بدونه قد تحدث مشاكل لا حصر لها، فهو المسئول عن تنظيم السيارات، والسماح لها بالمرور بعد دفع الرسوم المقررة، تشتد الحاجة إليه في المواقف الكبيرة بوصفه خبيراً في شئونها، يتصرف بحكمة في التعامل مع السائقين، ليلزم كل منهم بدوره وحمولته ومراقبته.. المهنة التي ظهرت منذ أربعين عاما في مصر أغرت الكثيرين من البلطجية وقطاع الطرق فراح الواحد منهم ينصب نفسه عاملاً للكارتة علي الطرق السريعة يفرض ما يشاء من إتاوات علي أصحاب السيارات تحت تهديد السلاح. انتشرت الظاهرة بوضوح بعد فراغ أمني أعقب ثورة يناير، حين نفضت الداخلية يديها من مهام كثيرة فسمحت لهؤلاء بابتزاز المواطنين وبسط سيطرتهم المطلقة دون رادع.. عامل الكارتة هو موظف يتقاضي راتبا وعمولة نظير قيامه بعمله المرهق ومع ذلك فلابد أن يكون صاحب شخصية قوية باستطاعتها أن تمتص غضب السائقين وتوصيل مطالبهم للجهات المختصة.. »آخر ساعة« تجولت في »مواقف القاهرة« لتراقب عن كثب طريقة أداء عامل الكارتة وتتعرف علي مشاكله وتلتقي بشيخ من شيوخ المهنة ليطلعنا علي أسرارها ومراحل تطورها والحالة التي وصلت إليها. المواقف العشوائية خطر ينذر بكارثة ومأوي للبلطجية لا تكف شوارع القاهرة عن "الدوشة"، بينما تزداد حدة الصخب داخل مواقف السيارات حيث تزدحم الميكروباصات وهي تصطف في طوابير تنتظر من يأتي إليها من الركاب. . ولك أن تتخيل هذا القطيع من السيارت بدون ضابط، ينظم عملية الدور، بالتأكيد ستحدث العديد من المشاجرات التي لا تنتهي بين السائقين. عامل الكارتة هو الشخص المسئول عن حفظ الأمن والفصل بين المنازعات لتسير الأمور علي طبيعتها، وظيفته المكلف بها من قبل الدولة تقتضي ذلك، بينما يظهر الخطر بصورة واضحة في المواقف العشوائية التي تنتشر الآن بلا رقيب في أنحاء العاصمة مما جعل البلطجية يعششون فيها ويفرضون الإتاوات علي السائقين في كل مكان، وكأننا ما زلنا نعيش في زمن مضي. وهو ما جعل "كارتجي سابق" رفض ذكر اسمه يصف ما يحدث من تخريب داخل المهنة ب "المافيا"، واتهم من أطلق عليهم "الحكومة" بأنهم علي علم بكل ما يحدث داخل المواقف من أمور لا يرضي عنها الكثير من السائقين. الكارتجي ممنوع من الإجازات الرسمية، ويتواجد في مكان عمله منذ الصباح الباكر، فيبدأ مهمته في السادسة صباحا، وينتهي في نفس الساعة مساء حين يأتي زميله ليواصل المهمة التي تظل مستمرة 42 ساعة في اليوم. لا ترتبط مهنة الكارتجي بمكان معين في الجمهورية، فهي موجودة في كل المحافظات، ومرتبطة بتسهيل مهمة السائقين والمحافظة علي حقهم في الدور، ومن ثم توفير الراحة للراكب الذي يتجه مباشرة إلي السيارة التي عليها "الدور" فيستقلها دون عناء. شكوي السائقين تنحصر في ظهور البلطجة علي الطرق السريعة، ووجود أشخاص يهددون أرواحهم إن لم يدفعوا ما عليهم من إتاوة كلما مروا عليهم، وهو الأمر الذي يعاني منه هيثم محمود "سائق " علي الطريق الدائري واتهم الداخلية بأنها السبب في تمكين البلطجية من العبث بالأرواح والممتلكات وقال إنه يدفع تقريبا 03 جنيها يوميا لأشخاص لا يعرف هويتهم يطالبونه بعدد معين من الجنيهات لا يملك إلا أن يعطيه لهم. ويضيف زميله أحمد السيد بأنه يحتفظ في سيارته بأي آلة