كشف الحوار المجتمعي الذي أجرته وزارة التربية والتعليم الأسبوع الماضي في إطار مؤتمر بهدف تطوير التعليم عن عدم وجود رؤية جديدة وواضحة لهذا التطوير، بعد أن خرج الحوار بجملة من التوصيات اعتبر عدد من خبراء التعليم أنها لم تضف جديداً عن التي طرحت في المؤتمرات واللقاءات السابقة التي عقدت أيضاً لتطوير التعليم دون أن تنفذ علي أرض الواقع.. التفاصيل في السياق. خرج الحوار المجتمعي الذي أجرته الوزارة ب60 توصية للتطوير أهمها الاهتمام بتنظيم وعرض محتوي الكتاب المدرسي بحيث يكون شيقًا وجاذبًا للطلاب، التوسع في تطبيق تجارب المناهج (المتكاملة) والتقويم الشامل الموجودة في مدارس المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا، الإسراع بتطوير مناهج العلوم والرياضيات بما يتفق والمعايير العالمية. كما أوصي الحوار بتطوير مواصفات وشروط الورقة الامتحانية بحيث تتضمن المستويات العليا للتفكير والابتكار والقدرة علي التحليل والفهم، مراجعة الإطار العام لمناهج التعليم قبل الجامعي في مصر، ومراجعة الوثائق القومية لمناهج التعليم قبل الجامعي المنبثقة من الإطار العام علي أن تراعي البيئات المختلفة. وشدد الحوار علي ضرورة تحسين أحوال المعلمين ماليًا واجتماعيًا ومهنيًا، وتفعيل وحدات التدريب داخل المدارس ومتابعتها، وتقويم أداء المعلم بناءً علي إنجازاته ونتائجه وآراء الطلاب فيه وعلاقاته بزملائه ورؤسائه في العمل، إعداد معلم متخصص للتربية الدينية (الإسلامية - المسيحية)، تطوير معايير اختيار القيادات المدرسية والتعليمية وتدريبها بشكل دوري لصقل خبراتهم ومهاراتهم المهنية، بالإضافة إلي إعادة تكليف خريجي كليات التربية. وأوصي الحوار بضرورة الاهتمام بتنمية مهارات الطلاب في التفكير والتخطيط والتكيف المعرفي والنفسي للتعامل مع المتغيرات، إتقان لغات العصر وتكنولوجيا الحصول علي المعلومات ومعالجتها، وكفاءة استثمار الوقت وإدارة الإمكانات المتاحة، تفعيل المكتبات الإلكترونية كمصدر من مصادر المعرفة والتعلم، بجانب التوسع في الدورات التدريبية لمحو الأمية الرقمية واستخدام الوسائط المتعددة للمعلمين والإدارة المدرسية وتوظيفها. وفيما يتعلق بالنشاط داخل المدرسة، طالب الحوار بسرعة القضاء علي الأمية الهجائية بالمدارس من خلال توفير أساليب وصيغ تعليمية مختلفة لجذب الطلاب للتعليم مثل مشروع القرائية وغيره، إعداد خطة للنهوض بالتربية الرياضية المدرسية، التأكيد علي تنمية اللياقة البدنية المرتبطة بالصحة للطلاب في كافة المراحل التعليمية، البحث في مصادر تمويل غير تقليدية لتنفيذ خطط التطوير والاستفادة من إمكانيات المدارس المتاحة في التمويل مثل الأندية الصيفية والمسارح ومراكز المعلومات. بالإضافة إلي جملة من التوصيات العامة جاء علي رأسها، إعادة النظر في شكل المبني المدرسي، الإسراع في زيادة معدلات بناء المدارس الجديدة، الإسراع في توفير أماكن لاستيعاب الأطفال في مرحلة رياض الأطفال لتحقيق مبدأ الإتاحة لمن هم في سن الخامسة، والعمل علي تحسين نظرة المجتمع للتعليم الفني، تطبيق نظام كاميرات المراقبة في جميع المدارس، وتوحيد سن القبول في جميع المدارس ( حكومية- خاصة- دولية )، بجانب تجريم الدروس الخصوصية، والإسراع في إصدار قانون التعليم. ومن جانبه قال الدكتور عبد الله سرور الخبير التربوي إن الحوار الذي أطلقته وزارة التربية والتعليم خلا من الأفكار الجادة التي من الممكن أن ينظر إليها علي أنها رغبة في تطوير التعليم، مشيراً إلي أن رؤية الوزارة للتطوير كانت ضيقة للغاية وخرجت بتوصيات عامة كان قد تم طرحها أكثر من مرة من قبل. وأضاف أن عقد الحوار المجتمعي بشكل مفاجئ ودون أي إعداد مسبق له تسبب في وجود حالة من الضبابية أثناء عقده وظهرت بشدة من خلال التوصيات، مشيراً إلي أن الوزارة كانت تهدف إلي تعريف المجتمع بخطواتها لتطوير التعليم والتي أثبتت فشلا ذريعاً دون أن تستمع إلي المجتمع فتحول الحوار إلي مكلمة دون وجود لخطة واضحة يتم السير عليها. وأشار سرور إلي أن عدم التنسيق بين الفئات المجتمعية المهتمة بالشأن التعليمي قبل بدء الحوار تسبب في انسحاب العديد ممن شاركوا به، ففي اليوم الأول انسحب اتحاد طلاب