أوباما ونتنياهو .. خلافات على السطح وتحالف استرتيجى تتسارع وتيرة الأحداث في المنطقة العربية وتخيم عليها غيوم وسحب الحرب مابين الغارات الإسرائيلية علي قطاع غزة إلي مناورة (نقطة تحول- (4 إلي مناورات (بيت المقدس- ( 22 الإيرانية وصولا لتهديدات حسن نصرالله بردع إسرائيل في البحر ويرتبط بذلك أيضا جولات المبعوثين الغربيين في العواصم العربية ومايحملونه من رسائل طمأنة بأنه لاحرب قادمة رغم ماتردده واشنطن من أن الخيارات في الملف الإيراني مفتوحة لكل الاحتمالات ، والسؤال الذي يتردد في المنطقة الآن: هل نحن مقبلون علي صيف ساخن سياسيا يحمل معه متاعب إضافية للعرب الذين يلوذون بالصمت وكأن مايجري لايعنيهم في شيء وهل تعود فصول حرب صيف 2006 في لبنان بين واشنطن وربيبتها إسرائيل وحلفاء إيران في المنطقة من سوريا إلي حزب الله وحماس والتداعيات الكارثية لمثل هذه الحرب علي حاضر ومستقبل المنطقة ؟ إسرائيل تعيش هذه الأيام في أجواء الخوف علي الوجود فهي دولة لاتريد السلام ولاترغب فيه وتسعي للحرب وتخشي من نتائجها المرعبة وقد عاش الإسرائيليون أجواء الحرب الأسبوع الماضي عندما أجريت المناورة الكبري نقطة تحول- 4 والتي شارك فيها 70٪ من سكانها وكافة الهيئات المدنية والعسكرية ولمدة خمسة أيام لاختبار قدراتها علي مواجهة هجمات صاروخية من أي اتجاه وكيفية تفادي وقوع خسائر فادحة في صفوف المدنيين، وهي المرة الرابعة التي تجري فيها هذه المناورة منذ حرب لبنان وخلال هذه المناورة وقع حادثان يعبران عن الرعب الذي يعيشه الإسرائيليون رغم أنها مناورة تجريبية ووهمية، الحادث الأول عندما صعد شاب وفتاة باصا في تل أبيب وصاح الشاب »الموت لليهود« بينما منعت الفتاة الركاب من النزول فحدثت حالة من الرعب خوفا من تعرضهم لعملية استشهادية ونسف الباص وفر الشابان وسط حالة استنفار كبري في المدينة ، والحادث الثاني وقع في عدة مدن عندما أطلقت صفارات الإنذار فجأة وظن السكان أن هناك صواريخ أطلقت ففروا إلي الشوارع والمخابيء وتبين أنه لم يتم إخطارهم بموعد إطلاق الصفارات. وبينما كانت تجري المناورة سعت تل أبيب الي اختبار قدرات الآخرين وجاهزية قواتهم للرد فقامت بغارات علي كل من لبنان وغزة وتصدت لها المضادات الأرضية في لبنان ولم تحقق أي خسائر تذكر في غزة. يبدو أن المنطقة تعود تدريجيا إلي أجواء الحرب الباردة بين القوي الإقليمية والدولية باستخدام الردع والردع المضاد ، الرئيس الروسي ميدفيديف يطير إلي دمشق في أول زيارة له لسوريا ليعقد صفقات تسليح لمد سوريا بأنظمة صواريخ متطورة ودبابات وطائرات (ميج 29) ويرد أوباما بطلب اعتماد إضافي قيمته 205 ملايين دولارلنشر مايسمي بالقبة الحديدية وتدعيم منظومة صواريخ باتريوت لمواجهة الصواريخ قصيرة المدي والتي قد تنطلق من سوريا أو لبنان أو غزة بالإضافة إلي مناورات جوية إسرائيلية مشتركة مع اليونان وفي المقابل جرت مناورات بحرية للحرس الثوري الإيراني في مضيق هرمز، وفي ظل هذه الحرب اشتدت فصول الحرب النفسية خلال الأسابيع والشهورالماضية من تهديدات من تل أبيب بقرب شن هجمات علي المنشآت النووية الإيرانية ورد طهران عبر تصريحات قياداتها بأن ذلك سيتبعه رد عنيف ومدمر للدولة العبرية وإجراء تجارب لصواريخ بعيدة المدي تصل للعمق الإسرائيلي ، وحتي عندما بدأت تل أبيب مناورتها الداخلية الكبري ردت طهران بإجراء مناورات لقواتها البرية تحت اسم بيت المقدس-22 كما قامت قبل ذلك بمناورات بحرية واقتربت من قطع الأسطول الأمريكي بالخليج العربي ، كما أثارت واشنطن وتل أبيب ضجة كبيرة حول نقل سوريا لصواريخ سكود إلي حزب الله ونفت دمشق ذلك لكن حزب الله لم ينف ولم يؤكد ذلك في إطار بث الرعب في نفوس الإسرائيليين وإرباك حسابات قادتهم ، وفي خطابه الأسبوع الماضي بمناسبة مرور عشر سنوات علي انسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان وسع حسن نصر الله من قدرات تسليح مقاتليه وأهدافهم فأضاف الردع