السادات ومبارك قبل اغتياله تسلم محافظة المنوفية سلطة رئيس الجمهورية بعد 41عاماً من احتكار سدة الحكم في مصر، وتستعد محافظة الشرقية إلي قيادة البلاد لأربع سنوات مقبلة في حال فوز أي من المرشحين اللذين يخوضان جولة الإعادة وهما د.محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، والمرشح المستقل الفريق أحمد شفيق، كلاهما من أبناء الشرقية، حيث شغل اثنان من أبناء المنوفية منصب الرئيس، الأول هو الرئيس الراحل محمد أنور السادات لمدة 11عاماً، وعقب وفاته تولي الحكم نائبه محمد حسني مبارك لمدة30عاماً إلي أن أطاحت به ثورة 25يناير2011 في مقابل 16عاماً احتكرت فيها محافظة أسيوط في صعيد مصر الحكم في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي ينتمي إليها، بطبيعة الحال تربط أي مسئول حتي إذا كان الرئيس علي علاقة ببلده، لكن شكل هذه العلاقة ومدي اهتمامه بأبناء محافظته وتذكره أصله اختلف من السادات إلي مبارك ،"آخرساعة" تفتح هذا الموضوع للتعرف أكثرعلي محافظة المنوفية ورموزها. أطلق اسم المنوفية نسبة إلي مدينة منوف وهي مدينة فرعونية قديمة اسمها "بير نوب" أي بيت الذهب حيث كان يوجد بها مناجم للذهب ثم أصبح اسمها القبطي "بانوفيس" وبعد الفتح الإسلامي لمصر قلبت الباء ميم في اللغة العربية فأصبحت "مانوفيس" وعلي مدار الأجيال المتعاقبة أصبحت تنطق بالعامية "منوف" اختصاراً لاسم "مانوفيس" وظلت منوف عاصمة لإقليم المنوفية منذ الفتح الإسلامي وحتي 1826م ثم نقل محمد علي عاصمة المديرية من منوف إلي مدينة شبين الكوم لتوسط موقعها بين أنحاء المديرية، تقع محافظة المنوفية شمال القاهرة في جنوب دلتا النيل، وأكبر مدنها مدينة السادات المستقطعة من محافظة البحيرة منذ عام 1991 وقد بلغ عدد سكان المحافظة حوالي 3580000حسب التعداد التقديري لعام 2011 ومساحتها 2543.03كم2 وينحصر حوالي نصف مساحة المحافظة فيما بين فرعي نهر النيل دمياط ورشيد بينما النصف الآخر يمتد كظهير صحراوي غرب فرع رشيد ليضم مركز السادات أكبر مراكز المحافظة، وتتألف المنوفية بشكل عام من تسعة مراكز إدارية تضم عشر مدن هي (شبين الكوم، منوف، السادات، سرس الليان، أشمون، الباجور، قويسنا، بركة السبع، تلا، الشهداء )، تصل نسبة الأمية بمحافظة المنوفية إلي7.36٪ من إجمالي السكان . تعتبر الزراعة هي النشاط الاقتصادي الرئيسي لسكان المحافظة، لأن أراضي المنوفية القديمة فيما بين فرعي النيل تتميز بخصوبة التربة ووفرة مياه الري بشكل دائم من نهر النيل، كذلك الزراعة موجودة بصحراء مركز السادات عن طريق استصلاح الأراضي، وتشتهر المحافظة بإنتاج محاصيل القطن والذرة الشامية والقمح، كما تساهم المحافظة في النشاط الصناعي حيث يوجد بها صناعات كبري مثل صناعة الغزل والنسيج وتنفرد المنوفية بصناعة السجاد الحريري بقرية ساقية أبوشعرة الذي يتم تصديره إلي الخارج علاوة علي صناعة المشغولات الصدفية بساقية المنقدي، كما يوجد بالمحافظة 3 مناطق صناعية تتوافر بها مقومات الاستثمار وهي(منطقة مبارك الصناعية بقويسنا، والمنطقة الصناعية الثانية بكفور الرمل، والثالثة بمدينة السادات ). ويذكر أن المنوفية احتلت المرتبة الحادية عشرة عام2003م، في ترتيب المحافظات المصرية الموجودة في وادي النيل والدلتا من حيث جودة الحياة ورقي مستوي الخدمات، أما بالنسبة للطرق والمواصلات فيخترق المحافظة طريقا من أهم الطرق في مصر أولهما طريق القاهرةالإسكندرية الزراعي والثاني طريق القاهرةالإسكندرية الصحراوي، وتتميز معظم طرق المنوفية الباقية بسوء حالتها وإهمالها رغم كثرة الوصلات النقلية التي تصل معظم أنحاء المحافظة ببعضها . أما الجانب السياحي في المنوفية فذكر منه وجود متحفين فقط بالمحافظة أولهما متحف دنشواي القومي بقرية دنشواي التابعة لمركز الشهداء، وقد تم بناؤه تخليداً وتكريماً لشهداء حادثة دنشواي التي وقعت أحداثها عام 1906 يسجل المتحف تلك الأحداث بعرضه لتماثيل منسوبة للشهداء بجانب لوحات وصور فوتوغرافية تعرض أحداث الواقعة، والمتحف الثاني هو متحف ميت أبوالكوم ويقع في قرية ميت أبوالكوم مسقط رأس الرئيس الراحل محمد أنورالسادات ويضم مقتنيات السادات الخاصة، والمتحف يمثل جزءاً من منزله الذي بناه السادات عام 1962وبه المضيفة التي كان يستقبل بها الكثير من زعماء العالم ورجال الدولة وأهل القرية . خرج من محافظة المنوفية كثير من المشاهير، في كثير من المجالات ففي مؤسسة الرئاسة كان محمد أنور السادات ومن بعده محمد حسني مبارك وفي المجال الديني نجد إبراهيم الباجوري وعبدالمجيد سليم شيخي الأزهر الأسبقين ، ومن علماء الأزهر نجد د.عبدالله شحاتة والسيد سابق وأحمد مصطفي أبوالحسن، ومن قراء القرآن الكريم نجد شعبان الصياد وعبدالفتاح الشعشاعي ومحمود علي البنا، ورؤساء الوزراء من أبناء المنوفية هما د.كمال الجنزوري رئيس الوزراء الحالي ود.عصام شرف رئيس الوزراء السابق، أما الوزراء فكان عبدالعزيز فهمي وهو أول وزير عدل مصري وواضع دستور 1923- ووزراء الداخلية كان أحمد رشدي وزكي بدر ومحمدعبدالحليم موسي، وكان إسماعيل سلام وزير الصحة الأسبق وشمس بدران وزير الحربية الأسبق وعبدالغني الجمسي وزير الدفاع الأسبق وكمال الشاذلي وزير شئون مجلسي الشعب والشوري الأسبق وأحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم الأسبق، وأمين هويدي رئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق ووزير الحربية الأسبق، وعاطف السادات نقيب طيار حربي وهو أول شهيد في حرب أكتوبر 1973 - والسياسي طلعت السادات، والعالم الطبيب مصطفي محمود، والعالم اللغوي أمين الخولي. هذا بالإضافة إلي عدد من الصحفيين من أبناء المنوفية وهم إبراهيم عبدالقادر المازني وجلال عيسي وممتاز القط وزكي مبارك وعبدالرحمن الشرقاوي، كما أن هناك عدداً من الممثلين أبرزهم فاروق الفيشاوي وممدوح عبدالعليم وصلاح السعدني وسعيد صالح وماجدة الخطيب وتوفيق الدقن وصلاح ذوالفقار، ومن لاعبي الكرة عبدالواحد السيد وأحمد جعفر . وحول علاقة الرؤساء ببلدتهم يقول د.محمد عفيفي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة: نبدأ بجمال عبدالناصر رغم أنه صعيدي وجذور الأسرة ترجع إلي قرية بني مر بأسيوط إلا أنه لم يولد في أسيوط، لكن عبدالناصر في الحقيقة لم يهتم كثيراً بمسألة جذوره الصعيدية وأصر علي فكرة أنه زعيم كل المصريين، أما السادات وبشكل مختلف فهو من مواليد ميت أبوالكوم بالمنوفية وعلاقته بالريف قوية وكان أشبه بعمدة القرية حتي في أقواله وتصرفاته، وكان يفخر بأن أسعد أوقاته هي التي يقضيها في القرية، والصورة الشهيرة للسادات بالجلباب