أحد المبانى العديدة فى المتحف الزراعى بالدقى احتفلت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بداية الأسبوع الحالي، بالعيد الماسي علي افتتاح المتحف الزراعي رسميا ومرور 83 سنة علي إنشائه، الذي يعد ثاني أقدم متحف زراعي في العالم، وقد شارك في الاحتفال عدد من الوزراء وسفيري الصين ومالي، حيث تم خلال الاحتفالية افتتاح عدد من مشروعات تطوير معظم المتاحف المتخصصة به إلي جانب تفقد متحف المعروضات الصينية به وتجهيز غابة صينية داخل حدائق المتحف . وينفرد متحف مصر الزراعي باقتناء آلاف القطع الأثرية التي يعود تاريخها إلي آلاف السنين وتحكي في مجملها تاريخ أعظم حضارة عرفتها البشرية قامت علي الزراعة ولذلك قامت لجنة مشتركة تضم أساتذة الآثار ورئيس الإدارة المركزية للمضبوطات بوزارة الآثار بعملية فحص لجميع مقتنيات المتحف الأثرية وتسجيلها في المجلس الأعلي للآثار . وقد استغرقت العملية الدقيقة لتطوير المتاحف أكثر من عامين ونتيجة لذلك كان هناك مبنيان فقط من مباني المتحف هما المفتوحان للزيارة أمام الجمهور وأعتقد أنه بعد هذه الاحتفالية ستفتح جميع المباني به للزوار من الساعة التاسعة إلي الرابعة مساء كل أيام الأسبوع بتذكرة دخول 3 جنيهات للوقوف علي تاريخ الزراعة وتطورها في مصر منذ عصر الفراعنة حيث يمثل المتحف بمقتنياته النادرة قبلة للتلاميذ والطلبة والباحثين وعشاق الزراعة. ويعود فضل إنشاء المتحف إلي الملك فؤاد الأول الذي كان يري أنه من الضروري أن يكون لمصر متحف زراعي يقوم بنشر المعلومات الزراعية والاقتصادية في البلاد بصور ونماذج مجسمة، وقد تمت الاستعانة بمصمم المتحف الزراعي في بودابست عاصمة المجر - وهو بالطبع الأقدم من متحفنا - ليقوم بتصميم المتحف المصري ، وقد تبرعت الأميرة فاطمة ابنة الخديو إسماعيل وشقيقة الملك فؤاد الأول بسراياها في حي الدقي لإقامة المتحف الذي صدر قرار إنشائه من مجلس الوزراء في 1927وبدأ تنفيذ التعديلات المعمارية اللازمة لتحويل السراي إلي متحف في مارس1930 وافتتح متحف المملكة الحيوانية في نفس العام وأطلق عليه في البداية اسم متحف فؤاد الأول الزراعي ثم توالت علي مدار السنين الإنشاءات الجديدة به ليصبح 8 متاحف متكاملة، كما يجري حاليا الإعداد لإنشاء متحف الحياة البرية والبيئة ومتحف آلات الري والزراعة، وتبلغ مساحة المتحف الإجمالية حوالي 125 ألف متر مربع تشغل منها مباني المتاحف المختلفة حوالي 20 ألف متر مربع والباقي عبارة عن حديقة واسعة تضم العديد من الأشجار والنباتات النادرة والمسطحات الخضراء إلي جانب حديقتين علي الطراز الفرعوني.. وهذه الحدائق تعد رئة خضراء لأهالي حي الدقي بالقاهرة. في عام 1930تم الانتهاء من إنشاء متحف الثروة الحيوانية وخصص بطابقيه لعرض هذه الثروة من الحيوانات التي كان يربيها الفلاح كالأبقار والماعز والتيران والجمال والحمير والخيول وأيضا الحيوانات الآليفة التي كان يدللها مثل الكلاب والقطط إلي آخره. وبعدها بخمس سنوات انشئ مبني جديد مستقل علي نفس طراز سراي الأميرة فاطمة وذلك لعرض الثروة النباتية في البلاد، وخصص لعرض المحاصيل الحقلية والبستانية والصناعات الغذائية. فالطابق الأرضي به عروض القمح والشعير والذرة والأرز والبصل والثوم أما الطابق العلوي ففيه عروض للألياف والزيوت والبقوليات والاعلاف والقصب والدخان والخضر والفاكهة . كما أقيم مبني آخر ليكون قاعة للمحاضرات والسينما والمكتبة عام 1937 ويقع في الجهة الغربية من المتحفين السابقين وتشمل السينما القطاع الأوسط من المبني وتحتل المكتبة القطاع الجنوبي منه والقطاع الشمالي