إسرائيل تحمى الأفارقة بالقتل! ثلاثون عاما من التراجع للدور المصري في أفريقيا، مهد لإسرائيل الطريق لتقنع الأفارقة بأنها الدولة التي لم يخلق مثلها في البلاد.. فهي جنتهم التي سيجدون فيها السكن والعمل والمال والعدل. حلم الوصول إلي بلد الأحلام، داعب خيال شباب أفارقة لا يجدون في بلادهم الحد الأدني من احترام آدميتهم، فراحوا يدخرون من قوتهم لينفقوا علي رحلة تصل بهم إلي إسرائيل.. لم يستح النظام السابق من الأرض المباركة (سيناء).. روج أنها تمتلئ بالشياطين، فصور البدو علي أنهم عصابات تهدد الأمن وتروع الحياة هناك.. تغاضت حكومات مبارك عن مشاريع التنمية علي أرض الفيروز، فسادت البطالة بين رجال لم يجدوا ما ينفقون به علي أسرهم مما اضطر البعض منهم إلي الانضمام لعصابات تتكسب رزقها عن طريق عمليات تهريب الأفارقة الذين وجدوا عند دخولهم إلي إسرائيل من ينتظرهم ليبقر بطونهم ويحصل علي أعضائهم! الظاهرة التي أصبحت تشكل خطرا كبيرا لم تجد من يلتفت إليها باعتبارها عودة من جديد إلي عصر الرقيق، في نسخة أسوأ وأضل سبيلا.. ينفي محمد المنيعي عضو اتحاد قبائل وعائلات سيناء التهمة عن البدو في كونهم المسئولين عن تهريب الأفارقة، ويلفت إلي رحلة تبدأ من الحدود السودانية، وتمر بمراحل كثيرة، ويشير إلي هجرة جوية تتم من خلال مطار القاهرة.. (سودانيون - نيجيريون- اثيوبيون- سنغاليون) .. لا يستطيع المنيعي أن يحدد جنسيات الأفارقة علي وجه الدقة ويقول : هم خليط من دول مختلفة جمع بينهم حلم الوصول الي أرض الميعاد التي يتصورون أنها تحقق لهم ما يحلمون به من وجود فرص عمل لا يحصلون عليها في بلادهم، وهو ما يروج له عصابات متخصصة في الاتجار بالأحلام . وب " القلة " يصف عضو اتحاد قبائل وعائلات سيناء عدد المتورطين البدو ممن ينضمون الي عصابات تهريب البشر. بينما يؤكد علي أن الكشف عن العناصر المتورطة والتضييق عليهم مهمة يجدها حكماء البدو امراً لابد منه فيقومون بالتعاون مع المسئولين بمطاردتهم وإلقاء القبض عليهم، فضلاً عن عقد المؤتمرات لتوعية الأهالي بعدم الانخداع من فكر العصابات . ويري أن حل المشكلة يبدأ من جنوب البلاد لتجفيف المنبع والقضاء علي عملية التهريب قبل ان تحدث، ويلفت الي طريق طويل يسلكه الأفارقة حتي يصلوا في أمان الي سيناء وهو مايدل علي وجود عصابات تنظم سير الرحلة من بدايتها حتي نهايتها.. ويتساءل: فهل البدو هم من يفعلون ذلك؟! ولا يستبعد المنيعي خطة إسرائيلية لجذب الأفارقة إليها من خلال الترويج لنفسها عبر إذاعات موجهة الي مواطني هذه الدول ووسائل أخري تنجح في ترسيخ حلم الهجرة الي إسرائيل، وهو ما يوضح الترحاب الشديد الذي تستقبل به قوات حرس الحدود الإسرائيلية هؤلاء النازحين إليها من المتسللين عبر الحدود المصرية، ويشرح إبراهيم المنيعي كيف يتم تجميع هؤلاء الافارقة الذين يكونون في حالة من الإرهاق والجوع المفرط، والخوف من المجهول.. وإلحاقهم بحديقة زراعية تدعي " الكابوتس " حيث يتم تدريبهم علي أعمال معينة، وإسرائيل نفسها هي من تقوم بسرقة أعضاء بعض الأفارقة وتلقيهم علي الحدود فيقوم العساكر بدفنهم في مقبرة الصدقة بالعريش. ويستطرد : لا أدري من الذي لصق التهمة بأهالي سيناء الذين لا يمتلكون إمكانيات طبية تمكنهم من سرقة الأعضاء. ويكشف أن هذه العصابات تعيش في الصحراء ويمتهنون تهريب الأفارقة، فيقومون بنصب الخيام، والملاجئ للقادمين بالقرب من الحدود حتي تسنح لهم الفرصة بتهريبهم. ومن5 إلي 10 آلاف دولار يثمن المنيعي رحلة المهاجر الأفريقي نظير عملية تهريبه إلي إسرائيل منذ تحركه من دولته حتي حدود سيناء ويحدد مبلغ 1000 دولار تحصل عليه العصابات نظير تسهيل عملية التسلل إلي إسرائيل. ويتحدث عما يصفه ب "الخدعة" من جانب هذه العصابات التي تقوم باستبدال إسرائيل وتهريبهم إلي دول عربية أخري. ويشير إلي فشل بعض الأفارقة في التسلل عبر الحدود، بعد القبض عليهم من قبل قوات حرس الحدود أو موت آخرين من جراء إطلاق الرصاص عليهم. أما المصابون فيتم إخطار سفاراتهم بعد التحقق من هويتهم، بينما يحكي عن عمليات تعذيب علي أيدي "العصابات" في حالة نفاد أموال الأفارقة للضغط عليهم لجلب أموال إضافية من ذويهم، وفي هذه الحالة قد يقومون بتسليم أنفسهم للسلطات المصرية أو يموتون جوعاً وعطشاً في الصحراء. ويعترف المنيعي بفشل البدو في ملاحقة أفراد العصابات ممن يختبئون في تضاريس صحراوية وعرة، في الوقت الذي يهتم فيه النظام السابق بتربية عناصر لم تجد مصدر رزق لها إلا من خلال الانضمام إلي عصابات إجرامية، خاصة مع عدم وجود مشروعات للتنمية تستوعب الطاقات البشرية هنا. ويشدد علي أن وطنية شباب البدو تجعلهم لايفضلون العمل في الدولة العبرية رغم كل ما يحيط به من بطالة وفقر. خمس سنوات هي عمر هذه الظاهرة التي يقول المنيعي أن النظام السابق غض الطرف عنها. وفي قرية المهدية علي الشريط الحدودي نجد الحاج »أبو أشرف« يجتمع مع أقاربه من البدو وهم يتحدثون حول خطة تمكنهم من التصدي لعصابات تستغل الفقر والجوع وقسوة الحروب، واتفق المجتمعون علي تكوين لجان تكون من مهمتها مراقبة الشريط الحدودي لمنع عمل العصابات، في الوقت الذي يرون فيه أن توفير فرص عمل لأفراد هذه العصابات من قبل الحكومية سيساعد في تقليص أعدادهم والحد من نشاطهم.. وفي مستشفي الشيخ زويد المركزي أخبرنا عبد الباسط محمد المدير الإداري للمستشفي أن الجثث الموجودة داخل المشرحة تأتي بإحدي طريقتين: الأولي عن طريق حرس الحدود، أو يجدونها ملقاة أمام المستشفي بعد أن تلقيها العصابات في ساعات متأخرة من الليل، ويشير الممرضون إلي آثار تعذيب واضحة علي جثث أفارقة تدخل المستشفي علي فترات مقاربة.