وزير الدفاع يتفقد قوات المظلات والصاعقة ويمر على ميدان الاقتحام الجوي وجناح القفز    محافظ مطروح: انتهاء موسم السياحة الخارجية بوصول 436 رحلة طيران شارتر لمطاري العلمين ومرسى مطروح    محافظ الغربية يتابع رصف طبقة الأسفلت بشارع البروة في بسيون    وزير المالية: 3 أولويات لتعزيز البنية المالية الإفريقية في مواجهة التحديات العالمية    باحث سياسي: الاحتلال أرجع غزة عشرات السنوات للوراء    موسيالا يعود لقائمة بايرن ميونخ ضد برشلونة فى دورى أبطال أوروبا    عاجل - مرتضى منصور يعتذر عن أزمة مدير الكرة: العلاقة بين مصر والإمارات وثيقة وتاريخية    تفاصيل مداهمة الأمن مصنعًا للأدوية والفيتامينات المغشوشة بالقاهرة    محافظ كفرالشيخ: تشغيل المخابز على مستوى المحافظة من الساعة ال5 صباحًا يوميًا    كلاكيت تاني مرة.. روبي ونيللي كريم في عمل فني جديد رمضان 2025    محافظ أسوان يتفقد مشروع إنشاء قصر الثقافة الجديد في أبو سمبل    شيرين وأنغام ونجوى كرم، تفاصيل أبرز حفلات النجوم بدبي قريبا    إعلام الاحتلال: نتنياهو وبلينكن يعقدان اجتماعا لا يزال مستمرا منذ ساعتين    ولاء الشريف في أحدث ظهور لها من تأدية مناسك العمرة    وزير الصحة يشهد جلسة نقاشية حول التعليم كركيزة أساسية لتحقيق التنمية البشرية المستدامة    الصحة: قدمنا بلاغا للنائب العام ضد صاحبة فيديو فساد تطعيمات طلاب المدارس    حتى عام 2027.. مفاجأة بشأن تجديد عقد محمد صلاح مع ليفربول    حبس المتهمين في واقعة تزوير أعمال سحر ل مؤمن زكريا لمدة 3 سنوات    وصول عدد من الخيول المشتركة فى بطولة مصر الدولية للفروسية    جيش الاحتلال يعتدي على المزارعين الفلسطينيين    خبير اقتصادى: وجود مصر فى مجموعة "بريكس" له مكاسب عديدة    الطب الشرعي يفجر مفاجأة في اتهام موظف مدرسة إعدادي بالتح.رش بالطالبات    صلاح البجيرمي يكتب: الشعب وانتصارات أكتوبر 73    النائب العام يلتقي نظيره الإسباني لبحث التعاون المشترك    بعد تحريك أسعار البنزين.. هل أتوبيسات المدارس الخاصة تتجه للزيادة؟    الدفاعات الجوية الأوكرانية تسقط 42 مسيرة روسية خلال الليلة الماضية    رسالة غريبة تظهر للمستخدمين عند البحث عن اسم يحيى السنوار على «فيسبوك».. ما السر؟    «سترة نجاة ذكية وإنذار مبكر بالكوارث».. طالبان بجامعة حلوان يتفوقان في مسابقة دبي    وزيرة التضامن ب«المؤتمر العالمي للسكان»: لدينا برامج وسياسات قوية لرعاية كبار السن    وزير التعليم العالي: بنك المعرفة ساهم في تقدم مصر 12 مركزًا على مؤشر «Scimago»    حبس سيدة تخلصت من طفلة بقتلها للانتقام من أسرتها في الغربية    ذوي الهمم في عيون الجامع الأزهر.. حلقة جديدة من اللقاء الفقهي الأسبوعي    لهؤلاء الطلاب بالأزهر.. إعفاء من المصروفات الدراسية وبنود الخدمات - مستند    طلقت زوجتي بعد خيانتها لي مع صديقي فهل ينفع أرجعها؟.. وعضو الأزهر للفتوى تجيب- فيديو    رئيس القومي للطفولة والأمومة: 60%؜ من المصريات يتعرضن للختان    مقابل 3 ملايين جنيه.. أسرة الشوبكي تتصالح رسميا مع أحمد فتوح    ألمانيا تسجل أول حالة إصابة بفيروس جدري القرود    الرعاية الصحية: انجاز 491 بروتوكولًا إكلينيكيًا ل الأمراض الأكثر شيوعًا    حقيقة الفيديو المتداول بشأن إمداد المدارس بتطعيمات فاسدة.. وزارة الصحة ترد    السجن المشدد 6 سنوات ل عامل يتاجر فى المخدرات بأسيوط    رئيس "نقل النواب" يستعرض مشروع قانون إنشاء ميناء جاف جديد بالعاشر من رمضان    رئيس لجنة الحكام يحسم الجدل.. هل هدف أوباما بمرمى الزمالك في السوبر كان صحيحيًا؟    