اختلفت القوي السياسية في مصر حول مظاهر الاحتفال بمرور عام علي ثورة 52يناير التي قادها شباب مصر وشارك فيها كافة طوائف الشعب للقضاء علي النظام السابق ورموزه الذين عاثوا في الأرض فسادا وعاني الشعب القهر والفقر والمرض علي مدي ثلاثين عاما . لاشك أن الثوار من حقهم ومن حقنا أيضا أن يطمئنوا علي مسار الثورة التي ضحي من أجلها شباب مصر .. ومن حق الثوار الاحتفال بالإنجازات التي تحققت وأبرزها محاكمة رؤوس الفساد في النظام السابق ليلقوا جزاء ما فعلوا في حق هذا الشعب .. ولكن اختلفت رؤية القوي السياسية حول الاحتفال بالثورة فمن قائل إن الأهداف لم تتحقق وأن الثورة لم تكتمل حيث طالبت الثورة بالعيش في كرامة وحرية وعدالة اجتماعية ولابد أن تكون هناك ثورة أخري حتي تتحقق تلك الأهداف وأهمها الانتهاء من محاكمات قتلة الثوار واسترداد الاموال المنهوبة والارتفاع بمستوي المعيشة وتطبيق الحد الأقصي للأجور وغيرها من مطالب. وهناك رأي آخر يؤكد أن الثورة حققت أهم أهدافها بإسقاط نظام مبارك الذي كان أساس الفساد والخراب في البلاد ولكن ثورات الشعوب لابد لها من مرحلة انتقالية تمتد عدة شهور أو أكثر حتي يعود الاستقرار ويتعافي الاقتصاد وتتحقق بقية أهدافها وهذا الرأي يميل إلي احتفالية تقتصر علي حشود التحرير رافعة رايات النصر مع الالتزام بالحفاظ علي سلمية المظاهرات والحذر من اندساس طابور الطرف الثالث . وما يجب أن يعنينا في زخم تلك الأحداث التي تتفق وتختلف فيها الرؤية حول الاحتفال هو مصلحة الوطن التي أكدت عليها وثيقة »الحريات« الصادرة من الأزهر وتعد أبرز إنجازات الثورة حيث تتضمن الوثيقة مستقبل مصر بالتأكيد علي الدولة الدستورية والالتزام بالحريات الأساسية وتطبيق العدالة الاجتماعية، واحترام الأديان السماوية واتفاق كافة التيارات السياسية علي تضييق الخلافات بين القوي التي ستشارك في وضع الدستور ومراعاة تكافؤ الفرص في جميع الحقوق والواجبات .. وأري في هذه الوثيقة ما يكفي لإزالة التوتر والاحتقان بين كافة الاتجاهات سواء سياسية أو دينية وتدحض أي اختلاف قد يعتقد البعض بوجوده وضرورة الدفاع عنه بأي وسيلة. الاحتفال بالثورة حق مشروع للجميع ولكن أتمني أن يكون احتفالا في إطار الاتفاق وليس الاختلاف حفاظا علي استقرار الوطن .