مواجهات عربية وصدام سعودى.. الاتحاد الآسيوى يكشف عن قرعة التصفيات المؤهلة لمونديال 2026    «هيبطل كورة».. شوبير يكشف عن تهديد الزمالك لنجم الإسماعيلي    «من حقك تعرف».. هل للرجل حق الميراث فى طليقته حال وفاتها «خلال فترة العدة»؟    رئيس البورصة يستعرض أهمية إطلاق مؤشر الشريعة خلال لقائه بقيادات شركات السمسرة    هيونداي تكشف عن سيارة كهربائية بسعر منخفض    هل يجوز الجمع بين الدعم النقدي المشروط وغير المشروط "تكافل وكرامة" بالضمان الاجتماعي الموحد؟    ثقافة الترشيد.. الفريضة الواجبة    مذكرة تفاهم بين المعهد القومي لعلوم البحار والهيئة العربية للتصنيع    الجيش الإسرائيلى يستعد لخوض حرب مع حزب الله    كيف سترد روسيا على الهجوم الأوكراني بصواريخ "أتاكمز" الأمريكية؟    ارتفاع حصيلة الاعتقالات الإسرائيلية بالضفة منذ 7 أكتوبر إلى 9430    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 28 فلسطينيًا من الضفة الغربية    أستاذ علوم سياسية: الشعب الأمريكي يختار دائمًا بين رئيس سيء وأخر اسوأ    ملخص وأهداف مباراة فنزويلا ضد المكسيك في كوبا أمريكا    اللواء محمد إبراهيم الدويرى: التحركات المصرية فى القارة الأفريقية أساسية ومهمة    الشعب الجمهوري بالمنيا يناقش خريطة فعاليات الاحتفال بذكرى 30 يونيو    خبير تربوي: مصر شهدت نقلة نوعية في التعليم الجامعي بعد ثورة 30 يونيو    راحة لمدة يومين، قبل انطلاق منافسات دور ال16 من البطولة "ليورو 2024"    تفاصيل إصابة الإعلامي محمد شبانة على الهواء ونقله فورا للمستشفى    ضبط سلع منتهية الصلاحية بأرمنت في الأقصر    تحرير 24 ألف مخالفة مرورية متنوعة    يدير 5 جروبات.. ضبط طالب بالجيزة لزعمه قدرته على تسريب امتحانات الثانوية العامة    21 مليون جنيه حجم الإتجار فى العملة خلال 24 ساعة    مصرع عامل بنزيما إثر حادث تصادم في بني سويف    بدائل الثانوية العامة.. شروط ومصروفات الالتحاق بمدارس التكنولوجيا التطبيقية في الوادى الجديد    مصدر أمني يكشف حقيقة سوء أوضاع نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل    المشدد 3 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه لشخص لحيازته مواد مخدرة بالشرقية    تعرف على إيرادات فيلمي ولاد رزق 3 واللعب مع العيال    تفاصيل إطلاق "حياة كريمة" أكبر حملة لترشيد الطاقة ودعم البيئة    "انت جامد على مين؟".. ميدو يطلق تصريحات نارية: الزمالك البعبع وأرجع للتاريخ (فيديو)    وزيرة الهجرة تعلن موعد إطلاق التطبيق الإلكتروني وصندوق الطوارئ للمصريين بالخارج    "الأوقاف": ندوات ب 4 محافظات اليوم عن "مفهوم الوطنية الصادقة" بمناسبة ذكرى 30 يونيو    ما هي الوصية التي أوصانا بها الرسول قبل وفاته ب3 أيام؟.. إمام مسجد الحسين يوضح    رئيس الرعاية الصحية يُكرم الصيادلة والأطباء الأكثر تميزًا    لجان مرورية وتفتيشية على المنشآت الصحية بمراكز المنيا    الصحة تطلق حملة «صيفك صحي» للحماية من مخاطر ارتفاع درجات الحرارة    تنفيذ قوافل طبية مجانية لأهالي قرية بولاق بالخارجة ضمن مبادرة حياة كريمة    وزير