لايذكر المسرح المصري إلا ويذكر اسمه رائده الفنان الكبير يوسف وهبي كواحد من أعظم نجومه، كما أنه لايذكر يوسف وهبي إلا وتذكر قصة حياة هذا الفنان الذي تربي وعاش وسط حياة الغني والبذخ، وفضل أن يسافر إلي إيطاليا ويدرس المسرح، ويعود إلي وطنه ليقدم كل ماهو جدير بالفن الرفيع والخلود، عندما يصبح المسرح له حياة وأمل ومستقبل. وقد استمتعت بقراءة كتاب (يوسف وهبي.. السيرة الأخري لأسطورة المسرح) من تأليف الدكتورة لوتس عبد الكريم الصادر عن كتاب اليوم. والكتاب مكتوب بأسلوب شائق، وبقلم كاتبة عرفت عن قرب عميد المسرح العربي يوسف وهبي وأسرته فقدمت كتابا جميلا يليق بهذا الفنان الذي أفني حياته حبا للفن وللمسرح بصفة خاصة، والجوانب الخفية التي قد لايعرفها الكثيرون عنه، وكيف عاش حياته بالطول والعرض، ونال أعظم الأوسمة، كما نال رتبة البكاوية عندما حضر الملك فاروق أول عرض لفيلم غرام وانتقام في سينما ريفولي بالقاهرة. وكأن الدكتورة لوتس تلخص مشوار حياته كلها بهذه الكلمات الجميلة لعميد المسرح العربي يوسف وهبي: »لم يغرني الترف ولم يهمني الفقر، ولست أظن أن فنانا استمتع بحياته قدر ما تمتعت، ولا أعتقد أن أحدا يستطيع أن يحقق المتعة التي حققتها. لكن الحياة علمتني أن التسامح هو أكبر مراتب القوة، وأن الحقد هو أول مظاهر الضعف«. وتعلق الدكتورة لوتس علي ذلك فتقول: »هذا هو يوسف وهبي قمة في العقل.. قمة في التسامح للخير.. قمة في البساطة التي لاتمحو الكبرياء.. قمة في الغفران الذي لايلغي الحنان.. قمة في التفكير المرن المتزن الذي لايسمح بالطغيان«. ولأن يوسف وهبي كان يؤمن بالروحية إلي أقصي حد، فإنه كان يؤمن إيمانا عميقا بها، وقد قال عندما شعر باقتراب النهاية: » هذه المرة لن أستطيع أن أسخر من القدر، لأنني أؤمن بالانتقال إلي دنيا أخري جديدة، وأثق تماما بأنني سأجد فيها مسرحا وجمهورا، وسأقدم جميع مسرحياتي مع زملائي الرواد الجبابرة، فأنا أؤمن تماما بأن هناك حياة أخري أروع«. وما أكثر عطاء فناننا الكبير، وما أجمل هذا الكتاب الذي يضم جوانب كثيرة عن حياة فنان ملأ الدنيا وشغل الناس.