مصر وخلال اليوم الثاني انسحب أيضاً أولياء الأمور الذين اتهموا الوزارة بعدم سماعها لوجهة نظرهم في التطوير. ومن جانبه قال طارق نور الدين، معاون وزير التربية والتعليم الأسبق، إن الحوار الذي عقدته وزارة التربية والتعليم خلا أيضاً عن مناقشة الارتقاء بجودة التعليم وهي التي نص علي الاهتمام بها دستور 2014 وارتكز عليها برنامج حكومة الدكتور شريف إسماعيل وكانت تمثل 30% من برنامج الحكومة لتطوير التعليم، مشيراً إلي أن ذلك البرنامج شدد علي ضرورة اعتماد 9 آلاف مدرسة سنوياً بهيئة ضمان الجودة وهو رقم يساوي نسبة 10% من إجمالي مدارس الجمهورية كل عام. وأضاف أن توصيات المؤتمر لم تقترب من بعيد أو قريب من جودة التعليم سواء كانت ذلك في التوصيات الأساسية أو العامة كما لم تتطرق التوصيات إلي تجهيز واعتماد المدارس، وكذلك الخطوات الإجرائية التي سيتم تنفيذها، فضلا عن الغياب الملحوظ لممثل لجودة التعليم من بين المتحدثين الرسميين للمؤتمر علي المنصة الرئيسية للحوار في المؤتمر. وأشار إلي أن الأمر نفسه تكرر مع التعليم الفني والذي لم يذكر سوي في فقرة واحدة من التوصيات وبشكل عام دون أن يكون هناك خطة واضحة للارتقاء به وذلك بالرغم من اهتمام الدولة والدستور وبرنامج الحكومة به، كما أن تهميش التعليم الفني كان واضحاً خلال الحوار إذ إن وزير التربية والتعليم لم يشارك في أي من الجلسات التي عقدت من أجله. وخلال عقد جلسات الحوار تم عقد جلستي التعليم العام والتعليم الفني في نفس التوقيت، وحضر الوزراء ومعظم نواب البرلمان وقيادات الوزارة والشخصيات العامة جلسة التعليم العام، فيما لم يحضر جلستي التعليم الفني سوي الدكتور أحمد الجيوشي نائب الوزير وأحد أعضاء البرلمان وبعض المهتمين بالمجال فقط. ومن جانبها قالت الدكتورة شرين فراج عضو لجنة التعليم بمجلس النواب إن الحوار الذي أطلقته وزارة التربية والتعليم تحول إلي رسالة مجتمعية من الوزارة إلي المجتمع المصري عن خططها لتطوير التعليم دون أن يكون هناك حوار جاد بشأنها، كما أن أغلب ما طرحته الوزارة لم يأت بجديد بل إن الوزارة مازالت في معضلة تطبيق تلك الأفكار حتي الآن. وأضاف أن ما جري خلال جلسات الحوار المجتمعي يثبت أن التعليم مازال بعيداً عن خريطة التطوير التي يشهدها المجتمع ككل، بل إن الحوار طالب علي سبيل المثال بتجريم الدروس الخصوصية وهي بالفعل مجرمة ما يعني أن هناك مشكلات كبيرة ستعوق عملية تطوير التعليم بشكل خاص مشيرة إلي أن وزارة التربية والتعليم هدفت من خلال هذا المؤتمر إلي رصد ردود فعل المشاركين علي خططها المستقبلية. وانتقد عدد من خبراء التعليم تحول الحوار من مناقشة قضايا وأزمات التعليم إلي ساحة لعرض إنجازات الدكتور الهلالي الشربيني، وزير التعليم، ومع انطلاق الحوار المجتمعي بثت وزارة التربية والتعليم فيلما تسجيليا يتحدث عن إنجازات الوزير الحالي ومسئولي التعليم. فيما بدأت الجلسة الأولي التي أعقبت الفيلم وأدارها الوزير، بكلمة لحازم راشد، مدير مركز المناهج، أكد فيها أن الوزارة وضعت تصورا لتطوير مناهج العلوم والرياضيات علي مستوي تجارب بعض الدول المتقدمة، وتطوير الورقة الامتحانية لتجنب المشكلات في الأعوام المقبلة مشيراً إلي أنه تم تدريب أكثر من 203 آلاف معلم من خلال الأكاديمية المهنية للمعلمين، وتم تحويل مناهج الشهادات العامة لمناهج إلكترونية تفاعلية، تتاح بالمجان للطلبة علي الموقع الرسمي للوزارة، وتم توفير 3 آلاف معمل حاسب آلي بالمدارس. ومع الإسهاب في الحديث عن إنجازات الوزارة علي مدار اليومين اللذين عقد فيهما المؤتمر تدخل اللواء هاني أباظة وكيل لجنة التعليم بمجلس النواب قائلاً: »إحنا طول الحوار بنسمع إنجازات فين الأفكار الجديدة»، ليرد وزير التربية والتعليم قائلاً: »نحن نعرض خطتنا ولكن سنستمع إلي الأفكار الجديدة من أولياء الأمور والطلاب والحاضرين حتي يتم مناقشتها وتفعيلها».. وعلّق النائب علي سرد رئيس قطاع التعليم العام بالوزارة إنجازات الوزارة حول كيفية التعامل مع طلاب الدمج والأنشطة، قائلا: »أنا حفيدتي في إحدي المدارس ولا يوجد في المدرسة أية إمكانيات وكنت أحب أن أسمع رؤية جديدة تخص الأنشطة غير الموجودة حاليا».