صعود الإخوان في مصر سيعطي زخما للقضية الفلسطينية جنرالات إسرائيل يرغبون في بقاء نظام بشار خوفاً من صعود الإسلاميين ليس أمام الفلسطينيين إلا إنجاح المصالحة لقاءات واتفاقات وجولات مصالحة.. تنجز بعضا من نقاط اتفاق وتؤجل بعضاً آخر لجولات ولقاءات أخري.. عام كامل أو ما يقاربه ومازالت خطوات المصالحة الفلسطينية تسير نحو طريق لم يكتمل بعد.. وبرغم اللقاء الأخير بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل بالقاهرة وبرغم إنجاز اتفاقات واضحة حول نقاط بعينها.. إلا أن الواقع علي الأرض مازال يطالعنا باستحقاقات عملية لابد لها أن تنقلنا بهذه الاتفاقات.. مجرد تصريحات أو حتي عقود اتفاق إلي واقع ملموس ينقل معه القضية برمتها إلي مرحلة أكثر تقدماً. الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بمركز دراسات الشرق الأوسط يري أن الطريق مازال لم يستكمل بعد لكننا نسير في الاتجاه الصحيح.. بعد كل اللقاءات التي تمت بين قيادتي فتح وحماس وإنجاز عدد من الاتفاقات.. أهمها إعادة هيكلة منظمة التحرير وإشراك حماس والجهاد بها.. والاتفاق علي تشكيل حكومة.. وإجراء انتخابات.. هل تمت المصالحة الفلسطينية؟.. أم مازال هناك من الاستحقاقات لاستكمالها؟ - بالطبع مازال هناك خطوات خاصة بإدارة الملف بالكامل.. فهناك استحقاقات مؤجلة من حيث التنفيذ.. حتي لو كنا وصلنا إلي مساحة من الاتفاق فهناك خطوات إجرائية تفيد المصالحة نفسها. وما هي هذه الاستحقاقات؟ - في رأيي مازال الاتفاق علي تشكيل الحكومة وإجراءات الانتخابات وتحديد موعدها وتشكيل اللجنة العليا للإشراف عليها.. هذا الاتجاه في تقديري من المهم أن يكتمل لتنفيذ هذه الاستحقاقات بهذه الصورة لأنه في النهاية سيخضع لحسابات كل فصيل من الفصائل.. لأن الإطار العام للاتفاق يختلف عن آلية تنفيذه علي الأرض. إذا مازال هناك معوقات أمام تنفيذ تلك الاستحقاقات؟ - نعم هناك معوقات ورأيي أنها تتمثل في النقاط التي لم يتم الاتفاق عليها.. فمثلاً لم يحسم حتي الآن الأمر بالنسبة لتشكيل الحكومة ومهام هذه الحكومة وصلاحياتها وكل النقاط المتعلقة في هذا الإطار. لذلك المشاكل الفعلية هي المتعلقة بنمط العلاقة بين كل من فتح وحماس في مرحلة ما بعد الانتخابات والتي أيضاً لم يحدد توقيتها وشكلها الإجرائي بشكل واضح حتي الآن. أما ما بعد الانتخابات فتوجد مشكلة الأجهزة الأمنية.. وكذلك إعادة هيكل الدولة الفلسطينية الموحدة وإعادة دمج قطاع غزة مع الضفة من الناحية الإدارية وهذه الأشياء ليست صعبة ولكنها تحتاج لإجراءات هيكلية علي الأرض.. وفي النهاية ستخضع لاتجاهات كل طرف وحساباته والصعوبات الهيكلية في رأي ستأخذ وقت من حيث التنفيذ والمتابعة.. وهي تحتاج إلي حنكة سياسية معينة لذلك ليس بالسهل أن تتم في فترة وجيزة.. ولأن كل طرف يتشدد في هذا وذاك وكلها أمور إجرائية.. نجد أن هذه الأمور في النهاية مرتبطة بنمط العلاقة بين فتح وحماس.. فمثلاً توحيد الأجهزة الأمنية والأجهزة الإدارية وهل ستصبح أجهزة مهنية أم ستتولي مهام محددة لفترة وجيزة.. أم ستكون مهامها مفتوحة.. فالأمر