قد لا تعلم أمهات قرية »أبو عطوة» في الإسماعيلية أنهن جعلن مصر في مقدمة الدول الأكثر إنجابًا للتوائم بجانب الهند وأوكرانيا، أما الدكتور أحمد عبد العظيم استشاري النساء والتوليد بمستشفي الإسماعيلية، فلا ينكر فضل هؤلاء السيدات بعد أن أصبح ضمن ثلاثة أطباء علي مستوي العالم، ولد علي يديهم أكبر عدد من التوائم. داخل شارع أبو شحاتة بالقرية يسير التوائم متجاورين، تستطيع التعرف عليهم بسهولة من ملامح وجوههم وحركاتهم وملابسهم المتشابهة.. »آخر ساعة» جلست مع أمهات التوائم لتستمع إلي قصص وحكايات تقطر الشهد. تحكي »مني» معاناتها مع توءمها »ولد وبنت» وصلوا الآن إلي عامهم الثالث عشر، مؤكدة أن تربية التوءم في غاية الصعوبة وأن توءمها يتسمان بالعند الشديد ولا يتفقان علي أي شيء مطلقا، وكل منهما يريد اللعب مع أي شخص عدا توءمه، ويرفضان تناول نفس الطعام، والمذاكرة من كتاب واحد، حتي أنهما يرفضان حضور دروسهما مع نفس المدرس، وطيلة الوقت يعيشان في مشاجرات لا تنتهي. ومع ذلك إذا ابتعد أحدهما عن الآخر لا يكف السؤال عنه. وتوضح أن الاحتياجات العادية لأي طفل تضربها في اثنين، بالإضافة إلي أن قدراتهما العلمية مختلفة، فالصبي قدرته علي التركيز أعلي من الفتاة. وحول ما يتفق فيه كلاهما تقول: تاريخ الميلاد فقط ويختلفان في كل شيء عدا ذلك حتي ألوان الملابس، حتي أن ابنها اقترح عليها ذات مرة أن تحتفل بعيد ميلاده في يوم آخر. يتبرأ ابنها من توءمه وعندما يسأله أحد هل هي أخته التوءم يقول إنه أكبر منها بعام مستغلا فرق الطول بينهما، وتذكر أنهما عندما كانا صغيرين كانا يتفقان دائما علي تخريب وتكسير الأشياء، أو سكب الطعام وبدأ الخلاف بعد دخولهما المدرسة مباشرة حتي أنهما يرفضان التصوير مع بعضهما. وعلي العكس تحكي »أمل» أم التوءم محمد ومحمود في الثامنة من عمرهما ويدرسان في الصف الثاني الابتدائي، قائلة: إنها لم تسع مطلقا لإنجاب توءم ولكن الله رزقها بهما، وأنها قامت بتربيتهما علي حب بعضهما، حتي أصبح كل منهما يفضل أخاه علي نفسه، وتقول إنهما يمرضان معا ويتعافيان سويا، وعندما تقوم بمعاقبة أحدهما بحبسه في غرفته يشعر الآخر بالاختناق، فهم نفس الروح، وهم من التوائم المتشابهين بدرجة كبيرة ولكنها الوحيدة التي تفرق بينهما. وداخل مدرسة محمد فريد الابتدائية التقينا بفتاتين توءمتين مختلفتين في الملامح في الصف السادس الابتدائي، »إسراء وأسماء»، قالتا إنهما يحبان نفس الأشياء وتحبان الألوان، وطاعة والدتهما. تقول أسماء أنها وأختها تحبان ارتداء نفس الملابس خارج المدرسة وتصنعان نفس تسريحة الشعر، إلا أن أسماء تفضل اللون الأحمر بينما تعشق إسراء الروز. تستمتعان بأنهما توءمان فهما تذهبان سويا للمدرسة وتحضران نفس الدروس ولهما نفس الأصدقاء، ولا تطيق إحداهما الانفصال عن الأخري ، وعندما تمرض إحداهما تتبعها الأخري مباشرة. وتشتهرعزة في المنطقة ب»أم التوائم»، فقد تزوجت منذ 15 عاما أنجبت في البداية صبيا »سيد» وبعد عام رزقت بفتاة »عزة»، ثم حملت بتوءم صبي وفتاة »محمد ورحمة»، والمرة الأخيرة حملت بتوءم ثلاث فتيات »روان وريم ورنا» رغم اتخاذها كل الاحتياطات اللازمة لمنع الحمل!. تقول: »ليس لي أحد بعد ربنا»، فهي تعيش بمفردها.. وبعد أن كبر ابنها وابنتها قررا مساعدتها في تربية إخوتهما الصغار، أما زوجة والدها فهي تعينها أيضا بتربية إحدي بناتها معها نظرا لأنهما تعيشان في نفس المنزل، وهو ما يجعل صغيرتها تستمتع باللعب مع إخوتها قبل أن تنام في نهاية اليوم في أحضان زوجة أبيها . بمكافأة صغيرة تعمل عزة عاملة في مدرسة