حادة تحسبا لمقاومة هؤلاء إذا تجرأوا عليه وقال إنه لا يفقد شعوره بالخوف وهو يسير بالركاب علي الدائري، ولكنه يضطر هو الآخر لدفع الإتاوة حتي لا يتم السطو علي السيارة وإتلاف محتوياتها فضلا عن روحه التي لا يملك غيرها. وأضاف محمود الجندي – مهندس- أنه تضرر كثيرا من أحوال مواقف الميكروباصات ولم يكن في وسعه سوي تبليغ قسم شرطة إمبابة عن هؤلاء الاشخاص تضامنا منه مع السائقين ولم يجد أي رد فعل علي شكواه. ويفرق جمال محمود " كارتجي " في منطقة عزبة النخل بين عمله كموظف من قبل الدولة وبين هؤلاء البلطجية الذين لا يجدون من يردعهم، وقال إنه يتعامل مع السائقين بود ويلاقي من جانبهم نفس الترحيب. العجيب أن محمود كان يحمل "كاميرا فيديو" يقوم بها بتصوير السيارات التي تمر من أمامه، فضلا عن رخصة القيادة، وحين سألنا عن الأمر قال إنه إجراء يقوم به لحماية صاحب السيارة من عمليات السرقة ! كما رفض الكارتجية الموجودون في المواقف الكبيرة تشبيههم بقطاع الطرق والبلطجية الذين يتواجدون في الطرق السريعة بهدف ترويع الناس، أو الذين يقومون بتحصيل إتاوات في المواقف العشوائية ممن لا مهنة لهم في حين قالوا إنهم موظفون يتم تعيينهم من قبل المحافظة لتنظيم المواقف فقط والأموال التي يتم الحصول عليها يتم أخذها بالاتفاق مع السائقين وتكون مقسمة نسبة للمحافظة ونسبة للشخص نفسه.فضلا عن الراتب الحكومي. ونفي يسري "محصل سرفيس " في ميدان رمسيس وجود أي بلطجي داخل الموقف الذي يتمتع بإشراف من المحافظة وأضاف بأن مهنته تقتصر علي تنظيم السيارات التي يقوم صاحبها بدفع خمسة جنيهات في اليوم، وأنه معيّن من قبل المحافظة، ويقوم بمهمة ضبط الأمن داخل الموقف خاصة بعد الفوضي الأمنية التي انتشرت بعد الثورة وغياب الشرطة عن الشارع وقال: هناك كشف بأسماء الكارتجية في قسم الشرطة والمحافظة وأنهم يتقاضون من المحافظة. ويخبرنا أشرف البرنس "سائق" أن قسم الشرطة علي دراية بكل ما يدور داخل الموقف، وبعد أن يقوم عامل الكارتة مرتباً شهرياً ومعاشاً بجمع الأجرة يقوم بتسليمها ليحصل علي نسبته منها. و أشفقنا علي الحاج حامد "سائق 62 سنة " وهو يقوم بمهمته رغبة في استكمال تكاليف علاجه، في الوقت الذي لا يرحم بعض السائقين حالته رغم أنه يثبت لهم شخصيته ككارتجي فيقومون بتهديده بسلاح أبيض، حتي لا يدفعوا الرسوم المقررة وهو ما جعل حامد يتصل بالجيش في بعض الحالات لاحتجاز السيارة ومعاقبة صاحبها. في حين يطلعنا عمرو محمد، أمين شرطة بشارع رمسيس أنه لا يوجد لديهم صلة بالكارتجي ويكمن دورهم في تنظيم الشوارع العمومية أما المواقف الداخلية للميكروباص فيقوم بالإشراف عليها أشخاص مكلفون من المحافظة بإدارة وتنظيم شئون هذا الموقف ويتم الرجوع إليها عندما يفشل هذا الشخص في تفادي المشكلات. أما الخطير في الأمر فهو ضلوع رجال شرطة بالتورط في القيام بأعمال بلطجة كما أكد سائق بمنطقة المرج رفض ذكر اسمه وهو يتهم ضابطا برتبة رائد بقسم المرج يجبر السائقين علي دفع مبالغ مالية تصل إلي 051 جنيها بدون إيضاح سبب معين يقتضي ذلك، مستغلا أصحاب السيارات التي لا تحمل رخصة مرورية وتهديدهم بمصادرة السيارة إن لم يقوموا بتسليمه المبلغ الذي يحدده.