يقترب سباق الانتخابات من الأمتار الأخيرة قبل أن يعبر الفائز خط النهاية ليكون رئيس مصر القادم ، لا أحد يستطيع الجزم بمن سيدخل قصر الرئاسة وهل سيفوز في الجولة الأولي أم سيدخل اثنان مرحلة الإعادة الشهر القادم ، ولا أحد أيضا يمكنه التيقن بمن ستتجه إليه أصوات غالبية الشعب رغم استطلاعات الرأي العام أو أصوات الطيور المهاجرة من المصريين في الخارج فهي مجرد مؤشرات فالشعب لم يحسم حتي الآن خياراته في الرئيس القادم وربما ينتظر حتي اللحظات الأخيرة ليقرر. احتدمت المنافسة واختلطت الأوراق وحتي اللحظة تمسك كل المرشحين بالاستمرار في السباق حتي نهايته حتي من ليس لهم حظوظ في الفوز وهم يشكلون تقريبا نصف عدد المرشحين الثلاثة عشر ، شهدت مصر أول مناظرة بين مرشحين (موسي وأبو الفتوح) كانت أشبه بملاكمة يستهدف كل منهما ضرب المرشح الآخر في الوجه وتحت الحزام واستهدافه شخصيا واللعب علي نقاط ضعفه بدلا من أن تكون علي برنامج كل منهما ورؤيته للمستقبل والبرنامج الذي يحمله ويتقدم لتنفيذه وأسهمت الأسئلة في استفزاز كليهما ، كانت المناظرة وربما لأنها الأولي في تاريخ مصر مليئة بنقاط الضعف سواء في الأسئلة المطروحة أو الإجابات غير المكتملة وبحث كل مرشح وتنقيبه في تاريخ الآخر لإسقاطه أرضا وكشفه أمام الرأي العام!! باق من الزمن أسبوع ويتجه الناخبون نحو صناديق الاقتراع ليقولوا كلمتهم الفاصلة في الرئيس القادم وأعتقد أنها ستكون حاشدة وربما تزيد أعداد الناخبين عن الانتخابات البرلمانية لأن الشعب يريد أن تنتهي المرحلة الانتقالية التي عاني منها الجميع بلا استثناء والتي لم يتبق منها سوي وضع دستور البلاد وتسليم السلطة من المجلس العسكري للرئيس المنتخب. الانقسامات هي شعار مرحلة ماقبل يوم الانتخاب سواء بين القوي الإسلامية أو الثورية ويقود ذلك لتفتيت الأصوات بين المرشحين الذين فشلوا في التنسيق فيما بينهم وتمسك كل مرشح بخوض السباق حتي النهاية ، لكن الكتل التصويتية الأكبر ليست في القاهرة والمدن الكبري بل في المحافظات في دلتا وصعيد مصر وبقدر وصول أي مرشح لمثل هذه المناطق يستطيع كسب هذه التجمعات الضخمة وبالتالي حسم المعركة لصالحه مبكرا أو في مرحلة الإعادة. الشعب لايريد رئيسا له كاريزما خاصة لأنها الطريق نحو صناعة ديكتاتور جديد وإعادة إنتاج لعصورلايريد الشعب أن تعود ، الشعب يريد حاكما خادما له يشعر بمعاناته يسير في الطرقات لا أن تغلق من أجل سيره ، لايسكن القصور ومواطنوه يسكنون العشوائيات التي لاتصلح لحياة الآدميين ، يريد حاكما في دولة مؤسسات له دوره في الفصل بينها وليس متسلطا عليها ، في دولة يحكمها القانون ويكون هو أول من يطبق عليه ويلتزم به في سنوات حكمه ، يريد دولة لها برلمانها الفاعل والمؤثر وقضاؤها الذي لايحيد عن العدالة قيد أنملة وحكومة يقظة ترعي مصالح البلاد والعباد ، يريد دولة يتمتع فيها الشعب بالحرية والعيش الكريم تختفي فيها كل صور الظلم والطغيان ومعها تتواري كل الظواهر السلبية من فقر وجوع وتخلف ، يريد دولة لها كرامتها وأن تستعيد مكانتها بين الأمم فمصر ليست بلدا أو جزيرة صغيرة في محيط كبير وصفحات التاريخ تتحدث عن ذلك طويلا والرسالات السماوية كان لمصر دورها وموقعها وذكرها فيها ومر بها الكثير من الأنبياء والرسل عليهم السلام. سيقول الشعب كلمته في فلول النظام القديم كما فعلها في الانتخابات البرلمانية وسيسقطهم دون الحاجة لإقرار وشرعية قانون العزل السياسي الحائر بين المحاكم والشرعية والدستورية ، سيقول كلمته بوعي وإدراك وليس بجهل وقصور في التفكير وانسياق وراء الشعارات والأحلام الوردية وبناء القصور علي الرمال ، لكن علينا التنبه إلي خطورة مرحلة مابعد اختيار الرئيس وضرورة ترتيب الأولويات والعلاقات المتشابكة بين مؤسسات الدولة خاصة المؤسسة العسكرية والحكومة والبرلمان وهي تحديات ستواجه الرئيس القادم في بدايات أيام حكمه خاصة أن الدستور لم يوضع بعد، الشعب يريد انتقالا وتسليما هادئا للسلطة وأن يكون هناك تنسيق بين المجلس العسكري والرئاسة يحفظ للمؤسسة العسكرية دورها الهام والحيوي وأن تتكامل الأدوار ولاتتعارض ويمكن أن يكون ذلك عبر مجلس للأمن القومي يضم كافة رؤساء السلطات المختلفة بما يحفظ أمن البلاد وسلامة أراضيها ، كما يتكامل الدور المدني للقوات المسلحة مع كافة قطاعات الاقتصاد لخدمة الوطن. المرحلة الانتقالية توشك علي نهايتها لكن ماهو قادم يحمل مخاطر كبيرة في حاضر ومستقبل البلاد وعلي الجميع مسئولية ألا تستمر الانقسامات والتشرذم وحالات التربص بالرئاسة القادمة لأن ذلك من شأنه أن يعيدنا جميعا إلي النفق المظلم مرة أخري فالاقتصاد والإنتاج لابد أن يستعيد دورانه من جديد بكل قوة وأن نعيد لمؤسسات الدولة دورها الفاعل وأن تستعيد مصر مكانتها ولن يحدث ذلك إذا ظللنا ندور في دوامات الخلافات والصراعات وحروب الفضائيات وقضايا الطعن في كل شيء في ساحات المحاكم!! تقترب لحظات الحسم في أول انتخابات حرة تشهدها مصر منذ عقود طويلة والرهان سيكون علي وعي الشعب وليس غيره وعلي الأصلح لقيادة البلاد في أصعب فترات الحاضر ومن أجل بناء بلد يعيش فيه أبناؤنا مستقبلا في أجواء من الحرية والعدالة ويشعرون فيه بالانتماء ولايسعون لهجره بحثا عن وطن آخر. صوت كل مصري أمانة في عنقه وعليه أن يختار من يراه الأفضل لقيادة مصر ليس بعاطفته فقط ولكن بعقله ومن منطلق حبه لبلده وحرصه علي أن تكون حاضرة الأمم، والمرشحون لايشك أحد في حرص كل منهم علي تحقيق آمال وأحلام الشعب والكلمة الفاصلة والحاسمة ستكون في صندوق الانتخاب.