الصحة يوجه بزيادة المستلزمات الطبية الضرورية وأدوية الطوارئ والعمليات والأمراض المزمنة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 27-6-2024    جامعة بنها تتقدم 370 مركزا على مستوى العالم بالتصنيف الأمريكي "US news"    قرار جمهوري باستخدام السوفر كسعر فائدة مرجعي مع البنك الإسلامي للتنمية    شوبير: أزمة بين الأهلى وبيراميدز بسبب الثلاثى الكبار بالمنتخب الأولمبى    وزير الإسكان: إزالة وصلات المياه الخلسة بالعاشر والشروق والمنيا الجديدة    صحيفة عبرية: إسرائيل هدمت نحو 120 ألف منزل في قطاع غزة منذ بداية الحرب    محافظ أسوان يهنئ الرئيس بمناسبة ذكرى ثورة 30 يونيو    ثقافة الإسكندرية تقدم "شمس في مدينة الظل" بمسرح كامل العدد    في ذكرى ميلاده .. محطات فنية في حياة صلاح قابيل    الدوري المصري، زد في مواجهة صعبة أمام طلائع الجيش    لطلاب الثانوية العامة 2024، تعرف على كلية العلوم جامعة حلوان    رئيس بني مزار يستمع لمشاكل أهالي المدينة    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    طارق الشناوي: بنت الجيران صنعت شاعر الغناء l حوار    جيهان خليل تعلن عن موعد عرض مسلسل "حرب نفسية"    «هو الزمالك عايزني ببلاش».. رد ناري من إبراهيم سعيد على أحمد عفيفي    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    شوبير يُطالب بعدم عزف النشيد الوطني في مباريات الدوري (تفاصيل)    10 يوليو موعد نهاية الحق فى كوبون «إى فاينانس» للاستثمارات المالية    الكنائس تخفف الأعباء على الأهالى وتفتح قاعاتها لطلاب الثانوية العامة للمذاكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انسحبوا من الحياة نتيجة خلل نفسي ومجتمعي سكان بلا منازل
نشر في آخر ساعة يوم 07 - 03 - 2017

ميلهم للعزلة وعدم مد أيديهم للعابرين، والاقتناع بما يجود به الناس عليهم من طعام أو ملابس أو نقود دون الجأر بالشكوي هو ما يميزهم عن المتسولين.. المجاذيب هو اللفظ الذي يطلق عليهم، بينما الأرصفة والحدائق هي بيتهم لا يغادرون أماكنهم إلا لقضاء حوائجهم ليعودوا إليها مجدداً، أما ملابسهم الرثة البالية وشعرهم الطويل ورائحتهم المنفرة فهي دليل علي أنهم لا يهتمون بنظافتهم الشخصية وهو ما يجعلهم عرضة للكثير من الأمراض.. علي الأرصفة جلسنا بجوارهم لنستمع إلي حكاياتهم، بعضهم تحدث إلينا بصدر رحب، والبعض الآخر رفض، أما الفريق الثالث فتطاول ولم علينا أمة لا إله إلا الله..
في شارع الصحافة تعود مسعد أن يقف في منتصف الطريق ينظر إلي السماء ويتحدث إليها أما أشعة الشمس المسلطة علي عينيه فتجبره علي التوقف ليجلس في مكانه الذي تعود النوم فيه أمام جراج »أخبار اليوم»‬
لماذا تجلس هنا؟.. ظروف بقي.. بحب المكان ده..ربنا اختارهولي ودعاني أني آجي..
وكنت عايش فين قبل كده؟.. في الدنيا.. معاكي عشرة جنيه.. عندك بيت؟..لا والله.. ولا وظيفة؟.. أنا علي باب الله، ماليش أب ولا أم ولا أخوات.. سنك كام؟.. 85 سنة (ملامحه تشير إلي أنه في العقد الخامس).. إنت ليه بتكلم السما؟.. ربنا بيحبني، أنا بتاع الله.. راجل من أولياء الله الصالحين.