وتتمني أن يتم تعيينها لأن كل ما تحصل عليه في نهاية كل شهر هو 200 جنيه فقط، أما زوجها فهو بائع جرائد وهو ما يجعلها تعيش في شقة يملكها والدها نظرا لعدم قدرتها علي دفع إيجار في أي مكان آخر. تقول إن من أهم المشكلات التي تعاني منها الاختلافات الدائمة بين أبنائها التوائم حتي يظن من لا يعرفهم أنهم ليسوا إخوة في الأصل، وعندما أحضر لهم أي شيء لابد أن يطابق الشيء الذي أقدمه للآخر سواء كان ملابس أوألعاب، وتحدث مشكلة عندما أعطي أحدهما جنيها ورقيا والآخر فضيا. وعندما يتعرض أحدهما للضرب فإن الآخر هو الذي يبكي ولا يذهبان للمدرسة إلا معا. أما أكبر توءم في القرية فهما سيد ومحمود الأول يعمل موظفا بالسكة الحديد والآخر بوزارة الأوقاف» عمرهما 41 عاما. يوضح سيد أن تعامله مع توءمه شكل مختلف عن بقية إخوته، فحياتهما يقضيانها سويا، يرتدي كل منهما ملابس الآخر لأن أجسامهما متطابقة في الحجم رغم اختلاف أذواقهما بعض الشيء، حتي أن مستواهما التعليمي متطابق. تزوج التوءمان ولكن لم ينجب أي منهما توءما آخر، ويقول إن والدتهما كانت تعاني بطبيعة الحال فأي سيده لديها أطفال توائم تختلف حياتها عن أي أم أخري. قرر التوءم أن يفتتحا مطعما، وعرضت عليهما دولا عربية مثل السعودية والإمارات العمل هناك ولكنهما رفضا ترك البلد والسفر لأي دولة أخري. ويحكي سيد عن كثيرين يختلط عليهم الأمر ويحدثونه بدلا من أخيه والعكس، مما قد يسبب بعض المشكلات أحيانا، يقول: زملائي في العمل قد يقابلون أخي ويرحبون به وهو لا يعرفهم! وداخل عيادته بالقرية التقينا بالدكتور أحمد عبد العظيم، استشاري النساء والولادة بمستشفي الإسماعيلية العام، الذي لد وعاش في القرية ويقول إنه اكتشف قصة التوائم بالصدفة، فكل أسبوعين أو ثلاثة يجد حالة ولادة لتوءم ووصل إلي أنه أحيانا نجد حالتين في نفس اليوم. ويضيف: تصل نسبة التوائم في المنطقة ما يقرب من 200 توءم وتتراوح الحالات بين اثنين أو ثلاثة أو أربعة توائم، موضحا أن المنشطات هي المسئول الأول عن ولادة التوءم ففي بعض الأحيان من تتأخر في الإنجاب ولو لفترة قصيرة تذهب للطبيب ليصف لها بعض المنشطات التي تكثر عدد البويضات لديها وهو ما يتسبب في إنجاب التوءم. ويستطرد: تتعدد أسباب إنجاب التوائم مابين أسباب بيئية مثل المناخ الجيد في الإسماعيلية وتناول الخضراوات والأسماك الطازجة الذي يرفع نسبة الخصوبة لدي المواطنين أو أسباب وراثية لأن أغلب التوائم ينجبون أو أسباب نفسية فإن بعض السيدات تغار من أمهات التوائم فترغب في تقليدها، ويضحك وهو يقول: ليس للمانجو علاقة بالأمر كما أشاع أحدهم لأن الاسماعيلية تشتهر بزراعتها. ويحكي عن حالة أجهضت بعيادته منذ عدة أيام وفرحت كثيرا وقالت » الحمد لله إنه نزل أصلا كنت عاوزة أحمل في توءم». وعن حالة أخري يحكي قائلا: حضر إليّ شخص ذات مرة يستنجد بي لأن الداية قامت بتوليد زوجته ولم تستطع إخراج المشيمة، وعندما ذهبت وبدأت عملي اكتشفت أن هناك طفلا آخر لم يخرج بعد. وذات مرة جاءت سيدة تعلم تماما أنها ستلد توءما وأثناء الولادة اكتشفنا انهم ثلاثة وليس اثنين، نزل أول طفلين طبيعي والثالث لم نستطع إخراجه إلا بعملية قيصرية. كما يحكي عن زوجين انفصلا لأن الزوجة كانت تقول لزوجها إنه لا ينجب، فقال لها إنه سيتزوج وسينجب توءما وبالفعل تزوج وأنجب من زوجته ثلاثة توائم في مرة واحدة.. ويقول: حصلت علي المركز الأول علي مستوي الجمهورية في توليد التوائم، وفكرت في الانضمام لموسوعة جينيس ولكن الموضوع يحتاج لمتابعة وتسجيل للحالات وعمل رقم مسلسل فالموضوع ليس سهلا علي الإطلاق.