سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مستشار شيخ الأزهر د.حسن الشافعي ل»آخر ساعة«: مواد الشريعة في الدستور لا تخيف أحدا
الإسلام السني لا يعرف ولاية الفقيه ونعم للدستور تمنع التشيع في مصر عالم الدين دوره الفتوي والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن
د. حسن الشافعى فى حواره مع آخر ساعة أكد مستشار شيخ الأزهر رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة الدكتور حسن الشافعي، أن المواد الخاصة بالشريعة الإسلامية في مشروع الدستور المصري الجديد، لا تثير القلق وأنها جاءت متصالحة مع الواقع المصري، وأن المسيحيين لن يضاروا منها، وأشار في حواره مع »آخر ساعة« إلي أن النص علي "السنة والجماعة" في الدستور جاء للرد علي محاولات اختراق المجتمع المصري من قبل الشيعة، كاشفا عن إجراء الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب لاتصال هاتفي مع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين د.محمد بديع لوقف العنف الذي شهدته مصر مؤخرا، وفيما يلي نص الحوار. ماذا تقول للمصريين الموافقين والمعارضين لمشروع الدستور؟ - أنصح الجميع بالتصويت ب"نعم" في المرحلة الثانية من الاستفتاء علي الدستور، لأن مشروع الدستور تضمن العديد من الإيجابيات للمواطن العادي، ويكفي أنه خصص معاشا للفلاحين ونص علي تخصيص جزء من الميزانية للبحث العلمي، وهو واحد من أرقي الدساتير في عالمنا العربي، ومن يقرأ الدستور سيفتخر بما فيه من مواد جاءت متفقة مع أهداف الثورة من الحرية والعيش والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية. كيف تري مستقبل مصر حال إقرار الدستور؟ - إذا هدأت هذه الزوبعة ومرت عملية الدستور بسلام، فإن الجميع عليه أن يعود إلي قواعده، فالمعارضة عليها أن تمارس دورها في معارضة النظام وفقا للقواعد المتبعة في العالم بعيدا عن العنف وهو مرفوض سواء جاء من المنتمين إلي اليمين أو اليسار. ما رأيك في مسودة الدستور بصفتك ممثل الأزهر الشريف داخل الجمعية التأسيسية؟ - هي مسودة تعبر عن مجهود رائع بذل بصدق وإخلاص من أجل إقرار دستور يليق بجميع المصريين، والدستور الجديد فيه عدد من المواد الجديدة التي لم تشهدها مصر من قبل، فالمادة الثانية تقر مبدأ المواطنة من خلال الاحتكام إلي مبادئ الدين المسيحي واليهودي في أمورهم الدينية، كما حفظت الكرامة الانسانية لأول مرة في الدساتير المصرية بل إن الدستور نص علي حفظ كرامة أي إنسان علي أرض مصر ولو كان أجنبيا، كما نص الدستور لأول مرة علي حرية إصدار الصحف وتكوين الأحزاب والجمعيات والنقابات بمجرد الإخطار، وغيرها من المواد التي ستجعل مصر أفضل. لكن البعض لديه اعتراضات علي بعض مواد الدستور؟ - ومن ليس لديه اعتراضات؟!، أنا شخصيا سجلت اعتراضي علي مادة العزل السياسي التي عانيت منها شخصيا لمدة عشر سنوات في عصر الرئيس جمال عبد الناصر، خصوصا أن المواثيق الدولية تعتبر العزل السياسي معيبا، ومع ذلك سأصوت بنعم علي الدستور، فقد لا ترضيك مادة أو أكثر لكن يظل مجمل الدستور في النهاية جيدا، فلو اعتقد أي مصري أن مواد جميع الدستور لابد أن يوافق عليها كلها فهذا أمر مستحيل، وغاية لا تدرك. ما ردك علي تخوف البعض من استغلال الدستور لتكوين جماعات الأمر بالمعروف تحت مسمي الحفاظ علي الأخلاق؟ - هي مخاوف لا أساس لها من الصحة، فالدستور لا يقر تأسيس أفراد لهيئة مستقلة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعندما اعترض البعض علي صياغة المادة العاشرة التي تنص " يحرص المجتمع علي الآداب العامة وتقوم الدولة بحمايتها" قمنا بحذفها من مسودة الدستور النهائية حتي لا يساء استخدامها أو تفسيرها من قبل أي جماعة أو فرد، كما أن تفسير مبادئ الشريعة أصبح من اختصاص هيئة كبار العلماء وهي حامية الوسطية في مصر. هذه المادة تحديدا أثارت مخاوف لدي البعض بقولهم إنها تفتح الباب لدولة دينية. كان أمامنا ثلاثة احتمالات إما أن نقر "أحكام الشريعة" أو "الشريعة" أو مبادئ الشريعة"، فإذا اعتمدنا صيغة الشريعة وأحكامها، فسيعني ذلك أن كل الأحكام التفصيلية في كتب الفقه الإسلامي ستكون هي مصادر التشريع وهذا يتضمن الحدود، فقلنا نحن في الأزهر إن الدين الإسلامي والتشريع قائم علي التدرج، ورسول الله يقول خاطبوا الناس بما يعقلون أتريدون أن يكذب الله ورسوله. وقد رأينا أن الأخذ بأحكام الحدود ما لا يناسب المجتمع المصري الآن في مرحلته الحالية لذلك اكتفينا بما هو موجود في دستور 1791 بالنص علي مبادئ الشريعة الإسلامية وهي تشمل أدلتها الكلية وهي القرآن والسنة والإجماع والقياس، وقواعدها الأصولية والفقهية وفقا لعلم أصول الفقه، ومن يعرف هذه الأمور هم رجال هيئة كبار العلماء في الأزهر الذين نأخذ رأيهم في مثل هذه الأمور ورأيهم ليس إلزاميا، وهو وضع معمول به في القضاء المصري حاليا ففي حالة الإعدام يؤخذ رأي المفتي في حكم الإعدام، وفي جميع الحالات لا يخالف القاضي رأي المفتي لأن القواعد واحدة، أما الإضافة الأخيرة في المادة 912 فهي "مصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة" لا تضيف جديدا من ناحية التشريع فمصادرها المعتبرة هي أدلتها الكلية ولكنها وضعت لمواجهة التشيع الذي بدأ يشق نسيج المجتمع المصري من خلال الحسينيات فقيل إن الأفضل حصر الأدلة الكلية بما هو موجود في مذاهب أهل السنة والجماعة، فالتصويت ب"نعم" يمنع التشيع في مصر، ولا علاقة للمادة بالإخوة المسيحيين. لماذا لم يتم النص علي مدنية الدولة في الدستور؟ - كلمة المدنية تعني الدولة التي لا تخضع لسلطان رجال الدين، والإسلام وخصوصا مذاهب أهل السنة ليس فيها ولاية الفقيه، وليس للعالم المسلم إلا أمران وهما الدعوة لله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن، والفتوي إذا سئل بما قال الله ورسوله، والدستور يقول الأمور الإسلامية يستفتي فيها رأي هيئة كبار العلماء وليس شيخ الأزهر، وليس هناك علمانيون بالمعني الغربي وإنما هناك ليبراليون ومتشددون في الليبرالية فهناك من كان يقول داخل التأسيسية لا نريد أي رائحة دينية في الدستور وليست هذه طبيعة الشعب المصري الذي هو شعب متدين بطبعه منذ أيام الفراعنة، وليست هذه آراء مذاهب سياسية تعارض بل هي طبيعة الشعب المصري، لذلك فضلنا الابتعاد عن مواطن الجدل فلم ننص علي مدنية الدولة لأن البعض فسرها خطأ بأنها دولة لا دين فيها لذا أخذنا روح ومعني المدنية وقلنا "دولة دستورية ديمقراطية وطنية حديثة" وهي عبارة تلخص مفهوم المدنية. ما ردك علي اتهامات البعض للأزهر بعدم الحيادية في الأزمة التي تمر بها البلاد؟ هذا ما لم يكن ولن يكون، الآن يتهمون الأزهر بممالأة القوي الإسلامية، وفي بعض الأيام خصوصا بعد ثورة 52 يناير قيل إن الأزهر ينحاز للعلمانيين وأن الأزهر يهتم بلقاء المثقفين ولا يهتم بالتيارات الإسلامية، ويكفي أن أدبيات الثورة عندما تكتب سيكون لوثائق الأزهر الخمس الخاصة بمدنية الدولة وحقوق المواطنة والمرأة مكان، كما أن الأزهر لعب دورا في رأب الصدع مرات عديدة بين القوي السياسية علي الكثير من الأمور الخلافية، وعندما اشتعلت الأمور وتعقدت الأسبوع الماضي وسالت الدماء عمل شيخ الأزهر أقصي ما في جهده لوقف هذا التصعيد فالتقي بعدد من رموز الأطياف السياسية المختلفة، واتصل بالمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع وطالبه بعدم الاحتكاك وعدم تمكين أي جهة بزيادة الاحتقان أو وضع المزيد من الزيت علي النار، ووعده المرشد بالأخذ برأيه مطالبا شيخ الأزهر بإقناع بقية القوي السياسية بالتهدئة، واستأذن المرشد شيخ الأزهر في أن تقام صلاة الجنازة علي من مات من جماعة الإخوان داخل الجامع الأزهر وهو ما وافق عليه الإمام الأكبر، والشيخ مازال يحاول رأب الصدع بين الجميع وأصدر أكثر من بيان لدعوة القوي السياسية بالجلوس علي طاولة الأزهر لبحث كل الأمور الخلافية والوصول إلي مخرج من الأزمة. ما رأيك في وضع مصر الآن؟ في الحقيقة لست سعيدا تماما بطبيعة الأداء السياسي الذي نراه في مصر حاليا، ولكن بكل أمانة الدكتور محمد مرسي في أصعب الأوقات فالشعب مشتت والدولة غير متجمعة الأوصال والاقتصاد يعاني والمعارضون لا يمارسون السياسة بالوسائل العادية بل يمارسون العنف ولا يحترمون آراء الخصوم وهذا يصدق علي الجميع. الرئيس قال أكثر من مرة أعينوني فمن أعانه؟ لا أحد؛ فعلينا أن نعمل معا من أجل الخروج من عنق الزجاجة، ففي النهاية هذه دولتنا وينبغي أن نعمل معا وأن نعذر الجميع لأن أدواتنا ليست جاهزة. وهناك حالة من عدم الاستقرار في المشهد والتشويش علي المواطنين، والمفترض من الجميع الحث علي الهدوء، فمثلا يجب ألا نذهب إلي الدستورية أصلا فالتظاهر أمام المحكمة الدستورية خطأ، وهو مخالف للتقاليد والأصول، التي ينص قانونها علي ضرورة عدم وجود أي من قوات الجيش أو الشرطة في محيطها لضمان نزاهة أحكامها إلا إذا طلبت هي التأمين، كذلك لماذا يحتك المتظاهرون ببعضهم البعض، هذا أعلن أنه سيتظاهر في التحرير وذاك أعلن أنه سيحتشد في مكان آخر فلماذا يذهب هذا الفريق إلي ذاك أو العكس، وعلينا أن نوقف المسيرات الجوالة لأنها قد تشتبك مع مسيرات معارضة ما يوقع الاشتباك بينهم، لقد أصبح البعض كالمجتمع الأمريكي لا يستطيع أن يحيا إلا من خلال صناعة عدو متوهم، ولكن إذا ما كانت أمريكا تبحث عن عدو خارج أراضيها فإننا في مصر للأسف يصنع كل فصيل سياسي عدوه من داخل الوطن، وهو واقع سياسي لا نملك أمامه إلا الشكوي والمطالبة بإعلاء مصلحة الوطن فوق جميع الخلافات، فأنا أحمل الجميع مسئولية العنف في الشارع.