هو انت عايش في الشارع طول عمرك؟..يسكت ثم يغني: طول عمري أحبك وأحكيلك ولا ترضي تسمعني.. متجوز؟ لا والله.. ليه؟.. ظروفي وحشة، أنا لاقي أكل لما أتجوز.. وبتقول للسما إيه؟.. بكلم ربنا.. بلاغيه وأقول له أسرار، أصل بيني وبين ربنا عمار..
واسمك ايه؟.. مسعد محمد سماعين عبدالله فضل الله.. إنت اسم علي مسمي؟.. الحمد لله، أمانة عليكي سلمي لي علي رئيس المحافظة وكل الرؤساء أنا بحبهم كلهم السادات وعبد الناصر وحسني مبارك كان بييجي هنا ده من حتتنا من معروف.. ومرسي؟.. تلاقيه مشي ولا هيفضل موجود مدي الحياه.. إنت ماتعرفش إن السيسي هو الرئيس الحالي لمصر ؟
لا والله بس سلمي عليه وقوليله مسعد بيقولك ابعتله حاجة لله.. تركنا مسعد واتجهنا إلي مصر الجديدة لنتحدث إلي سيدة تجلس دائما بجوار سور أحد المدارس في الكوربة.. خمسينية، بقسمات جميلة.. وعيون ملونة..تجلس فوق حجرين صغيرين تغطيهم بكيس بلاستيك وأمامها أكياس بداخلها عصير وأطعمة ومياه معدنية..في البداية استقبلتنا بترحاب شديد سألناها عن صحتها فقالت الحمد لله، أخبرناها أننا صحفيون، واستأذنتها أن نتحدث إليها فسمحت لنا.
هل تجلسين باستمرار في هذه المنطقة؟.. أيام وأيام.. لماذا تجلسين هنا؟.. بشحت زي اللي بيشحتوا وكان عندي حالة وفاة أول امبارح وماليش لا أب ولا أم كان في بيت وأب وأم بس خلاص مفيش.. هل لديك أولاد؟.. لأ لسه.. أنا ماتجوزتش..ده بنات عائلات وزي القمر مابيتجوزوش.. سنك كام؟..انتي سألتيني أسئلة بتاعة ربنا هو أنا ممثلة ولا إيه؟
بدأ مسار الحديث يتحول وتضاعف غضبها وكادت أن تعتدي علي زميلنا المصور.. وهي تصيح: ماحدش ليه حاجة عندي وماتصورش أحسن أدشدش لك البتاعة دي، وأي حركة ربنا هيأذيك أنا لا باخد قرش ولا مش عارف إيه أنا جايبة معايا أكلي وحطاه قدامي.
حاولنا تهدئتها وشرحنا لها أننا متواجدون لمساعدتها ولا نريد إيذاءها مطلقا فقالت وهي لا تزال غاضبة: بقولك إيه أنا أبويا كان شغال في شركة بترول ومعايا اثباتات بكدة، أنا ولا شحاتة ولا بتاع وقاعدة هنا بضيع وقت، والبتاعة دي لو عمل بيها لقطة هضيعه.. إنتِ منفعلة ليه؟ انتوا بتقولولي إنت قاعدة في المكان ده ولا مكان ولا نيلة ده ملك ربنا، ومحدش ليه حاجة عند حد، احنا بنعرف ربنا ومالناش غيره.. أنا مش محتاجة لأي حاجة أنا أبويا شغال في شركة بترول، وأنا بنت عائلات جامدة أوي، وأنا صغيرة كنت مخطوبة لراجل أبوه لوا بس الزمن دوار، وبقعد في المكان ده علشان أتهوي، وكل اللي بيقول عني حاجة وحشة وأنا في حالي ربنا يعرفه الموت في المدافن زي أهلي كده، وأنا بقعد هنا اللي بيراضوني أنا براضيهم ومحدش خيره عليّ غير ربنا، إيه عاوزين المكان بتاع ربنا اللي بعتهولي بعد اللي جرالي.