يحتاج إلي إرادة سياسية ودعم من القيادتين والتوحيد في الرؤي وليس تطابقها.. فليس المطلوب تطابق الرؤي بين فتح وحماس ولكن المطلوب الاتفاق المبدئي حول برنامج المصالحة بالكامل.. لأن مسار تحقيق المصالحة طويل وهناك أولويات مثل إعادة إعمار قطاع غزة وإعادة الهيكل الإداري في غزة وغيرها من الأمور. ولكن هل تستطيع قيادة السلطة الفلسطينية تقديم هذا النموذج من المصالحة مع إدماج حماس في منظمة التحرير وتشكيل حكومة وفاق وطني للمفاوض الإسرائيلي والراعي الأمريكي اللذين يري أنهما الأب الرسمي لهذه السلطة ويستطيعان هدمها وقتما شاءا! - هذا أخطر ما في الموضوع.. وعلي السلطة أن تقتنع بخطورة الفترة التالية لأن هذه الحكومة المنتظرة هي التي سوف تفاوض الجانب الإسرائيلي لذلك يجب أن يكون لديها أولويات معينة.. لذلك مطلوب قدر من الرشادة في التعامل لأن إسرائيل تتحفظ علي مشاركة حماس في الحكومة.. لذلك عند تشكل هذه الحكومة لابد أن يوضع في الاعتبار هل هذه الحكومة ستكون مقبولة علي المستوي الدولي وشكل قبولها.. وهل إسرائيل ستقبل بالتفاوض معها أم لا؟ فإذا كانت الإجراءات الإدارية والأمنية لها بعض المشاكل لكن أري الأمل في تصريحات الطرفين وفي تصريحات حماس في الداخل والخارج أن هؤلاء الناس عندهم نية للمصالحة لكن إذا انتقلنا إلي نمط العلاقة مع إسرائيل وهل إسرائيل ستقبل بشكل حكومة بهذا الوضع فهذه قضية أخري. إلي أي مدي تلعب التهديدات الإسرائيلية دوراً في إفشال المصالحة أو تعطيلها كلما اقتربت من استكمالها؟ - للأسف الارتباطات المالية بين السلطة والحكومة الإسرائيلية يمثل عقبة كبيرة.. فإسرائيل دائماً تهدد بوقف التحويلات المالية مثلاً وهذا سوف يدخلنا في متاهات.. ومثل هذه الأمور تحتاج إلي حسم ورؤية فهل الفلسطينيون عندهم مثل هذه الرؤية أم هذا هو السؤال؟ لكن لا يجب أن ننسي أن هناك دور لأطراف معينة مثل مصر والجامعة العربية والتي دعمت ومازالت تدعم هذه المصالحة وهذه الاتفاقات لذلك إذا حدث تعثر فرأي أنه سيكون من جانب إسرائيل. كيف يمكن للقيادة الفلسطينية أن تتجنب هذا المأزق مع الطرف الإسرائيلي؟ - تقديري أنه يجب أن تدخل الحكومة الجديدة عناصر مقبولة من حماس وفتح وبعض الفصائل الأخري فلا تقتصر علي حماس وفتح فقط لأن هناك عناصر فلسطينية من المجتمع المدني مقبولة من أمريكا وإسرائيل ومنها شخصيات أكاديمية وتكنوقراطية وشخصيات لها مكانة في المجتمع الدولي.. مثل حنان عشراوي وآخرين.. مثل هذه الشخصيات تستطيع أن تتحمل إدارة الأمور والأوضاع في الساحة الفلسطينية في الفترة المقبلة. وما دور الراعي الأمريكي مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟ - الولاياتالمتحدة يجب أن تعلم أن عليها دور ليس فقط كراع دولي.. لكنه دور مباشر في إنجاح أي تفاوض.. ويجب الوضع في الاعتبار أن الحكومة الفلسطينية تتشكل ولم يعد أمامنا سوي 8 شهور علي انتخابات الرئاسة الأمريكية.. وفي رأيي إذا تم توظيف ذلك فلسطينياً فسوف يكون في صالح القضية العربية.. رغم مزايدات المرشحين الأمريكيين للرئاسة علي العلاقات مع إسرائيل لكن ذلك يمكن أن يأخذ في صالح القضية الفلسطينية لذلك لا يوجد بديل أمام الجانب الفلسطيني سوي أن ينجح في إتمام المصالحة بكل استحقاقاتها وأن تؤمن قيادات الطرفين أي فتح وحماس بضرورة إجراء انتخابات مباشرة حتي وإن لم تأت القيادات الحالية لأننا أمام قضية أولويات.. فما شكل هذه الأولويات؟ وكيفية إدارة هذه العلاقات؟ نقول لهم سوف تنجحون ولكن يجب تنحية الأزمات. وماذا عن الدور العربي في هذه المرحلة الدقيقة فلسطينياً وعربياً أيضاً خاصة في ظل التهديدات الإسرائيلية المستمرة؟ - بالفعل هناك تهديدات فإسرائيل تهدد بوقف التعاون الأمني.. لكن في النهاية هو أمر مهم لهم أكثر منه مهم بالنسبة للفلسطينيين. كذلك هم يهددون بوقف المساعدات المالية.. لكن أيضاً أري أنهم لم يستطيعوا لأنهم مرتبطون بالدول الأوروبية والأمريكية في هذا الشأن. لكن ما أخشاه والخطورة الحقيقية في حالة تماسك الصف الفلسطيني قد لا يصبح أمام إسرائيل سوي خيارات تبدو نهائية أو صفرية كالتهديد بإلغاء اتفاقية أوسلو.. أو تحويل المناطق »ب« وهي المناطق ذات السيطرة المشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلي مناطق »ج« وهي المناطق تحت السيطرة الإسرائيلية فقط.. بمعني ضم المناطق »أ« و»ب« إلي المناطق »ج«.. كذلك من المتوقع فرض مزيد من الإجراءات ضد قطاع غزة ومناطق التماس مع السلطة.. كذلك أتوقع تجدد سياسة الاغتيالات لقيادات حماس. كيف تري المد الإسلامي الصاعد لأنظمة بلدان الربيع العربي.. هل سيكون نقطة ضعف أم قوة في المعادلة الفلسطينية؟ - لا بالتأكيد هو في صالح القضية.. خاصة صعود الإخوان المسلمين في مصر سوف يعطي زخماً للقضية شريطة أن يتم في إطار مقبول ومعقول يخدم القضية أولاً.. الجانب العربي سيقوي آلية التفاوض الفلسطينية من خلال مصر ومن خلال الجامعة العربية ثانياً.. ذلك سوف يكون بإمكانه أن يعيد تقديم القضية إلي العالم وخاصة إلي أمريكا علي اعتبار أن شيئاً تغير في المنطقة.. وهذا واضح من ردود فعل إسرائيل علي الساحة.. وبالتالي لا أتوقع أن تكون هناك ردود فعل سلبية.. لأن هناك خوفاً وهلعا من جانب إسرائيل من صعود التيار الإسلامي ليس فقط خوفاً علي اتفاقية كامب ديفيد أو طبيعة العلاقات مع مصر وإنما لتأثير ذلك علي دعم خيار المقاومة الفلسطينية. البعض يري في استمرار نظام بشار الأسد في سوريا دعماً للمقاومة الفلسطينية.. والبعض الآخر يري أن سقوط بشار ليس في مصلحة إسرائيل.. كيف تقرأ المشهد السوري وتأثيره علي القضية الفلسطينية في هذه المرحلة؟ - هناك توقعات إسرائيلية بأنه في حالة انهيار نظام بشار الأسد في سوريا فسيكون الإخوان هناك هم البديل.. لذلك إسرائيل تخشي كثيراً من هذا المثلث الإسلامي إذا اكتمل بين مصر وسوريا وغزة.. إلي جانب لبنان وهو مد إسلامي سوف يطوق إسرائيل من كل الأطراف.. وهنا إسرائيل تحسب حساباتها وفق هذه الرؤية. لذلك الجنرالات في إسرائيل يرغبون في بقاء نظام بشار الأسد لأن هذا الخيار يخدم إسرائيل في الوقت الراهن.. لكن هناك استعدادات في إسرائيل لمرحلة ما بعد سقوط بشار لأنهم يتوقعون بالفعل الصعود الإسلامي هناك.