كشفت مصادر أمنية عن أن العملية الإرهابية التي استهدفت حافلة كانت تقل أقباطاً في طريقهم من بني سويف إلي دير صموئيل علي الطريق الصحراوي غربي محافظة المنيا، وأن منفذي العملية 12 داعشياً استخدموا نحو ألف طلقة بأسلحة آلية ونفذوا العملية بنظام "القفزات" لرصد تحركات الأقباط في هذا النطاق، وأكدت المصادر ل"آخرساعة" أن العملية تكلفت نحو 10 ملايين جنيه، لكن القمر الصناعي حدد أوصاف الجناة.. وإلي التفاصيل. يعكف فريق بحثي تم تشكيله يشرف عليه وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار، يضم ضباط الأمن الوطني بإشراف مساعد الوزير للقطاع اللواء محمود شعراوي، وضباط الأمن العام بإشراف مساعد الوزير للقطاع اللواء جمال عبدالباري، وضباط الأمن المركزي برئاسة مساعد الوزير للقطاع اللواء هشام عباس، ومساعد الوزير لمنطقة شمال الصعيد اللواء ناصر العبد، علي جمع المعلومات الكافية عن حادث المنيا الإرهابي الذي نجم عنه وفاة 28 قبطيا وإصابة 25 آخرين، ويتم شن مأموريات لتمشيط الظهير الصحراوي للمنيا لملاحقة الجناة.. "آخرساعة" ذهبت إلي مكان الحادث لمتابعة التفاصيل عن قرب. بمجرد وصولنا إلي مدخل الطريق المتفرع من الصحراوي الغربي المؤدي إلي دير الأنبا صموئيل، وجدنا سيارات الشرطة متمركزة لمنع الدخول، إصرارنا علي الدخول جعل ضابط الشرطة، قائد الكمين ينصحنا بعدم الدخول لصعوبة الطريق فضلاً عن احتياجنا لدورية أمنية لتأميننا، ورغم كل ذلك طلبنا الدخول فحاول الاتصال بمأمور مركز العدوة الذي كان متواجداً داخل الدير لأخذ الموافقة منه فلم يستطع الوصول له بسبب انقطاع الاتصالات في المنطقة. أثناء انتظارنا خروج المأمور، وجدنا سيف سعداوي عمدة قرية بني وركان بمركز العدوة، قادماً من طريق الدير، عرفنا أنه كان متواجدا منذ صباح يوم الحادث وحتي نهاية اليوم مع رجال الشرطة، حيث قال ل"آخرساعة": الحادث وقع في الثامنة صباح الجمعة الماضي وبلغت به من مركز العدوة بعد 10 دقائق وكنت في موقع الحادث بصحبة قوات شرطة المركز الساعة 8:40، وجدنا الأتوبيس مهشما والضحايا غارقين في دمائهم، وقدمنا المياه لبعض المصابين، وتم نقل العديد من المصابين بسيارات الإسعاف إلي المستشفيات. وأكد العمدة سيف، أن قوات الأمن قامت بتتبع الجناة مع قصاصي الأثر، وتبين أنهم جاءوا من طريق "باويط" المؤدي إلي الواحات ومحافظة الفيوم وصولاً إلي حدود ليبيا التي تبعد عن الدير نحو 150 كيلو مترا، ونفذوا العملية وعادوا من نفس الطريق، مشيراً إلي أن الدير يبعد عن الطريق الصحراوي الغربي نحو 30 كيلومترا وتم تنفيذ العملية علي بعد 10 كيلومترات من بداية مدخل الطريق المؤدي إلي الدير. في الأثناء، علمت "آخرساعة" أن عدد فوراغ الطلقات التي عثر عليها في موقع الحادث حوالي ألف طلقة روسي بما يشير إلي استخدام الإرهابيين بنادق آلية. فجأة هرول الضباط إلي بداية الطريق وفتحوا الحواجز الأمنية، حيث كان المأمور قد وصل وهنا طلبت منه الدخول إلي مكان الحادث، فوافق بعدما قال لي قمنا برفع الأتوبيس من مكان الحادث وسننقله الآن إلي مركز العدوة، ونجحت المجلة في تصوير الأتوبيس من الداخل، علي الرغم من أن كافة الصور التي التقطت للأتوبيس كانت من الخارج فقط، حيث حاولنا أن ننقل صورة حقيقية لما دار في "حافلة الموت". داخل الأتوبيس، رصدنا بقايا طعام مختلطة بدماء، مثل الفول السوداني وخبز "فينو" وقطع حلوي ملونة، وأسفل أحد المقاعد ظهر حذاء لطفل مخضب بالدماء، في مشهد يدل علي بشاعة وقسوة القتلة. نزلنا من الحافلة وسألنا القمص أنطون فرانسيس (كاهن بمطرانية مغاغة) عن سبب وقوفه أمام الطريق المؤدية إلي الدير فقال: ننتظر وصول جنازات 8 