تحبي تحكي لنا حكايتك؟..آه أبويا وأمي ملفوفين في المدافن ولسه دافنين آخر واحد في عيلتنا أول إمبارح.. ليك أي أقارب أو جيران؟.. كان عندنا ورش نجارة في وكالة البلح
وفي حديقة عامة بجوار سور الكلية الحربية بمصر الجديدة تعيش سيدة تضع علي رأسها تاجا من البلاستيك.. قد تكون في الستين من عمرها.. تعيش وسط أكوام من البطاطين والكراتين والقمامة، حاولنا التحدث معها.
صحتك عاملة إيه؟.. الحمد لله.. ممكن أتكلم معاك شوية؟.. عايزة ايه.. نتكلم.. ممكن؟ عايزة إيه يعني.. عايزة أعرف إنتِ عايشة هنا ليه؟.. مش مشكلتك إنت.. شوفي رايحة فين..
إنت بتطرديني بقي ؟ آه.. شوفي رايحة فين
طب علي الأقل أعرف اسمك ؟.. لأ.. شوفي رايحة فين
عبرنا للجانب الآخر لنسأل جيران الحديقة من أصحاب المحلات عن حكايتها.. يقول حسين أحمد مدير الدليفري بإحدي الصيدليات أنها كانت مهندسة تسكن في عقار بشارع الحجاز بالقرب من نادي هليوبوليس "عمارة أكثم" التي سقطت في زلزال أكتوبر 1992 وراح ضحيتها العشرات ونجي منها خمسة أشخاص فقط من بينهم الطفل أكثم الذي ظل أكثر من ثلاثة أيام تحت الأنقاض.
كانت هذه السيدة في عملها أثناء حدوث الزلزال وعند عودتها اكتشفت أن زوجها وأولادها قد توفوا تحت الأنقاض فأصيبت بمرض نفسي جعلها ترفض السكن في أي مكان مغلق وله سقف، وأقامت بهذا المكان ، ولا تقبل أي شيء يحضره لها أحد من خيم أو أكشاك لتنام تحت سقفها وتحتمي بداخلها من البرد أو الحر.
عندما تقرر الخروج ترتدي ملابس نظيفة وتحمل في يدها حقيبة وترتدي علي عينيها نظارة شمسية وتذهب لشراء طعام من أي مكان، ثم تعود للحديقة التي تعيش بها منذ 25 عاما.
تغير ملابسها في مكانها ترتدي الملابس الجديدة وتخلع القديمة في نفس الوقت ، وتستحم من مياه الحديقة بملابسها، ولها ركن معين تستخدمه كحمام.. ومن خصص لها المياه التي تستخدمها؟
قال د. هاني (صيدلي) : إن أصحاب الصيدلية بعد ثورة يناير قاموا بترميم الحديقة وأوصلوا لها المياه فعادت عليها بالنفع وأصبحت تستخدمها بشكل دائم، ويري أن كل ما تحتاجه هذه السيده هو الذهاب لمصحة نفسية وتلقي العلاج المناسب، ويشرح كيف يضايقها الأطفال الصغار الذين يمرون من أمامها وهم يلقون عليها الحجارة، فتظل تصرخ وتهرب منهم.
وفي شارع الجلاء وجدنا رجلا ملفوفا داخل بطانية قديمة وسط كومة من القمامة وهو يهز رأسه دون أن يتمتم بكلمة.
اسمك ايه؟.. بدوي.. معاك سيجارة!.. إنت محتاج بيت يا عم بدوي؟.. ربنا موجود.. إنت منين؟.. من طنطا.. قاعد هنا علي طول وبروح كل كام شهر.. متجوز؟.. آه.. عندك أولاد؟.. آه.. ابني محمود سنة تالتة وبنتي ريهام في سنة تانية ابتدائي.. عندك بيت في طنطا؟.. معايا ربنا.. بتروح الحمام فين؟.. في الجامع.. عندك كام سنة؟ عند ربنا.. دخلت مدارس؟ لأ .. محتاج حاجة؟.. اللي تجبيه.. هاتي عشرين جنيه.
