العمالة المؤقتة وراء توقف الملاحة والسياحة فى هويس إسنا في بداية الأسبوع الحالي.. تم توقيع محضر اجتماع بين الجانبين المصري والكونغولي من إجل الإعداد لبروتوكول تعاون بين البلدين في مجال الموارد المائية بقيمة 5.01 مليون دولار كمنحة مصرية لشقيقتها الكونغو في هذا المجال.. وقد شهد التوقيع الدكتور هشام قنديل وزير الموارد المائية والري وكانت فرصة للصحفيين والإعلاميين الذين حضروا مراسم التوقيع أن يلتقوا بالوزير لدقائق معدودة.. بعد أن منعته الاعتصامات والإضرابات للعمالة المؤقتة في أهوسة إسنا وأسوان وغيرها عن الاجتماع بهم للحديث بشأن ملف المياه سواء في مصر أو دول حوض النيل. ونبدأ موضوعنا بالكلام الذي قاله الوزير بخصوص أزمة العمالة المؤقتة وتعليق إضرابهم واعتصامهم وفتح الأهوسة والمجري الملاحي أمام حركة السياحة حيث إن هذا الأمر يؤثر علي سريان مياه نهر النيل في مصر بصورة طبيعية. حيث أكد الدكتور قنديل أن هذا الموضوع في غاية الأهمية لأن وزارة الري في بداية العام الماضي (بعد الثورة) كان بها 55 ألف عامل مؤقت وبفضل الله أولا والدكتور حسين العطفي وتكملة لما قام به من مجهودات استغرقت شهورا بين الوزارة والجهات المعنية مثل وزارة المالية والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ورئيس الوزراء.. فإنه مع نهاية شهر مارس المقبل أو بداية أبريل القادم سيكون قد تم توفيق أوضاع حوالي ربع عدد هذه العمالة كما تم وضع جدول زمني لتوفيق أوضاع باقي العمالة المؤقتة لدينا. والحقيقة أن المسألة لم تكن في إسنا فقط وعندما قمت بهذه الزيارة تناقشت مع الزملاء في أسوان حيث كانت لديهم مشكلة مماثلة وأيضا في أماكن أخري من مصر.. ويعتقد الدكتور قنديل أن المشكلة الأساسية عند العمالة المؤقتة هي عدم الثقة وعدم التواصل حيث إن المسئول عندما يقول إنه سيقوم بحل قضيتهم تدريجيا، يكون الرد الطبيعي لهم: لقد سمعنا هذا من قبل ولم يتم عمل شيء. وهذا السبب الرئيسي لذهابي إلي الزملاء في كل من أسوان وإسنا، فأنا لم أقدم لهم جديدا ولكني تواصلت معهم وعاتبتهم أن أول جلسة لمجلس الشعب سمعنا فيها رئيس الوزراء يقول: إن قطاع الري الذي عرف عنه الالتزام يتسبب في إيقاف الملاحة والسياحة. كما أن الجديد في الموضوع.. كما يري الدكتور قنديل أنه أعطي أوامره بتوزيع منشور يحمل توقيعه علي جميع إدارات الري في مصر وليس العاملين في إسنا فقط، والذي يلزم الوزير الحالي والقادم إن شاء الله بما يفعله لحل مشكلة باقي العمالة المؤقتة، ولن أدخل في التفاصيل.. هكذا يقول الوزير مضيفا أنه شأن داخلي في الوزارة حيث ذكرنا في المنشور البرنامج الزمني المحدد لإنهاء هذه الأزمة. ويدعو الدكتور قنديل الزملاء لأخذ الموضوع بثقة وتواصل.. فهذا قرار وزاري أي التزام رسمي بتوقيق أوضاع العمالة المؤقتة علي مراحل محددة بتوقيتات، وبالتالي الجديد أننا نجحنا في وضع حل متكامل لايرضي طموحاتنا جميعا ولكنه مرتبط بتواريخ محددة وهو التزام من جانب الحكومة تجاه العاملين بها. ونأمل أن هذه التواريخ تعيد جدار الثقة لأن هناك من يريد أن يكرر مقولة: لقد سمعنا هذا من قبل ولم يتم شيء وأن الثورة لم تأت بجديد. كل وزارة لها خصوصياتها وحيثياتها في التعيين.. كما يوضح الدكتور قنديل، فهناك الباب الأول والباب الثاني والباب السادس.. وهذه أمور معقدة للغاية وقد حاولنا التوصل لحل جزئي علي المدي القريب وحل شامل علي المدي بعد القريب. ونتمني أن تهدأ الأمور في مصر وتستقر الأوضاع ويعود الأمن بصورة كاملة حتي تسير عجلة التنمية الاقتصادية بصورة