ماعبدت الله خوفا من ناره ولا طمعا في جنته فأكون كالأجير السوء إن خاف عمل، بل عبدته حبا له وشوقا إليه.. كلمات نطق بها القلب الممتلئ بالحب والشوق والابتهال إلي الله.. قالتها رابعة العدوية المولودة بالبصرة عام 95ه والبصرة في ذلك الوقت كما يقول الكاتب مأمون غريب مؤلف كتاب رابعة العدوية محراب الحب الإلهي امتلأت بالقصور التي يمتلكها الأغنياء والأكواخ التي يعيش فيها الفقراء حيث ولدت وسماها أبوها رابعة لأنها الرابعة بين أولاده كان الأب فقيرا لكنه عابد خاشع محب لله حفظت القرآن الكريم صغيرة ومات أبوها وهي شابة واجتاح البصرة قحط وتفرقت عن أخواتها ووقعت أسيرة الرق بعد أن باعها أحد التجار في سوق النخاسة، جمالها وحلاوة صوتها وإجادتها العزف علي النادي جعل سيدها يغريها بالغناء لأصدقائه في ليالي السمر فعاشت سنوات في أسر الهوي تنهل من ملذات الحياة.. يتطرق المؤلف لحياة رابعة العدوية وهو يري أن كتب التراث مليئة بالمتناقضات التي لاتستقيم مع المنطق عن حياتها بعد أن أعتقها سيدها ورأها تذكر الله تعالي في حجرتها ووجد قنديلا معلقا في أعلي الحجرة يضئ الحجرة مما جعله يوقن أن لها مكانة عند ربها.. ويقول الرواة إنها احترفت الغناء والعزف لتوفر لنفسها مطالب الحياة بعد عتقها.. ويرد المؤلف علي هذا الادعاء بقوله: كيف تنغمس في الملذات وهي التي استشعرت جلال الحب الإلهي وما كانت تقوم به رغبة في إرضاء سيدها وامتثالا لأمره ، وكانت روحها تتوق للحب الإلهي تتردد علي المساجد تسمع الأئمة والصالحين من زهاد البصرة لتقتفي أثرهم فكانت تخلو لنفسها وتتعبد وتردد الأذكار والقرآن. وقد لجأت لأحد أقربائها المشهورين بالزهد رباح بن عمرو القيسي الذي دلها علي حياة الزهد حتي صارت عابدة صاحبة رؤية في الحب الإلهي تبعها فيه كبار رجال الصوفية الذين جاءوا بعدها بعشرات ومئات السنين أمثال ابن الفارض وابن عربي والبوصيري وأوضح الكاتب جزءا هاما في حياتها شابة الغموض بخصوص زواجها من رباح القيس من عدمه ورأي الكاتب بعد استقراء هذه الروايات من خلال كتب التراث رجاحة زواج رابعة مستشهدا ببحث الدكتورة سعاد عبد الرازق أكدت زواج رابعة وبسببه قد نسبت إلي القيسيين فاشتهرت برابعة العدوية القيسية وصمت مؤرخي النصوص عن ذكر اسم زوجها صراحة لم يتوصل المؤلف إلي تفسير له خاصة أنهم ذكروا كثيرا من الزاهدات العابدات منسوبات إلي أزواجهن مثل معاذة العدوية امرأة بصلة بن اشيم ورابعة بنت إسماعيل زوجة أحمد بن أبي الحواري وقد يرجع ذلك لأن رابعة العدوية كانت أشهر من أن تعرف منسوبة إلي زوج بعينه ولذلك جاء ذكر زواجها تلميحا لاتصريحا.