منافس الأهلي - كريسبو: شباك العين تتلقى العديد من الأهداف لهذا السبب    الرئيس الإندونيسي يستقبل الأزهري ويشيد بالعلاقات التاريخية بين البلدين    برغم القانون الحلقة 28.. فشل مخطط ابنة أكرم لتسليم والدها إلى وليد    فيفي عبده تتصدر تريند جوجل بسبب فيديو دعم فلسطين ( شاهد )    رئيس الوزراء الباكستاني يوجه بإرسال مواد إغاثية فورًا إلى غزة ولبنان    مجلس النواب يوافق على تشكيل لجنة القيم بدور الانعقاد الخامس    أمين الفتوى: احذروا التدين الكمي أحد أسباب الإلحاد    وزير الزراعة يطلق مشروع إطار الإدارة المستدامة للمبيدات في مصر    انعقاد مجلس التعليم والطلاب بجامعة قناة السويس    إسرائيل تعلن القبض على أعضاء شبكة تجسس تعمل لصالح إيران    بعد إعلان التصالح .. ماذا ينتظر أحمد فتوح مع الزمالك؟    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    مواعيد صرف مرتبات أكتوبر، نوفمبر، وديسمبر 2024 لموظفي الجهاز الإداري للدولة    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    إبراهيم عيسى يكشف سبب مطالبة الرئيس السيسي بمراجعة برنامج صندوق النقد    ثروت سويلم: قرعة الدوري ليست موجهة.. وعامر حسين لا يُقارن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صوت بلادي
مابين التصالح والقصاص
نشر في آخر ساعة يوم 04 - 09 - 2012

ففي المرة الأولي التي أثيرت فيها كان الرفض هو الرد القاطع من قبل الأغلبية.. لم يكن أحد يستسيغ بعد شهور قليلة من الثورة ومازالت فيها دماء الشهداء لم تجف علي أرض الميدان أن يتم التصالح مع رءوس الفساد الذين لم يكتفوا بتجريف ثروات البلاد لحسابهم فقط بل امتد بشكل فاجر لحساب أحفادهم وربما لأحفاد أحفادهم.. كان النهب جنونيا وب »افترا« كما يقول العامة.
هكذا جاء رفض التصالح قاطعا في المرة الأولي .. أما في الثانية فكان أقرب لأمر واقع فرضه مرسوم بقانون أصدره المجلس العسكري فجأة وبدون مقدمات وفي توقيت مريب قبل أيام ثلاثة فقط من انعقاد أولي جلسات مجلس الشعب وفتح القانون الباب أمام الدولة للتصالح مع رجال الأعمال الحاصلين علي مساحات من الأراضي وتراخيص مشروعات استثمارية في عهد النظام السابق وبمقتضاه يجوز التصالح مع المستثمر في الجرائم التي ترتكب بصفته أو بشخصه أو التي اشترك في ارتكابها.. ويشترط التصالح أن يرد المستثمر كافة الأموال أو المنقولات أو الأراضي والعقارات محل الجريمة ومايعادل قيمتها السوقية وقت ارتكاب الجريمة إذا استحال ردها العيني.. علي أن يتم تحديد القيمة السوقية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر قرار بتشكيلها من وزير العدل.
وبالرغم من رفض البعض لمرسوم القانون ليس فقط لما يحمله من شبهة تواطؤ مع رءوس الفساد وإنما أيضا لأنه يفتح الباب لمزيد من عمليات الفساد في المستقبل.. بل إن بعض الخبراء الاقتصاديين وقتها رأوه بأنه يعطي إشارة سلبية علي مناخ الاستثمار في البلاد علي عكس آخرين تعاملوا مع القانون علي أنه خطوة مهمة تدفع عجلة النمو الاقتصادي وتعمل علي جذب الاستثمار وترسل إشارة طمأنة للعالم حول مناخ الاستثمار في مصر وهو مايغري رءوس الأموال ويشجعها علي التدفق إلي شرايين الاقتصاد المصري مرة أخري لم يتوقف الأمر عند الجدل الاقتصادي بين مؤيد ومعارض بل تخطاه لجدل فقهي بين من يري ضرورة القصاص من ناهبي ثروات البلاد ممن أفسدوا اقتصادها ودمروه وحرموا الأغلبية المطحونة من الشعب ليس فقط من خيرات وطنهم وإنما حرموهم حتي من مجرد حياة آدمية كريمة.