أفضل وأسرع.. فالاقتصاد حالته غير جيدة كما قال رئيس الوزراء مضيفا أن الإخوة العرب امتنعوا عن التمويل ولذلك لانستطيع أن نتعامل مع قضية العمالة المؤقتة في الوزارة بصيغ غير تقليدية مثل الدرجات الموجودة في الوزارة علي سبيل التذكار ولكنها غير ممولة ولكننا استطعنا الحصول علي تمويل مقابل إلغاء بعض الدرجات وفكها بعدد أقل منها! ولذلك يطالب الدكتور قنديل العاملين بالوزارة بالامتناع عن المظاهرات والاعتصامات لمدة 6 شهور لإعطاء فرصة لحكومة الجنزوري ومجلس الشعب أن يعملوا خاصة أن المطالب محددة والأهداف واضحة والإجراءات المطلوب اتخاذها معروفة، لذلك يجب أن نهدأ ونعمل.. فالأيام التي كان بها مظاهرات واعتصامات لم يكن لدي وقت أو فرصة لكتابة خطاب التثبيت. ثم نعود إلي اجتماع الوفدين المصري والكونغولي بخصوص تجهيز بروتوكول تعاون بين الجانبين، لنتعرف علي ماسيتضمنه.. يقول الدكتور قنديل تم الاتفاق علي تحديد مجالات التعاون الثنائي بين الدولتين وتشتمل علي 3 مجالات هي دراسة الجدوي الفنية والاقتصادية للسدود متعددة الأغراض من ناحية توفير مياه الشرب وتوليد الطاقة الكهرومائية وأغراض الزراعة وتنمية الثروة السمكية، أما المجال الثاني فهو التنمية البشرية من خلال تدريب المدربين والكوادر حتي نقوم بدعم أكبر عدد من الخبراء في مجال تنمية الموارد البشرية لاستخدامها في أعمال الري والزراعة، بينما المجال الثالث سيعطي مردودا إيجابيا وفوريا لقطاع كبير من الشعب الكونغولي وهو حفر عدد 03 بئرا جوفية بغرض توفير مياه الشرب للمواطنين ورغم أن الكونغو دولة غنية تتمتع بموارد طبيعية ومائية هائلة إلا أنها في أشد الحاجة لمياه شرب نقية وطاقة كهربائية.. وكما تعلمون هي المحرك في مشروعات البنية التحتية وأن الخبرة هي الأساس في الإدارة ودفع عجلة التنمية. وعن ملامح السياسة المصرية في التعامل مع دول حوض النيل بشأن ملف مياه النيل.. يقول الدكتور قنديل إن مصر ما بعد الثورة تؤكد أنها لا تتجه شرقا وغربا وشمالا ولكن تتجه جنوبا نحو أشقائنا ونريد أن تكون المياه محور التنمية وليس الصراع.. فهناك مصالح مصرية يجب أن نحافظ عليها في الموارد المائية، فنحن نعتمد بصورة كبيرة علي مياه النيل. وبالتالي يجب أن ندعم الأنشطة المائية من منطلق المنفعة المشتركة ومبدأ عدم الضرر، والكونغو تؤيد هذا الموقف المصري ولذلك لم تقم بتوقيع الاتفاقية الإطارية وأكدت أيضا علي دعمها للطرح المصري السوداني الداعي لاستمرار التعاون وحتي لانأخذ موقف الخلاف مع دول حوض النيل. فموقف الكونغو كما عهدناه موقف إيجابي.. وأنا عندما التقيت بالرئيس جوزيف كابيلا أكد أن عدم التوقيع علي الاتفاقية الإطارية دون توافق من جانب كل من مصر والسودان نضع ماقاله بين قوسين (مسألة مبدأ)، إذا لم توافق عليها كل دول حوض النيل سواء كانت دول منابع أو مصب، فإنهم ضد التوقيع عليها قبل الحصول علي توافق كامل بين دول الحوض. وهناك حقيقة يشير إليها الوزير وهي أن مصر أدارت ظهرها لأفريقيا لفترة طويلة.. وهناك مجالات عديدة للتعاون بين دولها في الاستيراد والتصدير والاستثمار، فالبنية التحتية تحتاج لدعم كبير من الشركات المصرية مثل تعبيد الطرق وتوليد الطاقة وتوفير مياه الشرب.. ولا أبالغ إذا قلت إن هناك مجالات غير محدودة للتعاون وأنا أعلم أن وزارة التعاون الدولي ووزارة الخارجية تقومان بجهد مشكور في هذا المجال وأيضا السفير المصري بالكونغو علي استعداد لمقابلة أي مستثمر ويقوم بالتوفيق بينه وبين السلطات المحلية هناك. ويضيف الدكتور قنديل إن أوجه التعاون مع دولة