البحري مشيرا لامتلاكه أسلحة صاروخية قادرة علي الوصول لكافة السفن المدنية والعسكرية الإسرائيلية مع استثناء سفن المدنيين المغادرة، وأشارت تقارير صحفية لامتلاك الحزب لصواريخ بر- بحريصل مداها إلي 300 كيلومتر أي أنها قادرة علي الوصول لكل الموانيء الإسرائيلية كما لم يقف نصر الله عند ذلك وألمح إلي أنه لم يصل بعد إلي البحر الأحمر في إشارة لم تغب عن الإسرائيليين وحساباتهم. وفي إطار هذه الحرب الباردة شهدت العواصم العربية حملة دبلوماسية محمومة من زيارات لمبعوثين بل وقيادات غربية للمنطقة في محاولات للتهدئة وخفض مستويات التوتر ، لكن بعض المراقبين يربطونها بما ساد المنطقة قبل حرب 2003 في العراق والزيارات والجولات المكوكية لوقف إشعال فتيل الحرب وأنها من باب رفع العتب لأن الحرب قادمة لامحالة ويلاحظ أن أغلب هذه الزيارات كانت لدمشق وبيروت وعواصم الخليج التي ربما ستدور الحرب إذا قامت في نطاقها ، وثمة مؤشرآخرلايغيب عن الأذهان وهوالتحرك في الملف الفلسطيني وهوعادة أمريكية قبل أي حرب فأوباما دعا نتنياهو لزيارة واشنطن للتباحث في المفاوضات الأسبوع الحالي وبعده بأسبوع سوف يستقبل محمود عباس لاجتماع آخر لإرسال رسالة للعرب أن ملف القضية الفلسطينية لايزال علي أجندة الإدارة الأمريكية واهتمامها ولايخفي علي أحد أن أوباما يسعي بكل قوة للحصول علي دعم اللوبي اليهودي مع اقتراب معركة التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر القادم والذي ربما تستغل إسرائيل حالة الانشغال الداخلي للقيام بعمليات إما تجاه الحلقة الأضعف عسكريا وهي غزة وحركة حماس أو لشن هجمات جوية علي إيران ولكن الخطورة تكمن في أن حلفاء إيران لن يكتفوا بالمشاهدة وسوف يدخلون علي خط المواجهات لتتحول المنطقة إلي ساحة حرب مفتوحة ومتعددة الجبهات. وتبدو كافة السيناريوهات المطروحة للمواجهات المحتملة مرتبطة بالصراع الدائر بين واشنطنوطهران وهو صراع يبدو في ظاهره حول ملفها النووي ولكن في عمقه هو علي مناطق النفوذ وسعي كل طرف لفرض نفوذه علي المنطقة فإيران تسعي وبقوة للتمدد في المنطقة العربية وصولا لأفغانستان عبرامتلاكها للسلاح النووي والقدرات العسكرية ونشر المذهب الشيعي بفضل الموقع الإستراتيجي وقدرتها علي خنق العالم من خلال مضيق هرمز الذي تمرعبره 40٪ من احتياجات العالم من الطاقة ومن خلال ملفها النووي نجحت في الهروب للأمام وآخر ماحققته هو توقيعها الاتفاق مع تركيا والبرازيل لتخصيب اليورانيوم في الخارج لتفادي المجموعة الرابعة من العقوبات التي ينظرها مجلس الأمن الدولي وحرصها علي إحداث الانقسام في المجتمع الدولي عبر تحالفاتها مع بعض القوي الكبري كالصين وروسيا ، ولكن مكمن الخطورة يبدو في التحركات الأمريكية الأخيرة ففي سبتمبر الماضي صدر أمر للجنرال بتريوس قائد المنطقة العسكرية الوسطي بالجيش الأمريكي للقوات البحرية ووحدات دلتا وغيرهما من القوات الخاصة بتنفيذ مهام سرية في الدول الصديقة والمعادية ولكن الجديد والخطير أن بيتريوس أصدرمؤخرا أمرا بتوسيع النشاط العسكري السري بالقيام بعمليات استطلاع فوق الأراضي الإيرانية وحمل لأول مرة عبارة تحضيرات لنشاط عسكري وهو مايعني اقتراب شن حرب أو عمليات هجومية علي إيران ، ومن هنا يمكن فهم أنه كلما اتسعت عمليات الشحن المعنوي والنفسي ودق طبول الحرب فإن ذلك يعني أن ثمة احتمالات قوية للحرب ويسعي كل طرف لإظهار قدراته علي الردع ولكن إسرائيل تجد نفسها في مأزق خطير إذا ذهبت للحرب وإذا لم تذهب فعدم ذهابها يعني تقلص قدرتها علي الردع أما الذهاب فسيكشف في ظل مفاجآت الآخرين عجزها، أما أمريكا فقد تضيف الحرب مع إيران المزيد من الخسائر بعد الفشل الذي تواجهه في أفغانستان والتعثر في العراق. من هنا تبدو كل الاحتمالات مفتوحة للمزيد من الخسائر لعالمنا العربي الذي راح في سبات عميق بينما تتصارع القوي من حوله لفرض نفوذها وكأن هذا مايدور في مكان آخر ولاأحد يدري متي يصحو العرب؟