أفراد الشرطة يحتجون على قرارات النيابة ضدهم انتابت أفراد وأمناء الشرطة حالة من الغضب اعتراضاً علي بعض قرارات النيابة العامة المتمثلة في إخلاء سبيل بعض المتهمين ممن تم القبض عليهم متلبسين بالتعدي علي منشآت شرطية، مما دفعهم لتنظيم بعض الوقفات الاحتجاجية تنديدا بقرارات النيابة معتبرين أنها أصبحت تصدر قرارات غير مفهومة في الفترة الأخيرة مهددين بثورة غضب من رجال الشرطة، بينما اعتبر قيادات وزارة الداخلية والخبراء الأمنون أنه ليس من حق أحد التعليق علي قرارات النيابة وهذه الاحتجاجات فردية محذرين من الوقيعة بين وزارتي العدل والداخلية، وأشار خبراء القانون إلي أن هناك أسباب تأخذها النيابة في الاعتبار عند اتخاذ قرارات إخلاء سبيل المتهمين وذلك في حالات معينة منها أن يكون المتهم حدثا أو طالبا . الوقائع التي أثارت غضب أمناء وأفراد الشرطة دفعتهم للاحتجاج علي قرارات النيابة عندما تم القبض علي 14ناشطا سياسيا ومحامين وتوجيه تهم لهم بالاعتداء ومحاولة إتلاف محتويات قسم الرمل أول بمحافظة الإسكندرية، قبل نحو أسبوعين مما جعل زملاء المتهمين يدخلون في اعتصام مفتوح، وأصدرت النيابة قراراً بإخلاء سبيل المتهمين، كما تظاهر العشرات من الأفراد بقسم شرطة صدفا بأسيوط بعد أن أخلت النيابة العامة سبيل متهم بالتعدي علي رئيس مباحث مركز صدفا وضباط وأفراد أمن آخرين بالسب والقذف داخل القسم بكفالة 4 آلاف جنيه علي ذمة القضية في الوقت الذي أخلت فيه النيابة سبيل متهم آخر بدون كفالة، وردد الأفراد هتافات تطالب بإقالة مدير نيابة صدفا. كما اعتصم العشرات من أعضاء ائتلاف أمناء وأفراد الشرطة بالدقهلية داخل نيابة السنبلاوين احتجاجاً علي قرار النيابة بإخلاء سبيل مسجل خطر متهم بإصابة الرقيب سري علي عبدالله سعد وعمره 35 سنة من قوة وحدة مباحث المركز بطلق ناري أثناء القبض عليه، مؤكدين أن وكيل النيابة أخلي سبيل المتهم رغم ثبوت الواقعة عليه وتعرض حياة الرقيب للخطر أثناء تأدية عمله مطالبين بتدخل النائب العام لوقف ما وصفوه ب"المهزلة" مشددين علي ضرورة تطبيق عقوبات رادعة علي كل من يتعدي علي رجال الشرطة. يري أمين الشرطة أحمد مصطفي (المنسق العام للائتلاف العام لأمناء وأفراد الشرطة ) أن هناك استفزازا متعمدا من وكلاء النيابة وعدم تطبيق للقانون، ولديهم خلط بين تطبيق القانون والانتماء السياسي فقرارات النيابة في الفترة الأخيرة غير مفهومة ومستهجنة، وهناك عدد من الوقائع التي رصدها الائتلاف تتمثل في الإفراج عن عدد من المقبوض عليهم متلبسين وبحيازتهم أسلحة نارية وتم تصويرهم فيديو أثناء تعديهم علي قسم شرطة الرمل بالإسكندرية وقدمت سي دي يحتوي علي هذه الفيديوهات إلي النيابة العامة ورغم كل ذلك قامت النيابة بالإفراج عنهم، كما رصد الائتلاف 4 وقائع تضمنت حبس رجال الشرطة أربعة أيام علي ذمة التحقيق إما بتهمة تجاوز الدفاع الشرعي عن النفس أو باستخدام القسوة . ويطالب الأمين أحمد بأن يصدر رئيس الجمهورية قانونا يمنع الحبس الاحتياطي لرجال الشرطة في القضايا المتعلقة بعملهم والانتظار لحين صدور حكم نهائي سواء بالإدانة أو البراءة، وذلك مثل القانون الذي أصدره للصحفيين بمنع حبسهم احتياطياً في قضايا النشر، وعبرعن غضب أفراد الشرطة قائلاً " فاض بنا