عشرة أصابع لا تكفي لعد أحلام المصريين التي باتت تلاحقهم كظلال، لذلك أطلب منك أن تستعين بشعرات رأسك كي نحصي معاً أمنيات وأحلام تجددت بعد ثورة 52 يناير، أمر مرهق.. فكل يوم قد يطول بنا الخيال إلي ما هو أبعد من خيال اليوم الماضي، خاصة بعد ما عاناه المصريون في ظل النظام السابق من انسداد الأفق وضياع الحلم وافتقاد الرؤية لمستقبل آمن، الآن هم يريدون عصا سحرية لتحقيق أحلامهم كي يشعرون أن ثورتهم التي نادت ب(عيش- حرية- عدالة اجتماعية)، لم تخيب ظنهم في تمني عيشة هنية لا يشوبها أي معاناة السؤال الذي يفرض نفسه الآن: هل سيحقق الرئيس أحلام البسطاء من المصريين؟ فئة كبيرة من المواطنين الذين ذهبوا إلي صناديق الاقتراع لاختيار مرشحهم بغض النظر عن توجهاته السياسية، نزلوا من أجل انتخاب من يستطيع أن يحقق مطالبهم العامة التي يشترك فيها المصريون بطوائفهم المختلفة، فإذا سألت أحدهم: ماذا ترغب من الرئيس القادم؟ تجد ردودا تلقائية، فيقول عم هاني (54 عاما) نفسي الرئيس يقضي علي البطالة، ويوفرلنا فرص عمل في أي مجال.. الحياة بقت صعبة.. وناس كتيرة فقدت شغلها بعد الثورة.. لازم نشعر بأن البلد شايلة همنا". أما الحاجة زينب، (ربة منزل)، فتري أن استعادة الأمن من أهم المطالب التي لابد أن يحققها الرئيس في أقل وقت ممكن، وتضيف " البلطجية دلوقتي في كل مكان، وبيطيحوا في أي حد.. وإن خطر ببال أي واحد أنه يدافع عن نفسه.. رقبته هتطير". "الأمية والفقر" أصعب ما سيواجهه الرئيس حسبما تؤكد أماني فؤاد، موظفة، التي تحلم بأن يقل عدد الفقراء خلال السنوات القادمة، وأن يرتفع المستوي التعليمي للمواطنين بحيث يقل أيضا الجهل والأمية، مما يجعلنا نشعر بتقدم كبير في المجتمع. تقول د. أميرة الشنواني، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن الرئيس سيواجه كما هائلا من المشاكل المتراكمة في جميع قطاعات الدولة، الأمر الذي يتطلب منه أن يحسن اختيار معاونيه ووزرائه ممن يتمتعون بالعلم والمعرفة والكفاءة والخبرة، فضلاً عن النزاهة وليس أهل الثقة كما حدث في النظام السابق، وذلك حتي يتمكن خلال فترة رئاسته الأولي -المحدد لها أربع سنوات طبقاً للإعلان الدستوري الصادر يوم 03 مارس 1102 تحقيق بعض أحلام المصريين التي عبرت عنها مطالب الثورة. وتضيف د. أميرة أنه رغم أهمية جميع الملفات والتي سوف يجد الرئيس صعوبة في ترتيب أولوياتها إلا أنه لا شك أن الملف الأمني يجب أن يأتي علي رأس هذه الأولويات حتي يشعر المواطن بالأمان داخل وطنه، كما أنه سيخدم عددا لا بأس به من الملفات والقضايا الآخري؛ فعودة الأمن يترتب عليه عودة السياحة، وعودة الاستثمار سواء الأجنبي أو المحلي، وبالتالي تعود عجلة الإنتاج إلي الدوران وتوفير فرص عمل للشباب. وتؤكد أنه في زحمة الملفات والقضايا المختلفة التي ستكون أمام الرئيس فإن قضية تعمير سيناء يجب أن يكون لها أولوية أخري نظراً لأهميتها القصوي للأمن القومي، وضرورة سيطرة السلطات الأمنية عليها لما تعانيه حالياً من عدم استقرار أمني، ولا يخفي علي أحد المطامع الإسرائيلية في سيناء خاصة مع وجود جنود إسرئيليين حالياً علي الحدود بادعاءات أن مصر غير قادرة علي حماية حدودها، كما