يبدو أن أسرائيل سوف تفلت كالمعتاد من الضعوط الشعبية والرسمية الدولية ، وتحول مأساة حصار قطاع غزة إلي وسيلة لتحقيق مصالحها وأهدافها الاستراتيجية ، قبل موافقة مجلس وزراء الكيان الصهيوني علي تخفيف الحصار ، أعلن وزير المواصلات ضرورة التخلي تماما عن قطاع غزة ، وطالب بفتح معبر رفح بصفة مستمرة ، ليصبح البوابة الوحيدة لتوفير احتياجات مليون ونصف المليون مواطن ، من الماء والكهرباء والبترول والمواد الغذائية ، المثير للدهشة وربما للغضب أن كثيرا من الأصوات العربية ومعها حماس تتفق مع الوزير الإسرائيلي في الفتح الدائم لمعبر رفح ، وتجاهل المعابر السبعة التي تربط غزة بالوطن الفلسطيني ، خطوة لو تحققت فإنها تعفي إسرائيل من التزاماتها الدولية تجاه غزة وسكانها باعتبارها قوة أحتلال، إلي جانب تداعياتها الخطيرة علي الأمن القومي المصري ، سوف تؤدي إلي تصفية القضية الفلسطينية بالكامل ، واستبدال حل الدولتين الذي يحظي بقبول عربي ودولي ، بحل دولة واحدة يهودية عنصرية ، تقمع أصحاب الأرض الحقيقيون الذين يعيشون في الضفة الغربية وسط متاريس وحواجز وجدار فصل عنصري، الخلافات الداخلية والمصالح الشخصية وسوء التقدير منع العرب علي مدي فترات الصراع الطويل مع الكيان الصهيوني من أستثمار الفرص العديدة التي أتيحت لتشكيل قوة ضغط دولية لصالح الحقوق العربية المشروعة، حتي التعاطف الشعبي الدولي غير المسبوق الذي حدث في أعقاب العدوان علي غزة ، ثم الهجوم الهمجي علي قافلة الحرية ، لم ينجح العرب في توظيفه من خلال خطوات وضغوط حقيقية ،بينما الخلافات داخل البيت الفلسطيني تمنح العدو مساحات غير محدودة للمناورة والالتفاف علي الضغوط ، ربما تفتح إسرائيل جميع المعابر بضعة أيام ، لكن يكفي انطلاق صاروخ واحد من داخل القطاع ليعيد الأوضاع إلي ماهو أسوأ ، أو تؤدي التعقيدات حول آليات الرقابة علي المعابر ، إلي عودة الحصار لنقطة الصفر ، خصوصا في ظل انقسام واضح حول أجندة حل القضية ، بالمفاوضات العبثية ، أو الصواريخ الطائشة ، أو النضال بالميكروفونات.