) كان السبب الرئيس وراء اندلاع هذه المظاهرات لأن هذا المشروع يشمل إزالة حديقة بها 600 شجرة ليتم بناء مبني ثقافي وتجاري بدلا منها حيث إن الأتراك يعتبرون هذه الحديقة العامة (جيزيه بارك) رمزا من رموز المدينة لايمكن المساس به. قد يكون هذا المشروع سببا في اندلاع هذه المظاهرات إلا أن الذي أدي إلي تفاقم الأوضاع وامتداد هذه الاحتجاجات من أسطنبول إلي مدن أخري هي لغة العنف التي تعاملت بها قوات الأمن مع المتظاهرين مما دفعهم إلي رفع أسقف المطالب وتوجيه الدعوة إلي قيام ربيع تركي علي غرار الربيع العربي ومطالبة أردوغان بالرحيل وباستقالة حكومته. وفي المقابل يري أردوغان أن تركيا يحكمها نظام برلماني وكل أربعة أعوام تجري انتخابات وأن الأمة التركية تختار من خلالها من يصل إلي سدة الحكم.. وطالبت أحزاب المعارضة التركية أردوغان بالعمل علي تهدئة الأمور وسحب قوات الشرطة من ميدان تقسيم وتجميد المشروع الثقافي حتي لاتتفاقم الأوضاع. ومن ثم تراجعت الحكومة التركية أمام موجات الغضب الشعبية وقامت بسحب قوات الشرطة من الميدان وأعلن أردوغان أن حكومته سوف تفتح تحقيقا حول استخدام العنف المفرط مع المتظاهرين مناشدا إياهم وقف الاحتجاجات. وقد كانت ردود الفعل الدولية معبرة عن مدي القلق تجاه الأحداث التركية وأكدت الخارجية الأمريكية أهمية تعزيز الحريات العامة لأن ذلك يضمن استقرار وازدهار تركيا علي المدي البعيد. ولكن هل تتوقف الأزمة التركية عند هذا الحد وهل استفاد أردوغان من تجارب الربيع العربي ويتراجع عن عناده لكي تسير سفينة تركيا بقيادته في الفترة الباقية له في الحكم.. سؤال سوف يتم الإجابة عليه خلال الأيام القادمة.