أن تعمير سيناء سيكون له مردود اقتصادي ضخم لما سيوفره من فرص عمل. بينما يجد د. رشاد عبد اللطيف، أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان، أنه لن يستطيع تحقيق أحلام المصريين، لأن الاحتقان الموجود بين القوي في المجتمع سواء كانوا (أحزابا أو حركات) سوف يعوقه إلي الوصول لأهدافه، كما أن غياب الأجهزة الرسمية سيؤثر بالسلب بعدما أصبحت مكتوفة الأيدي بدون أي استراتيجية قوية لمصر، بالإضافة إلي أن 05٪ من المصريين لم يذهبوا إلي صناديق الانتخاب، وهؤلاء هم الكتلة الصامتة الحقيقية التي لو تمسكت بصمتها لن يحقق الرئيس أية أهداف. يواصل: ولكي يحقق الرئيس أحلام الشعب يجب توافر 6 متطلبات، وهي أن يكون قوياً وقادراً علي تحقيق الاستقرار والأمن للشعب، أن يفتح ملف (البطالة) لتوفير فرص عمل من أجل سد جوع الفقراء، يليه فتح ملف (التعليم) في مراحله المختلفة "الإبتدائية والإعدادية والثانوية" والاهتمام بطلاب الجامعات وتطوير البحث العلمي، أن يهتم بصحة المصريين فهناك الكثير من المصابين بالفشل الكلوي والسرطان فلابد من معالجتهم حتي لا يشعر المصري بالذل، تقديم المساعدات للفئات المهمشة فنحن وصلنا لمرحلة شديدة من البؤس فيما يتعلق بالبعد الاجتماعي ولم نجد أحدا يحدثنا عن المعاقين أو العنوسة، وأخيرا لابد أن يشعر سكان المحافظات الحدودية أنهم ينتمون إلي المجتمع وذلك عن طريق إعادة الاستقرار الأمني لهم. ووجه عبد اللطيف رسالة إلي الرئيس " ابدأ بأحلام البسطاء تصل إلي القمة "، لأن المصريين عرفوا الطريق إلي الميدان ولن يرضوا بالذل والهوان مجددا، وعليك أن تضع قواعد رادعة تحفظ كرامة المواطن والبلد. أما د. كريمة الحفناوي، عضو الجمعية الوطنية للتغيير، فتري أن المصريين هم من سيجبرون الرئيس علي تحقيق أحلامهم المختلفة من زيادة الأجور، وتخفيض الأسعار، وحل مشكلة الإسكان، والقضاء علي البلطجة.. وغيرها، وإذا آمن الرئيس بالثورة وقام بتدعيمها وأدرك أن الشعب أصبح يحاسب ويراقب المسئولين، وأنه لو فعل إصلاحات ضعيفة بالتأكيد ستظل الثورة مستمرة لحين إنجاز آخر أحلام المصريين. وأكدت د. كريمة علي ضرورة وعي الرئيس بأنه لن يستطيع أن يحقق أية إنجازات بمفرده، فلابد من تشكيل فريق رئاسي من كافة الكفاءات المختلفة وحكومة ائتلافية للانتقال بمصر من مرحلة هدم سياسات النظام البائد إلي وضع سياسات جديدة، وأن يتنازل عن طموحاته الخاصة، وأن يكون هناك حرية تداول المعلومات ومساحة من المصارحة والشفافية بينه وبين شعبه، بجانب وضعه خطة زمنية لتحقيق مطالب الشعب كي يصبروا علي تحقيق باقي أحلامهم. وأوضح د. محمد حسين، أستاذ السياسة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الرئيس لن يستطيع أن يحقق الكثير من الإنجازات لأننا نعاني من فساد كبير في كافة مؤسسات الدولة، لكن هذا لا يمنعه من وضع الأساسات اللازمة لكافة المشاكل في فترة رئاسته للجمهورية، فبعد أربع سنوات سنشعر بتغيير حقيقي يجعلنا ندرك كافة الأمور. واستطرد " احتمال كبير أن يواجه الرئيس في الشهور الأولي للحكم احتجاجات فئوية كثيرة تطالبه بتنفيذ مطالبهم فوراً، في هذه الحالة عليه أن يستمع إليهم ويبذل كل جهده لحل مشاكلهم".