والعباءة والعصا تذكرنا بفكر وفهم عمدة القرية، لذلك نتج عن ذلك ما يسمي بالعصبية المنوفية وبالتالي راجت حتي النكتة الشهيرة أيام السادات "تحيا الجمهورية العربية المنوفية" نتيجة التعصب لمحافظته، وربما كان انتماء حسني مبارك للمنوفية أحد الأسباب وراء اختيار السادات لمبارك بالإضافة إلي الانتماء العسكري . ويضيف عفيفي : بينما في عصر مبارك ازدادت العصبية المنوفية رغم أن مبارك نفسه لم يعتد علي زيارة قريته "كفر المصيلحة" علي نمط ما كان يفعله السادات أمام كاميرات التليفزيون، لكن علي أي حال ظل للمنوفية وضع متميز في أيام حسني مبارك، ونذكر أيضاً تبرع السادات بإيراد كتابه "البحث عن الذات" لصالح قريته ميت أبو الكوم بالمنوفية ويلاحظ في عصر مبارك وخاصة منذ البدايات وحتي صعود مشروع التوريث أن كمال الشاذلي إبن المنوفية كان هو رجل النظام المخلص وعصا مبارك في الحزب والبرلمان حتي صعود أحمد عز الذي ورث العمل النيابي في المنوفية أيضاً لكن الآن ربما سيتغير الوضع تماماً لعدة أسباب منها، أن ثورة 25يناير ستحد بشكل كبير من العصبية الريفية القديمة وعلي أي رئيس قادم أن يحترم ذلك، وأن الفريق أحمد شفيق وإن كان ينتمي إلي الشرقية إلا أنه في الحقيقة ابن المدينة وربما كانت علاقاته بقريته والشرقية عموماً أضعف بكثير من سابقيه السادات ومبارك فهو أقرب لفكر الطبقة الوسطي، أما د.مرسي فمن خلال انتماءاته لجماعة الإخوان المسلمين لن تكون لديه فكرة العصبية الريفية لأن الانتماء الأول لديه هو للجماعة. ويري عفيفي أنه سواء في حالة نجاح د.مرسي أو الفريق شفيق فإن فكرة العصبية الريفية ستصبح في ذمة التاريخ ولن نشاهدها بعد ذلك، لكن محافظة المنوفية تشتهر بارتفاع نسبة التعليم وهجرة أبنائها إلي القاهرة وارتباط أبناء المنوفية بالجيش المصري، كما تشتهر بحب الميري سواء كانت وظيفة حكومية أو الخدمة العسكرية وهناك مثل شهير علي ذلك يقال دائما في المنوفية "شريطين علي كُمي ولا فدانين عند أمي" وهذا المثل معناه أن الوظيفة العسكرية التي يرمز إليها بالشرائط العسكرية علي الكُم أهم وأغني من الأرض الزراعية . وتشير د.لطيفة محمد سالم (أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة بنها) إلي أن السادات كان له ارتباط أكثر بمسقط رأسه بالمنوفية، وكان يحترم جذوره ولا يخجل من أن يكون من أسرة بسيطة ويتقدم ليصل رئيساً للجمهورية، فهو كان يركب الصعاب حتي يصل إلي الرئاسة، لذلك كان ارتباطه بأهله عنده من أهم الأشياء، بينما كانت علاقة مبارك ببلده علاقة سطحية وذلك بسبب اندماجه في حياته السياسية، والفرق بين الاثنين أن مبارك لم يكن ممارساً جيداً للعمل السياسي لأنه عين نائباً لرئيس الجمهورية قد تكون هذه هي الفترة التي مارس فيها العمل السياسي فقط، ثم بعد ذلك نظر فجأة وجد نفسه رئيساً، لكن السادات كانت ممارسته أكثر في العمل السياسي منذ أن كان في الضباط الأحرار ومن قبل ذلك . وتضيف د.لطيفة : يفترض أن تكون علاقة الرئيس بمصر كلها جيدة وواحدة وليست ببلدته أو قريته فقط، لأن الشعب بأكمله أو غالبية هو الذي اختاره فعليه أن يوفي لهم باختيارهم له، ولا ننكر أن هناك ميولاً شخصية لنا جميعاً كبشر وليس للرئيس فقط تجعلنا ننظر إلي بلدنا أو محافظتنا، ونحاول أن نخدمها أكثر من أي بلد آخر.