الكونغو أو دول حوض النيل كثيرة جدا خاصة أن مصر تستورد 06٪ من احتياجاتها من الهند والبرازيل وكازاخستان وغيرها، فمن الأفضل أن تجلب ماتحتاجه من هذه الدول. فالكونغو عندما زرتها لم أستطع أن أتجول فيها كثيرا.. فالرحلة من مكان لآخر قد تستغرق 21 يوما وأنا لا أبالغ لأن هناك أماكن عديدة بها لايوجد فيها طرق ويكون السفر إليها عن طريق الطيران إلي بروندي ثم الدخول إلي الأراضي الكونغولية من هناك! فالدولة تحتاج إلي الكثير نظرا للتحديات الهائلة التي تواجهها وهناك دور كبير يمكن أن يلعبه المصريون بها. فإذا كانت الحكومة دورها أساسي في تشجيع الاستثمار وفتح المجالات والقيام بدراسات الجدوي لإقامة السدود متعددة الأغراض مثل سد واو بجنوب السودان.. فإننا قاربنا علي الانتهاء من تقييم هذه الدراسات وفي إطار استكمال دعمنا لها، نبحث حاليا عن تمويل لمثل هذا المشروع عن طريق القطاع الخاص ولاشك أنه لايقوم بالاستثمار إلا بحثا عن الربح والمكسب.. والحكومة في نفس الوقت تبحث عن النموذج التجاري لتحقيق ذلك، فإذا كانت تدعم التنمية هناك، فإنها تريد أن يكون لها دور في هذه الدول وبذلك نربط مصالحنا بمصالحهم حيث يقوم القطاع الخاص بتمويل إنشاء مثل هذه السدود من خلال تقديم قروض ميسرة من البنوك المصرية أو الدولية أو عن طريق المنح ثم يحصل حصته من خلال فواتير الكهرباء أو بيع المياه لمستخدميها. وهذا هو النموذج الجديد الذي ستركز عليه الحكومة في الفترة القادمة، فلا نكتفي ببناء السد ثم نتركه، فمن خلال خبرتنا في مشروعاتنا بأفريقيا نعلم أن الفلاحين أو المزارعين لن يطوروا فيه. إذن ربط الدعم الحكومي بالقطاع الخاص هو اتجاهنا في المرحلة المقبلة، وإن شاء الله عندما تستقر الأوضاع في مصر سوف نشهد دفعة قوية في هذا الاتجاه. وعلي الرغم من الأحداث الجارية في البلد إلا أن هناك أجهزة وقطاعات عمل بلا توقف لأن هذه مصرنا الغالية.. كما يؤكد الدكتور قنديل مضيفا أننا لانقدم حوافز أوعقوبات لدول حوض النيل، فالطرح المصري ثابت ونحن مع التعاون ولكن لن نوقع علي اتفاقية تضر بمصالحنا وهذا مبدأ طبيعي، ونحن نعتقد أن التوقيع المنفرد عليها بلاشك يعتبر مضيعة للجهود التي بذلت علي مدي عشر سنوات ونأمل أن نعود مرة أخري لمائدة التفاوض حتي نتوافق وحتي نستمر في التعاون. فمصر قبل الثورة غيرها بعدها.. فنحن حاليا نتفهم تماما الاحتياجات التنموية لدول حوض النيل وأعتقد أن لديهم من الخبرة والعلم مايدركون من خلاله أن مصر أيضا تحتاج إلي مياه النيل وبالتالي يجب أن نصل لإطار نتوافق عليه جميعا لايضر بأحد ويساعد علي التنمية التي تتوافر لها فرص هائلة في دول الحوض ولذلك لايجب أن نتوقف علي اتفاق إطاري أو غيره بل يجب أن ندفع التعاون للأمام. فنحن ننظر بمنظور جديد لدول حوض النيل ولأفريقيا حيث يجب أن نتعاون ونعمل سويا من أجل رفعة ورفاهية شعوب القارة. أما بخصوص تأجيل الاجتماع الاستثنائي لدول حوض النيل لعرض الطرح المصري السوداني .. فيري الدكتور قنديل أنه بعد الثورة لايجب أن يكون الغرض منه هو العرض فقط لهذا الطرح ولكن الوصول لحلول تدفع للتقدم والتعاون ولهذا ننتهز فرصة التأجيل لعرض أطروحات مصرية سودانية في الاجتماعات الثنائية أو الإقليمية حتي نضمن أن يكون الاجتماع القادم ناجحا ويدفع للتوافق علي النقاط الخلافية بالاتفاقية الإطارية لمبادرة حوض النيل. فهناك لقاءات ليست بالضرورة مباشرة.. فسوف نتقابل قريبا في أثيوبيا لمتابعة أعمال اللجنة الثلاثية وهناك أيضا المنتدي العالمي للمياه في مارس المقبل، ممكن أن نتناقش علي هامشهما.