لم يكد الأحد الدامي يطوي ساعاته الأخيرة حتي بدأت التحليلات تطفو علي السطح من جانب خبراء الأمن والحركات الجهادية، لكن القراءة الأبرز في هذا السياق أدركتها مبكراً تحليلات مراقبين وأخري أطلقها مواطنون عاديون علي مواقع السوشيال ميديا، التي كان لها السبق قبل المواقع الإخبارية والمواقع الإلكترونية في نقل أخبار تفجير كنيستي طنطاوالإسكندرية. وعلي الرغم من وصف جميع المغردين علي مواقع التواصل الاجتماعي للعملية الإرهابية التي استهدفت كنيسة مارجرجس في طنطا ب"العملية السيئة"، إلا أن هذه العملية رغم فداحتها كان لها "حسنة وحيدة" وهي نجاة البابا تواضروس من الموت شبه المحقق في الإسكندرية، حيث غادر البابا الكنيسة المرقسية قبل دقائق معدودة من تفجير نفذه انتحاري في محيطها بفارق زمني عن تفجير طنطا، حيث قضي مدة زمنية محدودة داخل الكنيسة قبل أن يغادرها آمناً. وكان البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، حضر قادماً من "كنج مريوط" في الخامسة صباح الأحد ليترأس صلاة القداس الإلهي ل"أحد السعف" (أحد الشعانين) في الكنيسة المرقسية في الإسكندرية، بحضور عدد كبير من الأساقفة والأنبا أنجيلوس والأنبا بافلي والأنبا إيلاريون والآباء والكهنة إلي جانب عدد كبير من المصلين الأقباط، لكنه غادر الكنيسة بعدما علم بنبأ حادث التفجير الذي وقع في كنيسة "مارجرجس" في طنطا"، قبل أن يقول القس أنجيلوس إسحاق، سكرتير البابا تواضروس الثاني، في بيان بثته قناة كنيسة "مارمرقس": "إننا نطمئن الجميع علي صحة البابا، وهو بخير وسلام". وذهبت التحليلات التي قال بها مغردون علي مواقع التواصل الاجتماعي إلي أن الهدف الأكبر لم يكن تفجير كنيسة طنطا، بل كانت الأخيرة مجرد خطة هدفها لفت الأنظار وسحب تركيز قوات الأمن إلي محافظة الغربية، لحين تنفيذ مخطط اغتيال البابا تواضروس عبر استهداف الكنيسة المرقسية التي كان متواجداً فيها بمدينة الإسكندرية، وهي الخطة التي ربما كانت ستنجح لولا أن القدر حال دون ذلك حيث علمت "آخرساعة" من مصادر لها أن البابا قبل مغادرته للكنيسة، تحرك من القاعة الرئيسية التي شهدت القداس إلي غرفة خاصة به داخل نفس الكنيسة، قبل لحظات من وقوع التفجير أمام البوابة الخارجية للكنيسة، لتعلن بعدها وزارة الصحة أن عدد ضحايا الانفجار بلغ 16 قتيلاً، وإصابة 41 آخرين حتي مساء الأحد الماضي. إلي ذلك، قال سكرتير المجلس الملي السكندري، الدكتور كميل صديق، إن البابا تواضروس علم بحادث تفجير كنيسة مارجرجس في طنطا أثناء قداس أسبوع الآلام ورفض التعليق علي هذا الحادث الإجرامي، واكتفي بأداء صلاة "التجنيز" علي الشهداء، موضحاً أنه لا صلاة تؤدي علي من يموت في أسبوع الآلام. وأكد كميل أن هذا الحادث الأليم لن يمس النسيج الوطني، مشيراً إلي أنه جاء نتاج تراكمات منذ السبعينيات ولابد من تطبيق القانون بلا رحمة علي من يسعون إلي ضرب وحدة الوطن. لكن في أعقاب ذلك، علق البابا تواضروس علي التفجرين قائلاً إن "الأعمال الآثمة لن تنال من وحدة وتماسك الشعب المصري في مواجهة الإرهاب". وفيما ترددت أنباء عن إلغاء احتفالات الأقباط بعيد القيامة المجيد هذا العام بسبب الحادثتين الإرهابيتين، أكد القمص سيرجيوس وكيل الكاتدرائية المرقسية، علي أن الكنيسة سوف تحتفل بعيد القيامة ولن يمنعها الإرهاب من ذلك، مضيفاً: »لن نمنع الاحتفالات ولن نجعلهم يكسرون بهجتنا وأفراحنا». وتابع سيرجيوس: »الشيطان لا يمكنه أن يلقي بنفسه للموت كما يفعل الإرهابيون، ولابد من التكاتف لتغيير الفكر المريض». وشدد وكيل الكاتدرائية المرقسية، علي ضرورة مواجهة فكر الإرهابيين قبل المواجهة الأمنية، مضيفاً: »وحدة المصريين لن تُمس ولا أصدق كيف يدفع الإرهابي بنفسه إلي الموت». ووسط هذا الكم الكبير من الضحايا، حظيت قصة استشهاد المقدم عماد الركايبي، المعين خدمة أمام الكنيسة باهتمام بالغ من رواد مواقع التواصل، حيث قضي الركايبي حتفه إثر تصديه وطاقم الحراسة للانتحاري الذي حاول تفجير نفسه في الكنيسة، ومنع كارثة أكبر من الحدوث. في وقت أظهر مقطع فيديو التقطته كاميرات مراقبة علي بوابة الكنيسة الانتحاري وهو يفجر نفسه في الكنيسة المرقسية في الإسكندرية، بعد لحظات من منع الضابط له من الدخول لرفض الإرهابي المرور من البوابة الإلكترونية المخصصة لكشف المتفجرات. في موازاة ذلك، ولأول مرة في مصر، استشهدت "شرطية" في حادث إرهابي، حيث ذكر بيان ل"الداخلية" بشأن تفاصيل انفجار الكنيسة المرقسية، أن العميد نجوي النجار، الضابط بقوة تفتيش الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية، استشهدت في الحادث الإرهابي، كما استشهد ضابط آخر وأمين شرطة من قوة مديرية أمن الإسكندرية وعدد من المواطنين، بخلاف وقوع العديد من الإصابات. من جهة أخري، وبينما مازالت تحقيقات النيابة العامة تجري بشأن الحادثين ذ حتي مثول المجلة للطبع - أعلن تنظيم »داعش» الإرهابي تبنيه للعمليتين الإرهابيتين في طنطاوالإسكندرية، وذكر التنظيم في بيان له، أن »أبو البراء المصري» فجّر نفسه بواسطة حزام ناسف أمام الكنيسة المرقسية، بينما فجّر أبو إسحاق المصري سترته الناسفة وسط تجمع أمام كنيسة مارجرجس في طنطا.