يوضح د. حسن الخولي أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أن هذه الظاهرة لا تقتصر علي مصر فقط ومنتشرة في كل أنحاء العالم، حتي في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ويطلق عليهم homeless"" أو فاقدي المنازل ويعيشون بالشوارع، وفي كل الأحوال هي ظاهرة مرضية، وعلامة علي الخلل الاجتماعي الجسيم، لأنه من المفروض أن الدساتير والقوانين الدولية بل حتي الكتب السماوية تجرم هذا الفعل فالله في كتابه الكريم يقول "ولقد كرمنا بني آدم"، إذن فتكريم الإنسان مسألة بديهية وأي إنسان لا يحصل علي حق الحياة الكريمة فهو واقع عليه ظلم شديد، لأنه من المفترض أن المجتمع والدولة يكفلان له هذا الحق.
وفي أدبيات العلوم الاجتماعية أي انسان من هذه الفئة هو صنيعة اجتماعية، إما نتيجة الطمع أو حب الاستحواذ أو عدم وجود عدالة اجتماعية وغيرها.
ويقول: البعض يتخذ هذه الطريقة كمهنة ووجودهم في الشارع ليلفت إليه النظر، فمنهم من يتعمد أن يلح في الطلب مما يجعل البعض يتضايقون منه مما يخلق رد فعل عكسيا بأن نفترض أن السمة العامة لهؤلاء أنهم أشخاص سيئون وبلطجية، وتواجدهم في الشارع مظهر يسيء للمجتمع والدولة والمسئولين ويجب أن يكون هناك حل إما دور رعاية أو إيواء أو مستشفي الأمراض العقلية للحد من هذه المشكلة بقدر الإمكان.
ويضيف: وزارة الشئون الاجتماعية حاولت انتشالهم في فترة من الفترات.. ولكنهم رفضوا المساعدة معللين ذلك بأنهم يحصلون علي دخل يومي كبير لا يمكنهم الاستغناء عنه.
وتقول د. هدي الشوربجي استشاري أمراض الجلدية والتجميل وعلاج الجلد بالليزر إنها تعاملت مع حالات محدودة منهم في بعض المستشفيات الحكومية وتحذر من تعرض هؤلاء الأشخاص نتيجة عدم النظافة إلي العديد من الأمراض الجلدية المعدية مثل الأمراض البكتيرية والحبوب البكتيرية، والحصف الجلدي وهو نوع من الأمراض البكتيرية التي تحدث نتيجة الحياة وسط القمامة والحشرات. كما أنهم أكثر عرضة للإصابة بعدوي الجرب نتيجة تواجد الحشرة المسببة له في البيئة التي تحيط بهم ومكان نومهم، وهو ما يجعلهم يصابون بحكة شديدة في أماكن معينة بالجسم وينتشر بعد ذلك في الجسم كله.
وتستطرد: إنهم الأكثر عرضة لعدوي الأمراض الفطرية نتيجة المعيشة بالشارع، مثل فطريات التينيا التي يسببها لهم الاحتكاك بحيوانات الشارع من كلاب وقطط، ونتيجة العرق المستمر وعدم تنظيفه من الممكن أن يتسبب لهم هذا في حدوث التينيا المبرقشة الملونة، وتزداد مع العرق والرطوبة الفطريات التي تتكون بين الأصابع، وقلة الاستحمام تتسبب في التهاب بصيلات الشعر وانتشار القمل والصئبان.
ونظرا لأن البعض منهم يقيمون علاقات غير شرعية مع بعضهم البعض دون نظافة فهم معرضون للإصابة بما يسمي السنط الجلدي نتيجة الاحتكاك الجسدي، والسنط التناسلي أو عين السمكة بالأعضاء التناسلية سواء للرجال أو السيدات وهو فيروس ينتقل عن طريق اللقاء الجنسي بالإضافة للإيدز والتينيا التناسلية والسيلان والزهري وغيرها.
وتوضح أن استخدام هؤلاء الأشخاص للحمامات العامة كارثة فهم ينقلون الأمراض دون أن يشعروا بشيء فقد يرتدون الأحذية الخاصة بالمساجد ويستخدمون المراحيض وهي أسرع طريق لنقل العدوي، ويعتبر تجمعهم في أي مأوي جماعي مغلق أخطر ناقل للعدوي، وهم من أكثر الأشخاص عرضة للإصابة ببكتيريا الدرن أو السل.