يشتمل علي مركز أبحاث الفلورا المصرية والمعشبات وأعتقد أنه غير مسموح بزيارته لأنه متحف بحثي . وبعد هذه المباني الثلاثة قام الملك فاروق بافتتاح المتحف رسميا في 16 يناير وسماه باسم والده . وفي عام 1961اضيف متحف البهو العربي ويخلد ذكري اتحاد مصر وسوريا لتكوين الجمهورية العربية المتحدة وعرفت سوريا وقتها بالإقليم الشمالي والمتحف يضم مقتنيات من الجمهورية السورية فيعرض للزراعة والحرف والعادات والتقاليد والأزياء هناك. وبعدها بسنوات طويلة تم بناء متحف الزراعة المصرية القديمة الذي تم تقسيمه إلي متحفين الأول للزراعة في العصر الفرعوني والثاني للزراعة في العصور التالية له. ويتفرد هذا المتحف عن متاحف العالم الزراعية بإقتناء مجموعة أثرية كاملة تقدر بحوالي 3 آلاف قطعة أثرية بالإضافة إلي أنه يضم عروضا تجعله متحفا فنيا للتاريخ الطبيعي. ففي الطابق الأرضي يعرض المتحف كل مايتصل بالنشاط الزراعي قديما والأدوات والآلات الزراعية ويشرح كيف اهتدي إليها المصري القديم وطورها وهناك مجموعة هامة تمثل أغلب الحاصلات التي عرفتها مصر القديمة مع قطع أثرية توضح أهم الصناعات الزراعية والبيئية كانت موجودة في المتحف المصري وعند افتتاحه هذا المتحف تم إعطاؤها له. أما نهر النيل شريان الحياة في مصر فنشاهد له تمثالا لآله النيل يحيط به اولاده ال16 كما يشمل العرض تماثيل للآلهة المرتبطة بالزراعة والملوك الذين اهتموا بالري والزراعة واستصلاح الأراضي ..وفي نفس الطابق توجد ثلاث ديورامات توضح عمليات الصيد والعمليات الزراعية والصناعات الغذائية .وفي الطابق العلوي يبدأ العرض بقاعة البردي وهو من أهم النباتات المائية في مصر القديمة أما الحيوانات فلها صالة عرض خاصة بها حيث كانت ذا قيمة اقتصادية كبيرة للمصري القديم حيث إن بعضها يمثل رمزا في معتقدات المصري الدينية. وانشئت أمام المتحف حديقة نسقت علي الطراز الفرعوني وبها حوض ماء وتماثيل اشتهرت بها مصر القديمة . وهناك متحف القطن وينفرد هذا المتحف بوجود أندر مجموعة للأصول الوراثية للأقطان المصرية والأجنبية ويعرض في تسلسل خطوات زراعية القطن وغزله ونسجه وإنتاج المنسوجات القطنية وهناك مايسمي نسيج الهواء لدقة ورقة صناعته . فضلا عن وجود متحف للمجموعات العلمية وهومقسم علي أساس التصنيف العلمي ويتكون من طابقين يعرض اولهما للمجتمع الريفي وما يتصل بحياة الفلاح المصري. وعاداته وتقاليده وقيمه الأصيلة مع استعراض لأفراحه وفنونه اليدوية والشعبية وحجرة للتغذية السليمة للانسان من المفيد دخولها من جانب الزائر للاستفادة منها، بينما يعرض في ثانيهما الثروة الحيوانية والداجنة والخيول مع التركيز علي الحصان العربي وبه مجموعات محنطة من الطيور البرية والمهاجرة والأسماك والكائنات البحرية . ولا يغفل المتحف عن إلقاء الضوء علي الحشرات العلمية والاقتصادية . وفي عام 2002 كان هناك حاجة ملحة لإنشاء متحف للمقتنيات الفنية لجمع التراث الفني المتناثر في المتاحف والمخازن المختلفة بالمتحف الزراعي ووزارة الزراعة المجاورة له وهو يضم أثاثا مكتبيا ولوحات فنية نادرة للعديد من الفنانين المصريين والأجانب وتماثيل تجسد الزراعة في مصر ومجموعة من المقتنيات الثمينة مثل صور العائلة المالكة السابقة . ومهما كتبنا عن جمال وروعة هذه المجموعة المتحفية النادرة التي تحكي تاريخ الزراعة صانعة الحضارة في مصر فإن مشاهدتها بالصورة وقراءة التعليق أسفلها سيكون أكثر فائدة، فلابد من زيارتها أكثر من مرة بصحبة أطفالكم حتي يتعرفوا علي بلادهم وحضارتها العظيمة لأن زيارة واحدة لاتكفي للإلمام بما يحتويه من مقتنيات.