علي مدي ثلاثين عاما مضت قامت مراكز النيل للإعلام بدور هام وإيجابي في مجال التوعية التنموية للمواطن المصري في مختلف المجالات التي تهم المجتمع وطبقا لاحتياجات كل محافظة وذلك بهدف تحقيق مزيد من الإبداع والتطوير في شتي مناحي الحياة لصالح المواطنين. وكان قد تم إنشاء هذا المشروع التنويري الهام في عام 1978 بقرار من السيد صفوت الشريف (الأب الروحي لمراكز النيل للإعلام) وزير الإعلام آنذاك بالتعاون مع مؤسسة هانزسايدل Hans Seidel الألمانية التابعة للحزب المسيحي الاجتماعي csu ومقرها مدينة ميونخ حيث بدأ المشروع بمركز واحد في القاهرة ثم بدأ انتشاره في مختلف المحافظات عاما بعد آخر حتي أصبح الآن يغطي كافة محافظات مصر من الإسكندرية حتي أسوان وشرم الشيخ والغردقة ومرسي مطروح ومن المتوقع إنشاء مركزين آخرين في كل من 6 أكتوبر والعاشر من رمضان خلال المرحلة القادمة باعتبارهما من أهم المدن الصناعية الجديدة. ولقد نجحت مراكز النيل للإعلام في تحقيق الأهداف التي من أجلها أنشئت لرفع الوعي الجماهيري بالقضايا المجتمعية المختلفة وخاصة في المناطق الريفية والتجمعات العمالية وتشجيع المواطنين أصحاب المصلحة العامة علي التفاعل مع الأجهزة المختصة البحثية والتنفيذية لتحقيق التقدم المنشود في مختلف مجالات التنمية الزراعية والصناعية والتكنولوجية والثقافية بالإضافة إلي حماية البيئة والحفاظ عليها تأمينا لصحة المواطن الذي هو عماد وهدف عمليات التنمية. والحقيقة أن مراكز النيل للإعلام قد شهدت نشاطات مستمرة حيث عقدت الندوات والمؤتمرات وورش العمل في مختلف مدن الجمهورية والتي تم خلالها مناقشة العديد من القضايا والموضوعات الهامة التي تهم مختلف أفراد المجتمع وتؤدي إلي دفع وتطوير عمليات التنمية في مجالاتها المختلفة. ومن أهم القضايا التي تطرقت لها معظم مراكز النيل وحظيت باهتمام المسئولين في العديد من المحافظات كانت قضايا التعليم ومتطلبات سوق العمل وخاصة التعليم الفني والتدريب المهني وتدريب الشباب علي استخدام التكنولوجيا الحديثة والتعامل مع الإنترنت لرفع كفاءاتهم وقدراتهم الفكرية والإنتاجية وتوعيتهم بمخاطره علي المستخدم له وكيفية تحاشي هذه المخاطر. أكدت مراكز النيل للإعلام في مختلف ندواتها ومؤتمراتها علي أهمية »المشاركة المجتمعية« من كافة الأفراد لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة والتصدي بوعي للثقافات الوافدة ومحاولة تطويعها والاستفادة منها لصالح الوطن والمواطنين.. كما كان هناك أيضا اهتمام خاص بقضايا محو الأمية والعناية بذوي الاحتياجات الخاصة باعتبارهم جزءا من هذا المجتمع إلي جانب مبادرة تعليم البنات وتدريبهن وتأهيلهن فكريا ومهنيا للمشاركة بفاعلية في مختلف الأنشطة وخاصة تلك التي تتصل بطبيعة المرأة وقدراتها. ونظرا للاحتياجات المتزايدة علي العمالة الفنية المدربة في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية الصناعية والزراعية والصيد والتعدينية والبناء والتشييد والنقل فقد شهدت أنشطة مراكز النيل اهتماما خاصا بقطاع