شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، في الجلسة المغلقة للزعماء والقادة الأفارقة المشاركين بالقمة الأفريقية في العاصمة الرواندية كيجالي، والتي انتهت فعالياتها الاثنين الماضي. وصرح السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الجلسة المغلقة ناقشت ثلاثة موضوعات رئيسية شملت خطط التكامل والاندماج الأفريقي بما في ذلك سبل الانتهاء من المفاوضات حول إنشاء منطقة تجارة حرة أفريقية، بالإضافة إلي التطورات المتعلقة بالمفاوضات الجارية بالأممالمتحدة حول إصلاح وتوسيع مجلس الأمن والموقف الأفريقي إزاء هذا الموضوع، فضلاً عن موضوع انتخاب رئيس وأعضاء مفوضية الاتحاد الأفريقي. أضاف المتحدث الرسمي، أن الرئيس ألقي مداخلة خلال مناقشة موضوع التكامل والاندماج الأفريقي، حيث أوضح الرئيس أن التجارب التي خاضتها العديد من الدول تؤكد أنه لا بديل عن الأخذ بنموذج التكامل والاندماج الإقليمي في أفريقيا، مشيراً إلي أن ذلك لا يرجع للاعتبارات التاريخية والصلات الإنسانية التي تجمع بين الشعوب الأفريقية فحسب، ولكن لضرورات عملية أبرزها أن تنمية الاقتصادات الأفريقية تحتاج إلي تنسيق الجهود علي المستويين الإقليمي والقاري لتنفيذ خطط محددة تتأسس علي تقسيم العمل بين الدول الأفريقية والبناء علي الميزات النسبية التي تتوافر في كل دولة، بحيث ينعكس بالإيجاب علي جاذبية الأسواق الأفريقية للاستثمارات ويؤدي إلي تعزيز معدلات النمو الاقتصادي. وفيما يتعلق بتدشين مفاوضات إقامة منطقة التجارة الحرة الأفريقية، أكد الرئيس أن مصر تتطلع للانتهاء منها قريبا، والبناء علي نجاح القمة الثالثة للتجمعات الاقتصادية الثلاثة »الكوميسا - السادك - تجمع شرق أفريقيا»، التي عقدت بشرم الشيخ في يونيو 2015 بمشاركة 26 دولة أفريقية، حيث تم التوقيع علي الاتفاق النهائي لإنشاء منطقة للتجارة الحرة بين التكتلات الثلاثة، والذي من شأنه تحرير التجارة بين الدول الأعضاء بما يسمح بتدفق السلع والمنتجات والاستثمارات بينها. وأكد الرئيس، عزم مصر علي بذل أقصي جهد بالتعاون مع الدول الأفريقية الشقيقة للإسراع بخطوات التكامل الإقليمي وصولاً لإقامة الجماعة الاقتصادية لأفريقيا وتلبية لتطلعات الشعوب الأفريقية في تحقيق الوحدة والنهضة الأفريقية المنشودة. وفي ختام النقاش حول هذا الموضوع، اتفق الرؤساء الأفارقة علي قيام المفوضية والتكتلات الإقليمية الأفريقية بإعداد خارطة طريق لمتابعة المفاوضات الخاصة بالتكامل الأفريقي بحيث يتم عرضها علي القمة القادمة في أديس أبابا خلال شهر يناير 2017 كما كلف الرؤساء الأفارقة المفوضية بإعداد رؤية لإنشاء منطقة للتجارة الحرة وفقاً لما تم إقراره خلال القمة الثالثة للتجمعات الاقتصادية الثلاثة التي عقدت بشرم الشيخ. وذكر السفير علاء يوسف، أن الرئيس ألقي مداخلة كذلك حول موضوع إصلاح وتوسيع مجلس الأمن، حيث أكد الرئيس إيمان مصر بمحورية الإصلاح الشامل والجوهري لأجهزة الأممالمتحدة لجعلها أكثر تمثيلاً وتعبيراً عن حقائق العصر وكأساس لتحقيق ديمقراطية العلاقات الدولية وتعزيز حوكمة النظام الدولي، وبما يستجيب لتطلعات وطموحات أفريقيا في إزالة الظلم التاريخي الواقع عليها والحصول علي التمثيل العادل الذي تستحقه بفئتي العضوية الدائمة وغير الدائمة بمجلس الأمن، مع تمتع الدول التي ستنضم كأعضاء دائمين جدد لمجلس الأمن الموسع بكافة الحقوق وفقاً للموقف الأفريقي الموحد بكافة عناصره الواردة في »توافق إزولويني» و»إعلان سرت»، والذي لا يزال يُمثل الخيار الذي يعبر عن مصالح وتطلعات القارة الأفريقية في الحصول علي التمثيل الذي تستحقه في مجلس الأمن الموسع. وأشار الرئيس، إلي عدم منطقية الدعاوي التي تساق أحيانا لحث الدول الأفريقية علي التفريط