الكيل من استمرار مسلسل الإفراجات الذي تنتهجه النيابة العامة والذي ينذر بثورة غضب من رجال الشرطة الذين قدموا حتي الآن 185 شهيدا وآلاف المصابين منذ قيام الثورة وحتي الآن، ولن يستطيع رجل الشرطة أن يعمل بأيد مرتعشة ". بينما يقول اللواء عبدالفتاح عيسوي (مساعد رئيس قطاع الأمن العام للعمليات الخاصة): رجال الشرطة ملتزمون بتنفيذ القانون تحقيقاً لمشروعية الإجراءات حتي لا يتم الطعن عليها أو التظلم منها ويكون ذلك سبيلاً للإفراج عن المتهم وهم في سبيل ذلك ينحصر دورهم في سرعة الانتقال لمكان الحوادث لضبط ما به من أشخاص متلبسين بالجريمة وسؤال الشهود وكل من يقوم بالإدلاء بمعلومات ويتحرر بذلك محضر جمع استدلالات يرسل للنيابة العامة لإعمال شئونها واتخاذ ما تراه بشأن الذين تم ضبطهم، وعلي ذلك إذا قام أحد رجال الشرطة بأي عمل من شأنه المساس بحقوق وحريات المواطن كاستجوابه أو القبض عليه أو تقييد حريته دون مقتضي وسند قانوني فإنه يكون بذلك قد تغول علي سلطة التحقيق وأهدر ضمانات وحقوق المواطن، معلقاً علي سبب احتجاج أفراد الشرطة علي بعض قرارات إخلاء سبيل متهمين بقوله " رجل الشرطة يبذل مجهودا كبيرا ليضبط المتهم متلبسا ومن هنا يستشعر بأنه لابد من حبس هذا المتهم لكن النيابة لها محاضر وأوراق تفحصها ثم تصدر قرارها". ويوضح عيسوي أنه فيما يتعلق بمحاضر جمع الاستدلالات التي تعرض علي النيابة العامة وتتولي فيها التحقيق وتصدر قراراتها التي لا تخرج عن ثلاث حالات الأولي المتهمون علي ذمة التحقيقات وإحالتهم إلي المحاكمة الجنائية والثانية إخلاء سبيل المتهمين بالضمان الشخصي أو بكفالة مالية أو صرفه من سراياها، أما الثالثة والأخيرة فهي طلب استيفاء التحقيقات من مأموري الضبط القضائي وهو أمر نسبي يخضع لرؤية المحقق الذي يوازن مما بين يديه من أوراق ومعلومات ليقرر بشأنها ما يراه محققاً للعدالة، مشيراً إلي أنه في الظروف الحالية توجد مواءمات سياسية صاحبها تأثير واضح علي سير العدالة في بعض قضايا الرأي العام وذلك قد يؤثر علي قرارات للمحققين وكل ذلك ينعكس في النهاية علي هيئة الشرطة، وللعلم المحضر يعرض علي النيابة خلال 24ساعة من ضبط المتهم وهذه المدة غير كافية لاستكمال التحريات وخاصة في القضايا الكبري التي تحتاج إلي تحريات وجمع معلومات لمدة أسبوع أو شهر الأمر الذي يجعل النيابة إما أن تخلي سبيل المتهم أو تحجزه لمدة معينة وتطلب تحريات عن الواقعة ودوره بها . يعلق اللواء مجدي البسيوني (مديرأمن الجيزة الأسبق والخبيرالأمني) علي احتجاجات أمناء الشرطة علي بعض قرارات النيابة قائلاً : تعليقي يكون فيما أعرف وهو أفراد الشرطة والداخلية التي أنتمي إليها بمعني أنه لا أسمح لنفسي ولا يجوز لي أن أتناول قرارات النيابة العامة بالتعليق، ومن هنا فإنني أقول للأمناء والأفراد إننا جهاز انضباطي ومنظم والمفترض أنه يتسم بالانضباط والعسكرية ومن ثم فقد يبذل الضباط والأفراد مجهوداً كبيراً معرضين أرواحهم للخطر لضبط تجار مخدرات أو سلاح أو تشكيل عصابي، وتقرر النيابة الإفراج عنه، وهنا ليس منطيقا الاعتراض علي قرار النيابة العامة بزعم أنه أضاع المجهود الذي أسفر عن ضبط هذه الجرائم، وبالقياس علي ذلك إذا كان البعض قام بالاعتداء علي أقسام الشرطة وتم