جثامين لدفنهم في كنيسة داخل دير الأنبا صموئيل، معتبراً الحادث يهدف إلي تفتيت مصر وتفكيك وحدتها الوطنية، وإحداث وقيعة بين المسلمين والمسيحيين لكن هناك وعي جيد لمثل هذه الأمور من قبل المسيحيين ولن يعطوا الفرصة للإرهابيين بشق الصف. وتابع: الضربة الجوية التي قامت بها قواتنا المسلحة أثلجت صدورنا، وامتصت غضبنا، وهذا رد فعل قوي علي من يحاولوا الوقيعة بيننا بأن هناك جيشا يحمي جميع المصريين وتسيل دماء أبنائه من أجل الوطن، ونشكر الرئيس السيسي علي كلمته القوية ولتوجيهه تحذيرات للإرهابيين ووعدنا بالقصاص، ونحن متمسكون بالمقولة الشهيرة للبابا شنودة بأن مصر وطن يعيش فينا وليس وطناً نعيش فيه. بمجرد وصول الجنازات، دخلنا معها، وكان عدد السيارات خلف الجنازات كبيرا ومن كثرته لم نستطع حصره، وبعد 50 دقيقة من السير في المدقات الجبلية الوعرة والمنحنيات وصلنا إلي دير الأنبا صموئيل، المزود بالعديد من كاميرات المراقبة علي الأسوار وفوق بوابات الدخول فضلاً عن وجود تمركز أمني من ضباط وأفراد الشرطة علي مدخل الدير لتأمينه، وتم تلاوة الترانيم ودفن الجثامين وسط تواصل صرخات أسر الضحايا الذين رفضوا الحديث للصحفيين. كشفت مصادر أمنية ل"آخرساعة" أن منفذي العملية 12 داعشياً تلقوا تدريبات في أحد المعسكرات الليبية، وقد غادروا إلي خارج البلاد عقب الحادث وتمكنوا من الوصول إلي الحدود الليبية بعد ساعتين من تنفيذ جريمتهم أي في تمام العاشرة صباح الجمعة الماضي، ورجحت المصادر أن تكلفة تنفيذ هذه العملية يتخطي 10 ملايين جنيه بتمويل قطري تركي. وأضافت المصادر أن العملية تمت بنظام "القفزات"، من خلال رصد تحركات الحافلات علي مدار مدة لا تقل عن 4 أسابيع ولا تزيد عن ستة، وذلك من خلال الرصد أكثر من مرة وعدم السير خلف الحافلة مباشرة، ولا يقوم أيضاً بالرصد من بداية التحرك حتي لا يكشف أمره، حيث تتم المراقبة والرصد من بعد التحرك بمسافة، ومكان الحادث تمت دراسته جيداً بحيث يتم تنفيذ العملية والانسحاب فوراً من خلال طريق محددة مسبقاً وتم السير فيها أكثر من مرة والتأكد من عدم وجود دوريات أمنية فيها، وفي التنفيذ تم تقسيم الجناة إلي 3 مجموعات، واحدة دورها الاقتحام والثانية للتأمين والثالثة للتغطية والردع من خلال إطلاق أعيرة نارية كثيفة في الهواء لمنع تدخل أي عناصر خارجية. وأشارت المصادر إلي أن الأجهزة الأمنية تستعين بتصوير القمر الصناعي الذي يلتقط صوراً عشوائية لتلك المناطق بشكل دوري لتحديد مواصفات الجناة، وأوضحت المصادر أن منفذي الهجوم محترفون واتضح ذلك عندما قاموا بإيهام الضحايا بأنهم تشكيل عصابي للسرقة أو السطو المسلح حيث طلبوا منهم الحصول علي متعلقاتهم في البداية وهذا الأمر لطمأنة الضحايا وضمان عدم حدوث أي مقاومة منهم غير محسوبة العواقب. أكد مدير أمن المنيا اللواء فيصل دويدار أن هناك حالة استنفار بين جميع الخدمات الأمنية، مشيراً في تصريحات ل"آخرساعة" أن الدير لم يخطر مديرية الأمن بوجود أية زيارات إليه، فضلاً عن عدم طلبه تأمين أي رحلة، وإذا طلب فإن الاستجابة ستكون فورية لأن الدير يقع علي مسافة بعيدة من الطريق الصحراوي الغربي ويوجد في منطقة تضاريسها صعبة لأنها مليئة بالمنحنيات والمدقات. من جانبه أكد مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الحراسات والتأمين اللواء حسام نصر أنه يجري الآن تحديث خطط تأمين الشخصيات الهامة، وتنفيذ هذه التحديثات علي وجه السرعة، وكذلك تكثيف الإجراءات الأمنية علي المنشآت الهامة والحيوية والمقاصد السياحية لتوفير أقصي معدلات الأمن بمحيطها، مضيفاً ل"آخرساعة" أنه تم تعيين خدمات ملاصقة للأفواج السياحية لتأمينها.