من أول دورية استطلاع في سيناء في يونيو 1967 إلي آخر دورية عادت 4 مارس 1974 بعد النصر كان الشيخ حسب الله هو الدليل البدوي للدوريات مقاتلينا. فكرمه وزير الحربية المشير أحمد إسماعيل بعد حرب أكتوبر 1973. ابن قبيلة الأحيوات بشمال سيناء، والذي استثمر خبرته بالأرض ومعرفته بتفاصيلها عن ظهر قلب لقيادة الدوريات . وتزويدها بما تحتاجه من طعام وخلافه، به كل صفات البدوي حاد البصر والسمع، والقدرة علي الاكتشاف البعيد يضعون آذانهم علي الأرض فيسمعون أصوات الدبابات والسيارات الثقيلة والخفيفة علي مسافة كيلومترات .. يحددونها بدقة. يشمون الهواء فيتنبأون بحالة الطقس والسحاب والمطر وهجرة الطير ومواسم التزواج بين المخلوقات وقدرتهم الفائقة علي قص الأثر أدي كل أبناء سيناء عملهم الوطني بوازع من ضمائرهم ووطنيتهم دون مقابل في مساعدة عودة جنودنا إلي غرب القناة. وقد ذكر الأستاذ محمد حسنين هيكل في كتابه (الانفجار 1967): "اتصل الرئيس عبد الناصر بالفريق فوزي طالبا من المخابرات الحربية أن تبعث بدوريات تتسلل إلي داخل سيناء وتحاول الاتصال برؤساء القبائل وتجنيد جهدهم ورجالهم في عمليات البحث والإنقاذ وكذلك اتصل بنفسه بمحافظ بورسعيد ومحافظ السويس يطلب منهما اتجنيد جميع الصيادين الذين يعرفون مداخل ومخارج سيناء حتي يشاركوا في هذا الجهد.. وكانت نتيجة هذا الجهد المكثف إن أمكن في بحر أسبوع استعادة مايقرب من ثمانية آلاف ضابط وجندي من فيافي الصحراء. كما أن معلومات بدأت تصل مؤكدة بأن أعدادا أخري من الشاردين هم الآن في حماية قبائل سيناء متخفين في بعض نجوعها ينتظرون فرصة مواتية ليبدأوا رحلة العودة". بعد ذلك اتخذت إسرائيل احتياطات أمنية قوية: • اعتبار المنطقة من قناة السويس وخليج السويس شرقا بعمق 80 كم منطقة خالية من السكان ويحظر علي المواطنين التواجد بها حتي يمكن التعرف بسهولة علي أي آثار قادمة من الغرب . تغطية جميع طرق الاقتراب علي طول القناة وخليج السويس وسواحل البحر المتوسط وملاحات بور فؤاد وتمشيطها وعمل خطوط سير مزدوجة بهليكوبتر والعربات المدرعة وقصاصي الأثر. زرع الألغام في مناطق الاقتراب والخروج المنتظرة في سيناء. دوريات برية وجوية في الساعات الأولي من الصباح إحداها في اتجاه الغرب والأخري في الاتجاه المعاكس لاكتشاف أي آثار ومطاردتها . إقامة كمائن ليلية في مناطق متفرقة بهدف الإيقاع بدورياتنا وبالتالي الحد من نشاطنا وفق تصور العدو.
وبعد فشل مؤتمر الحسنة لتدويل سيناء تم فرض قيود إسرائيلية أخري: إضافة مناطق محظور تواجد المواطنين بها والحد من تحركاتهم علي الطرق الرئيسية وحظر السير ليلا . الاستيلاء علي عدد من المناطق الصالحة للزراعة والرعي وصيد السمك وطرد المواطنين لإقامة مستعمرات إسرائيلية عسكرية . تكثيف الدوريات علي الحد الشرقي للقناة والخليج وجميع طرق الاقتراب المحتلة سواء من البحر الأبيض أو خليج العقبة .
وقررت القيادة المصرية إرسال أول دورية خلف خطوط العدو لابد أن يرافقها دليل بدوي شجاع وخبير بالأرض وتضاريسها، وظهر اسم الشيخ حسب الله مع أول عملية سرية بعد نكسة يونيو 1967 وكانت بقيادة الضابط رشاد عمران وبدأت 24/7/1967 وحتي 26/8/1967. لمدة 33 يوما، وقال قائد الدورية إن (الدليل حسب الله هو أفضل دليل أعان المجموعة وقد عاني من مطاردة اليهود... وقد كان يفضل أفراد المجموعة علي حساب أولاده).وتوالت الدوريات... والنجاحات... وأثبت الشيخ حسب الله كفاءته فنال إعجاب الضباط (إن الشيخ حسب الله لديه قوة تحمل كبيرة ويتمتع بحس أمني عال جدا). ورافق الشيخ حسب الله آخر دورية عادت من سيناء في مارس 1974. وقال عنه اللواء أسامة المندوه: "كان الشيخ حسب الله رغم صلابته وحذره الشديد وطبيعة الحياة التي كان يعيشها خلال سنوات الاحتلال الإسرائيلي رجلا بشوشا وصاحب نكتة". "ويتحرك الشيخ حسب الله لاستطلاع خط السير في إطار حرصه الزائد وحسه الأمني المرتفع". "رأيت أن صعود ونزول الرجل الخمسيني إلينا يوميا أمر شاق عليه رغم لياقته البدنية العالية". "أعطيته مبلغا من المال لتدبير بعض أصناف الطعام فاشتري لنا بعد يومين جوال دقيق وعلبا من الصلصة وشايا وسكرا وعددا من علب السجائر . واختار مكانا آمنا لتشوينها بعيدا عن مخرات السيول، اعتمدنا عليها في تحضير الإفطار الرمضاني. "فوجئت بقطيع من الأغنام يتحرك في الوادي علي خط سير المجموعة في اتجاه الغرب.. قال لي الشيخ حسب الله : طلبت من أبناء قبيلتي تحريك عدد من الرعاة بقطيع من الأغنام علي خط السير حتي يتم إخفاؤه تماما". وعندما تقرر عودة المجموعة قام الشيخ حسب الله بإحضار عدد من الجمال حوالي عشرة جمال، بعددنا جميعا. وفي القاهرة قابل المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية واللواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية.