الثورة علي الفساد والظلم تعني أولا وقبل كل شيء السعي نحو الارتقاء بالإنسان والقيم النبيلة ووضع الأساس السليم والقواعد المتينة لبنيان سياسي واقتصادي واجتماعي قوي لبلدنا الحبيب. ولكن الثورة لاتعني تعالي الأصوات المشوشة بصفة مستمرة والاعتصام الدائم في ميدان التحرير بما يعوق حركة العمل والإنتاج وبما يوجه ضربة قاصمة للسياحة والاستثمار. إن ثورة 25 من يناير والتي قدمت أروع النماذج للثورات السلمية سعيا نحو تغيير شامل للمجتمع نحو الأفضل يجب علينا اليوم السعي لحمايتها وتقوية دعائمها حتي نجني ثمارها ونصل بها إلي بر الأمان، وذلك من خلال العمل الجاد لتهيئة المناخ من أجل صياغة دستور جديد للبلاد يرضي طموحات الشعب ويحافظ علي حقوقه وحرياته ومن خلال الاستعداد الجيد لإنجاح الانتخابات التشريعية المقبلة حتي تكتمل المنظومة بتمهيد الطريق نحو الانتخابات الرئاسية ويعم الاستقرار البلاد بما يحقق التنمية الشاملة ليشعر بها كل مواطن علي أرض مصر الغالية. ومن هذا المنطلق لابد أن تكون كافة الأمور واضحة أمام الجميع في مثل هذه المرحلة الانتقالية الصعبة التي تمر بها مصر فلا يمكن لأحد أن ينكر حق كل مواطن في التعبير عن آرائه والمطالبة بحقوقه ولكن ذلك لابد أن يتم من خلال القنوات الشرعية والالتزام بحقوق وحريات الآخرين. ولايمكن أن نطالب رجال الشرطة بالعودة للشارع ثم يتم الاعتداء عليهم خلال ممارستهم دورهم في الحفاظ علي الأمن ولايمكن أن نطالب السائحين بالعودة إلي مصر والمستثمرين باستثمار المزيد من الأموال في بلادنا وهناك من يحاول جر مصر إلي حالة من الفوضي العارمة.. نحن بحاجة إلي نقطة نظام واللجوء إلي المنطقية والتفكير العقلاني ومن هنا يجب إقرار حقيقة هامة هي أن جموع الشعب المصري التي أيدت المعاني النبيلة لثورة 25 يناير هي نفسها التي ترفض محاولات البعض لجرها نحو أوضاع فوضوية تضر بمصالحنا الداخلية والخارجية. إن الفوضي تهدم ولاتبني وهي مرفوضة منا جميعا وبشكل قاطع ولابد أن يضع الكل مصالحه الشخصية جانبا وأن تكون مصلحة مصر فوق الجميع.