علي الجانب الآخر تحمس بعض رجال الدين لمبدأ التصالح وعلي رأسهم الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية والذي أجاز التصالح مع رجال الأعمال مقابل رد ما سرقوه.. مبرر جمعة الذي ساقه وقتها أن استيلاء البعض علي الأراضي بطرق بعضها قانوني وبعضها غير قانوني ورغم أنها تعد إهدارا للمال العام إلا أنها لا ينطبق عليها حد السرقة المشار إليها في الآية فهي ليست من السرقة الفقهية.. إلا أنها بالطبع حرام.. ولكن يجوز التفاوض مع هؤلاء الذين قاموا بهذه الجريمة مقابل رد ما اغتصبوه إلي خزينة الدولة وبالتالي يصل لمستحقيه الأصليين وهو الشعب.
البعض إذا تعامل مع التصالح علي أنه صورة من صور التوبة يجوز واعتبروا أن تنازل المفسد عن كل أشكال فساده هي نوع من إبداء حُسن النية وبداية للتوبة والندم والإقلاع عن الفساد رغم تحمس البعض لقانون التصالح ورغم المبررات التي ساقها هؤلاء للإقناع بعدم جدوي القصاص مادام السير في هذا الإتجاه لن يفضي إلي رد الأموال المنهوبة وبالتالي يضيع علي البلاد مئات الملايين وربما مليارات هي في أمس الحاجة إليها خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها منذ قيام الثورة وحتي الآن.
حالة الجدل بين مؤيد القصاص ومؤيد التصالح لم تتوقف منذ أثيرت هذه القضية قبل أكثر من عام ونصف حتي الآن.. إلا أن تواتر الحديث الآن حول اتجاه الدكتور محمد سليم العوا مستشار الرئيس للعدالة الانتقالية لدراسة قوانين عدة دول للوصول إلي تشريع مصري يسمح بالمصالحة مع رموز النظام السابق المحبوسين حاليا في ذمة قضايا فساد.. هذا الاتجاه أعاد الجدل مرة أخري بشكل حاد وربما أكثر غضبا من قبل البعض.
فبغض النظر عما أحيط من شبهات حول قيام العوا تحديدا لتبني هذا الملف والمعروف أنه محامي أحد المتهمين بالفساد كما كشفت المصادر لجريدة المصري اليوم ونشرته يوم الإثنين قبل الماضي.. بغض النظر عن هذه الشبهات التي تضع علامات استفهام كثيرة وتنال من مصداقية وشفافية وأحد أهم مستشاري الرئيس وتفتح بالتالي باب الشكوك وربما اليأس من أن عهدا جديدا قد بدأ لامجال فيه لاستغلال النفوذ ولا تزاوج المصالح ولا تبادل المنفعة علي حساب الوطن.
بغض النظر عن هذه النقطة رغم خطورتها وأهميتها إلا أن الأخطر ماتحمله من مؤشرات سلبية من أن الفساد مهما بلغ من فجره وأن الفاسدين مهما بلغت من جرائمهم فإن أحدا منهم لن ينال عقابه.
أعتقد أن هذه هي الرسالة الأخطر التي يحملها لنا قانون التصالح.. رغم كل مايقال عن أهمية رد الأموال المغتصبة ومدي حاجة خزينة البلاد لها إلا أن الشق السياسي هو الأهم.. إذا كنا نرغب حقيقة في فتح صفحة جديدة لامجال فيها للفساد ولا موطن فيها للمفسدين علينا بالقصاص أولا.. أن يصبح هؤلاء عبرة حتي لاتسول لآخرين أنفسهم السير في نفس الطريقة واستباحة ثروات البلاد.. لا أري أي تعارض من أن تصادر ممتلكات هؤلاء بالقانون ويتم محاسبتهم بشكل جدي واسترداد كل ما اغتصبوه من أموال وفوق ذلك يدفعون ثمن جرائمهم من أعمارهم فيقضون سنوات منها في السجون.. في القصاص حياة هكذا علمنا ديننا.. أما التصالح مع المفسدين دون جزاء رادع فهو الهلاك بعينه.. دعونا نشعر أن شيئا ماتغير فيكفينا ما نتلقاه كل يوم من صدمات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.