بالتخفيض الائتماني السابع علي التوالي للبنوك المصرية الذي أعلنته مؤخرا وكالة"أستاندر أند بودز" العالمية إلي (ccc +) دخلت مصر إلي مرحلة التعثر المزمن..وتحولت مصر في نظر العالم إلي دولة مرتفعة المخاطر..وأولي النتائج المخيبة للآمال لهذا التصنيف المتدني جاءت سريعة وهي امتناع دول شرق آسيا والصين من التعامل بالاعتمادات المستندية مع البنوك المصرية واشتراط الحصول علي قيمة تعاملاتهم التجارية نقدا بنظام"الكاش"..مما سيؤدي بالتبعية إلي ارتفاع أسعار السلع والخدمات،والتي سيتحمل أعباءها بالكامل المستهلك المصري وخاصة الفئات والطبقات الكادحة ومحدودي الدخل! وسوف يهز هذا التخفيض أيضا ثقة المستثمرين الأجانب وعدم ضخ استثمارات في البلاد..مما يزيد من عجز الموازنة وارتفاع معدلات البطالة لعدم وجود فرص عمل ومشروعات. كل هذا والدولة والقطاع المصرفي لم يتخذ أي إجراء تجاه هذا التخفيض الذي هو ناتج في الأساس من جراء استمرار البنوك المصرية في الاستثمار في سندات الخزانة،وما ترتب عليه من تضخم للدين المحلي،وكذلك عزف البنوك عن تمويل المشروعات الإنتاجية والاتجاه إلي إقراض الحكومة..ناهيك عن الضغط المتواصل علي الاحتياطي النقدي..وهو ما أشارت إليه وكالة التصنيف الائتماني"مودز"في نشرتها الدورية،وربطت بين ميزانيات البنوك المصرية وبين مخاطر الائتمان السيادي الخاص بالدولة. وإن كان هذا التخفيض التصنيفي الائتماني للبنوك المصرية أمرا كان متوقعاً-كما يري عبد الرحمن بركة الخبير المصرفي ورئيس بنك مصر رومانيا الأسبق وذلك بعد أيام من تخفيض نفس المؤسسة للتصنيف الائتماني لمصر في الأسبوع الماضي من "بي" إلي "سي"، مضيفاً أن هذا التصنيف الذي كشفت عنه المؤسسة أمس هو تصنيف يخص أكبر بنوك مستثمرة في السندات الحكومية وأذون الخزانة..خاصة بعد أن خفضت مؤسسة" ستاندرد أند بورز" تصنيفها ل4 بنوك محلية، وهي الأهلي المصري ومصر، والبنك التجاري الدولي، والأهلي سوسيتيه جنرال، وقطر الوطني حالياً، بسبب ماأسمته المؤسسة مخاطر قد تتعرض لها هذه البنوك من استثماراتها في الدين الحكومي المحلي. كما أكد محسن خضير الخبير المصرفي علي نفس الأسباب بأن البنوك التي لديها استثمارات في أذون وسندات الخزانة الحكومية هي الأكثر عرضة لخفض التصنيف الائتماني في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به مصر،مشيرا إلي أن تخفيض تصنيف البنوك عملية إجرائية، ولن يؤثر علي تعاملات البنوك المحلية أو علي ودائع العملاء. ولكن يبقي أن أثر تخفيض التصنيف الائتماني للبلاد سيكون بالطبع سيئًا ويجعلها غير قادرة علي سداد الديون الخارجية إلي جانب زيادة الميزان التجاري، بالإضافة إلي عدم ثقة الدول الخارجية في اقتصاد الدولة مما يجعل فرص الاقتراض الخارجي ضعيفة جدًا..كما أن الدول ستضطر إلي رفع أسعار الفائدة علي مصر إذا حصلت منها علي قروض خارجية، مشيرة إلي أن الدولة بحاجة لوجود احتياطي نقدي كبير علي الأقل، حتي تستطيع شراء احتياجاتها من الغذاء ومن السلع الوسيطة المستخدمة في الإنتاج والتي يتم استيرادها من الخارج بالعملات الأجنبية كالدولار.. وقد وصفت الدكتورة هدي المنشاوي الخبير المصرفي ومدير إدارة البحوث والتحليل الفني للمجموعة المصرية للأوراق المالية، ما يحدث بأن له أبعادًا سياسية أكثر من كونه اقتصاديا، معتبرة حدوث ذلك لخطورة المرحلة التي تمر بها مصر..وأن المرحلة الحالية تتطلب ضرورة العمل والإنتاج باعتبارهما أحد الحلول السريعة لإنقاذ الاقتصاد،إلي جانب تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات مما يقلل فرص الاستيراد من الخارج ويحد من نزيف وسائل النقد الأجنبي،كما ينبغي علي الدولة التفكير في مصادر وموارد تحقق من خلالها عوامل جذب لوسائل النقد الأجنبي ودون اللجوء للاقتراض من الخارج مما يزيد أعباء الموازنة العامة. ويؤكد الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدي الاقتصادي المصري علي أن كل تلك التخفيضات في التصنيفات الائتمانية ستؤثر علي الاقتصاد الوطني بشكل عام..والتي تتمثل في زيادة تكلفة التمويل الأجنبي للمشروعات الاستثمارية بما يزيد من سعر الفائدة علي القروض التي ستحصل عليها البلاد من تمويل تلك المشروعات، بالإضافة إلي خفض دراسات الجدوي لها..كما أن شركات التأمين الضامنة للدولة عند الحصول علي قروض ستضطر لرفع سعر فائدة تلك الوثائق التأمينية أو رفضها للقيام بعملية الضمان المطلوبة إلي جانب رفع الرسوم المستحقة علي وثائق التأمين.