التعليم الفني والتدريب المهني خلال السنوات الماضية وخاصة فيما يتعلق بالتدريب علي التخطيط بالمشاركة بهدف خلق جيل من العمالة الفنية المدربة للمشاركة بإيجابية في النهضة الإنتاجية التي تشهدها مصر في الوقت الراهن في مختلف المجالات. كما تطرق العديد من جلسات النقاش إلي ماشهدته بعض المدارس مؤخرا من مظاهر سلبية سواء فيما يتعلق بالعملية التعليمية أو التربوية أو السلوكية وتم مناقشة أسباب هذه السلبيات وإمكانيات تفاديها والقضاء عليها من أجل رفع كفاءة ومستوي التعليم في مصر بمختلف فروعه وخلق جيل من الشباب متعلم وواع بقضايا وطنه وأمته حريص علي التفاعل مع هذه القضايا بصدق وجدية. وانطلاقا من أن مصر بلد زراعي بالدرجة الأولي فقد اهتمت مراكز النيل التي تحمل اسم هذا النهر الخالد سر الحياة والنماء علي أرض الكنانة بصورة خاصة بالقطاع الزراعي الذي يعمل به ملايين المصريين ويوفر المأكل والملبس للمواطنين بل ويساهم في تأمين رصيد البلاد من العملات الصعبة من خلال الصادرات من المنتجات الزراعية.. وعملت علي رفع مستوي العاملين بهذا القطاع الحيوي سواء الإنتاج الحيواني أو السمكي أو الزراعي وتوعيتهم بأحدث الأساليب العملية والتكنولوجية المستخدمة في هذه المجالات من أجل رفع معدلات الإنتاجية وزيادة الإنتاج وإتاحة المزيد من فرص العمل للشباب. هذا ولقد أيقن العاملون بمراكز النيل للإعلام والقائمون عليها وعلي رأسهم السفير إسماعيل خيرت رئيس هيئة الاستعلامات والسيد فولفجانج ماير wolfgang Mayer مدير مكتب هانز سايدل في القاهرة مدي خطورة وأهمية التغيرات المناخية التي يتعرض لها العالم في الوقت الراهن وحجم تأثير هذه المتغيرات مستقبلا علي البيئة وبالتالي علي صحة الإنسان الذي هو هدف التنمية وعمادها فتم تنظيم العديد من الندوات وحلقات النقاش لتنمية المواطنين بالوعي البيئي بداية من الأطفال في مراحلهم الأولي وكذلك التأكيد علي عمليات »الإصلاح البيئي« من خلال الحفاظ علي مياه الشرب والهواء والغذاء من التلوث والتخلص الآمن من المخلفات الزراعية والطبية والصلبة والقمامة والتوعية بعمليات تدوير المخلفات طبقا لما هو معمول به في الدول المتقدمة وخاصة ألمانيا.. وفي هذا الإطار فقد نظمت مؤسسة سايدل خلال شهر مايو 2010 مؤتمرا دوليا حول شئون البيئة وإمكانيات الحفاظ عليها بالتعاون مع وزارة البيئة وعدد من خبراء البيئة الدوليين كما تقوم المؤسسة الألمانية بالتعاون مع مركز تدريب الصحفيين التابع للمجلس الأعلي للصحافة بتنظيم ندوة لتنمية مهارات الصحفيين في شئون البيئة. وفي ضوء كل ماتابعناه من أنشطة مكثفة وإنجازات قيمة لمراكز النيل للإعلام يتضح لنا أنه بالفعل »مشروع قومي« عظيم الفائدة بالنسبة للمواطن والاقتصاد القومي وصورة إيجابية مشرفة للتعاون المصري الألماني الخلاق القائم علي الثقة والتفاهم والتقدير المتبادل. ولهذا فإننا ندعو كلا الجانبين المصري والألماني إلي تطويره والتوسع فيه بزيادة فعالياته وأنشطته خلال المرحلة القادمة بما يخدم المصالح المشتركة لكلا الشعبين المصري والألماني.