ويشير د. طلعت عبد القوي رئيس اتحاد الجمعيات الأهلية إلي أن هؤلاء الأشخاص ينقسمون لنوعين أولهم المريض نفسيا ويجب أن تتوفر له مصحة نفسية ليتلقي بها علاج، والنوع الثاني هو الذي يتواجد في الشارع بدون أهل أو أهلية ولا مأوي ويجب علي وزارة الشئون الاجتماعية أن توفر لهم دارا خاصة بالمسنين ودارا للرعاية الاجتماعية ومكانا للأطفال والشباب.
ويشير إلي أن المشكلة تكمن في أنهم ليس لهم أهلية وصعب السيطرة عليهم، وإقناعهم بالذهاب لأي مكان، والمشكلة أن القانون يلزم من يريد أن يلحق أحدا بدار صحة نفسية أن يكون قريبه من الدرجة الأولي والمشكلة أن أغلبهم ليس لهم أهل، وهناك جزء منهم إذا أردنا أن نلحقه بمكان ليعيش حياة كريمة يرفض بشدة فقد تعود علي حياة الشارع وهو غير مقيد بأي شيء.
ويري د. طلعت أننا نعاني من قلة مستشفيات الصحة النفسية وهو ما لا يتناسب مع حجم الوطن وأعداد الحالات الموجودة. ويوضح أن هناك بعض الحالات المريضة نفسيا يتم إلحاقها بمصحة نفسية ويعالج ولكن ليس له مكان يعيش فيه فهل يعود للشارع مرة أخري وهو ليس له أهلية، لذا يجب توفير أماكن لاستيعابهم ويجب أن يكون هناك تنسيق بين مستشفيات الصحة النفسية ووحدات الرعاية الاجتماعية التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية والتضامن الاجتماعي.
ويري د. سعيد عبد العظيم أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة أن بعضهم يعاني من أمراض نفسية مزمنة والبعض الآخر من اضطرابات عقلية ومنهم حالات فصام واضطرابات عقلية أخري مثل التهيؤات والهلوسة وإحساسهم أن المجتمع يقف ضدهم، والبعض منهم يعاني من اكتئاب مزمن وما إلي ذلك، ومنهم من فقد الاتصال بأهله وأقاربه ولا يهتم به أحد أو يوصله بأي جهة اجتماعية مثل وزارة التضامن أو غيرها من الممكن أن تمنحه معاشا أو مساعده. ومن ناحية أخري منهم من يقف أمامك كمتسول رغبة منه في أن تعطيه أي مساعدة، وبعد فترة يصبح غير قادر علي العمل فيقرر أن يجلس علي باب الله لربما يمنحه أحد أي شيء يعيش به.
ويقول: يعاني هؤلاء من تدهور في حالتهم العقلية مما يجعلهم يتقبلون المهانة التي يعيشونها، كما أن إصابتهم ببعض الأمراض العقلية تجعلهم غير مهتمين بالحياة داخل أماكن جيدة أو منزل تحديدا إذا فقد اتصاله بأهله.. وأحيانا يكون الأهل أنفسهم من يرفضونه ويبعدونه عنهم، والبعض الآخر منهم كان نزيلا في مستشفي الأمراض العقلية والمستشفيات تقوم بإخراجهم حتي يتسلمهم الأهل وللأسف لا يوافق الأهل أو يأخذونهم ولا يعتنون بهم فينتهي بهم الحال إلي الشوارع، وعلي الدولة أن تقوم بتصنيفهم لنعلم من المريض ليتلقي العلاج ويودع في دور للإيواء ومن المتسول الذي يتخذ الملابس القذرة التي يرتديها مجرد أداة لاستعطاف المارة.
ويشير إلي أن الظاهرة متواجدة في أغني دول العالم فنجدهم في ألمانيا علي سبيل المثال منتشرين حول الأفران حتي لا يتجمدوا في برد الشتاء القارس، ويتركون في الشوارع ولا تفعل لهم الحكومة شيئا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.