ضبطهم وترك الأمر للنيابة التي أفرجت عنهم وهنا لا يجوز أن يكون الاعتراض بغلق الأقسام لأنه لا ينتج عن ذلك إلا سقوط هيبة الشرطة أمام المواطن وهو مالا نقبله وربما يكون قرار النيابة مستنداً إلي ضعف الأدلة أو أن المتهمين أحداث أو لأي ثغرات في المحاضر وأعلم من البعض أن هناك محاضر حررت بأسلوب عشوائي وضعيفة وبالتالي لا يمكن أن تكون سنداً في الحبس الاحتياطي، وهنا أطالب بضرورة وجود إشراف من قيادات الأمن العام علي ما يتخذ من إجراءات في ضبط الوقائع الخاصة بالهجوم علي الأقسام بحيث يكون الضمان الكافي لتقوية الأدلة واكتمال ضبط الواقعة . ويضيف البسيوني: قرار النيابة ليس نهائياً بل هناك تحريك للقضية للمحاكم وبالتالي علينا كجهاز شرطة أن ندعم ما يحدث بالأدلة سواء بالشهود أو بالتصوير وبالتالي يكون العرض علي المحكمة والنيابة مبنيا علي أسس سليمة، ولا يفوتني إلا أن أذكر من يقومون بالتنديد بالنيابة العامة وقراراتها بما صدر من أحكام قضائية ببراءة العديد من الضباط والقيادات المسئولة بالأقسام، وآخر ما أنصح به هؤلاء المحتجين أن أقول لهم " كفي اهتزازاً للشرطة ولا تستسلموا لشياطين الإنس الذين يبثون السموم والفتن والوساوس لإحداث انشقاقات وشروخ بالشرطة والقضاء والنيابة أكثر مما نعانيه الآن "، كما أنه من المعتاد أن قرارات وكلاء النيابة في الأحداث الهامة لا تصدر منفردة بل يرجع فيها إلي المحامي العام والنائب العام .. في حين رفض اللواء محمود يسري (مساعد وزيرالداخلية مدير أمن القليوبية) التعليق، معتبراً أن احتجاجات بعض أفراد الشرطة علي بعض قرارات النيابة قد تكون مجرد حالة انفعالية وليست قاعدة عامة مسلم بها، مطالباً وسائل الإعلام بتحري الدقة فيما تنشره وتقدمه، وأن الشرطة متحملة الكثير ولا تريد أن تدخل في صراعات مع وزارة العدل والنيابة العامة . من جانبه يقول الدكتور أسامة حسانين عبيد (أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة والمحامي بالاستئناف): النيابة تقدر قيمة الدليل الجنائي بشكل مبدئي وفي حالة رجحان دليل الإدانة فإنها تصدر قراراً بالتحفظ علي المتهم وحبسه احتياطياً علي ذمة الدعوي المثارة وإن رأت انتفاء مبررات الحبس الاحتياطي فلها ذلك وتصدر قراراً بإخلاء سبيل مع حفظ حقها بإحالة المتهم إلي المحاكمة الجنائية وهو مخلي سبيله ويكون من حق المحكمة في هذه الحالة أن تعيد تقسيم الأدلة فتتحفظ وتحبس احتياطياً من سبق أن أخلت سبيله النيابة العامة، وهذا يعني أن قرار النيابة العامة بإخلاء السبيل علي اتجاه النيابة لحفظ التحقيقات المثارة مع المتهم، لأن هناك فرقا كبيرا بين حق النيابة الأصيل في إحالة المتهم وحقها في حبسه وعدم حبسه احتياطياً كيفما تشاء.. ويوضح د.عبيد أنه إذا أحالت النيابة الدعوي إلي المحاكمة الجنائية تصبح المحكمة المختصة هي سيدة الدعوي فتقول في شأنها كلمتها الأخيرة، والقول الفصل في حبس أو عدم حبس أي من المتهمين احتياطياً علي ذمة الدعوي لحين إصدار حكم نهائي فيها، وعند إخلاء سبيل أحد فإن النيابة في ضوء حقها وضمن الاعتبارات التي تراعيها أنه عندما يكون من بين المتهمين أحداث يقل عمرهم عن 18عاما أو طلبة في الثانوية العامة فقد تري ما بشأنه إعمال قانون حماية الطفل وذلك بإخلاء سبيلهم.