لم يتغير المزاج الشعبي، أكثر من ثلاثين عاما من التعاون الاستراتيجي مقابل تدفق معونات تجاوزت الثلاثين مليار دولار، ومازال الرأي العام علي موقفه الرافض لهيمنة وغطرسة السياسة الأمريكية، انتهي زمن القرار الواحد الذي يصدره رئيس الدولة، وتوافقت الإرادة الشعبية والسلطة الحاكمة علي حتمية وضع قواعد جديدة للعلاقة المصرية الأمريكية، بصرف النظر عن قضية منظمات المجتمع المدني، التي يعمل أغلبها في مصر منذ سنوات، فإن القضية تجاوزت هذه المنظمات، وأصبح السؤال، إلي أي مدي يستمر التصعيد، وهل يصل لدرجة القطيعة، وهل يتحكم في مستقبل العلاقة العواطف أم المصالح ، وهل يمكن الاستغناء عن المعونة الأمريكية؟ ما يتعلق بالمعونة الاقتصادية ومقدارها نحو 002 مليون دولار، مبلغ هزيل ليس له قيمة ، أما المعونة العسكرية، التي تقدر بنحو مليار دولار، لا يملك الحديث عن جدواها سوي خبراء متخصصين، لديهم معلومات حول جدوي هذه المعونة، وتأثيرها علي منظومة التسليح، والوسائل المتاحة والوقت المطلوب لتنويع مصادر السلاح، ربما تكون العلاقات المصرية الأمريكية كما يؤكد بعض الخبراء مهمة للطرفين، لكن يستحيل أن تساوي المعونة مهما كانت قيمتها حجم الخسائر التي تحققت لمصر بسبب تراجع دورها وتأثيرها الإقليمي، كانت المعونة ومازالت مهمة لأمريكا ، وكلما كانت الأصوات ترتفع هناك مطالبة بمعاقبة مصر بقطع المعونة، كان يقابلها ضغوط من صانعي القرار في البنتاجون والبيت الأبيض والمخابرات المركزية، قضية المعونة الأمريكية، بداية لفتح ملف مهم، يعيد وضع العلاقة الرسمية داخل إطارها الصحيح، غالبا سوف ينتهي الجدل في الكونجرس الأمريكي بإقرار المعونة، لكن آن الأوان لبدء خطوات جادة للخروج من دائرة الهيمنة الأمريكية، لا أحد يستطيع تحديد الوقت اللازم لتحقيق ذلك، سوي من يملكون المعلومات الكاملة التي تصنع تفاصيل الواقع علي الأرض، المهم أن أول خطوة لتحرير القرار المصري قد بدأت بالفعل، والخطوات التالية لاتحتاج لقرارات تعتمد علي العواطف، لكنها يجب أن تستند للمصالح، ومصلحة مصر لابد أن تكون أولا.