في بعض عناصر هذا الموقف، وعدم قبولنا بدفع بعض الأطراف التي تسعي لتحقيق مكاسب ضيقة بضرورة تخلينا عن الموقف الأفريقي الموحد تحت إدعاء أهمية إبداء المرونة للحصول علي ما تستحقه أفريقيا من مكانة، وما هي مؤهلة له من دور يتناسب مع أهميتها الدولية المتنامية، حيث تمثل الدول الأفريقية ما يزيد علي ربع العضوية العامة بالأممالمتحدة، كما تمثل الموضوعات المتصلة بقارتنا الشق الأكبر من أجندة مجلس الأمن. وفي ختام النقاش حول هذا الموضوع، أكد الرؤساء الأفارقة أهمية الإصلاح الشامل لمنظومة الأممالمتحدة مع تأكيد حق أفريقيا في تمثيل جغرافي عادل. كما أكد الرؤساء أهمية استمرار الموقف الأفريقي الموحد فيما يتعلق بإصلاح وتوسيع عضوية مجلس الأمن، مع مطالبة الدول الأفريقية بإدماج هذا الموضوع في أولويات سياستها الخارجية أثناء تفاعلها مع الشركاء غير الأفارقة من أجل تصحيح الظلم التاريخي الذي لا تزال القارة الأفريقية تعاني منه، وبالنسبة لمقترح تأجيل انتخابات أعضاء المفوضية الأفريقية، اتفق الرؤساء الأفارقة علي إجرائها في موعدها المقرر خلال القمة وعدم تأجيلها، لمساعدة المفوضية علي الاضطلاع بالمهام الجسيمة الملقاة علي عاتقها خاصة فيما يتعلق بتنفيذ البرامج والمشروعات الطموحة التي أقرتها قمم الاتحاد المتعاقبة، فضلاً عن إعطاء دفعة لآليات العمل الأفريقي المشترك. وتأتي مشاركة الرئيس، في القمة الأفريقية ال27، في إطار الأولوية التي توليها مصر لتعزيز مشاركتها في العمل الأفريقي المشترك وتطوير علاقاتها بمختلف الدول الأفريقية، وإيماناً منها بوحدة المصير وضرورة العمل علي تضافر جهود دول القارة من أجل دفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يلبي طموحات الشعوب الأفريقية. كما تأتي مشاركة السيسي في اجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي المنعقدة تحت شعار »إعلان عام 2016 عاماً لحقوق الإنسان»، مع التركيز علي حقوق المرأة، احتفالاً بذكري اعتماد الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان ودخوله حيز التنفيذ هي زيارة تاريخية بكل المقاييس باعتباره أول قائد مصري في التاريخ يزور رواندا وهو ماجعل الزيارة تحظي باهتمام بالغ من الجانب الرواندي قيادة وشعباً. جدول أعمال قمة كيجالي، كان مشحوناً ومكثفاً بالعديد من الموضوعات التي تم بحثها ومناقشتها فيما بين الزعماء المشاركين في اجتماعات القمة وعلي رأسها خطط التكامل والاندماج الأفريقي والعمل علي الانتماء من المفاوضات الخاصة باتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة الأفريقية فضلاً عن موضوعي إصلاح مجلس الأمن وانتخابات مفوضية الاتحاد الأفريقي بالإضافة إلي بحث الموضوعات المتعلقة بتمكين المرأة الأفريقية. سامح شكري وزير الخارجية، أكد أن الرئيس السيسي أبدي اهتماماً كبيراً بالاستماع للقادة الأفارقة وتوضيح رؤية مصر لهم، مشيرًا إلي أن مشاركة الرئيس في القمة تأتي تقديراً للعلاقات التي تربط بين مصر ورواندا واهتمام مصر بدفع هذه العلاقات قدماً ولا سيما أن الدولتين تنتميان إلي حوض النيل وذلك بخلاف اهتمام الرئيس بإنجاح القمة الأفريقية بهدف التوصل إلي مواقف أفريقية موحدة تحقق مصالح القارة السمراء. صالح هابيمانا، سفير رواندا لدي القاهرة، أكد أن بلاده تعتبر الرئيس السيسي مفتاح الخير وامتداداً للزعيم الراحل جمال عبدالناصر لكونه يسعي لتحرير أفريقيا اقتصادياً من جديد، وبالتالي فإن استقباله كان بحفاوة بالغة تعبيراً عن احترام وتقدير البلاد شعباً وحكومة له. وقال سفير رواندا لدي القاهرة، إن العلاقة بين القاهرة وكيجالي رسمها الله في جعل مياه النيل عاملاً مشتركاً بين البلدين وأن ذلك ينعكس علي اللقاء الثنائي بين الرئيس السيسي مع الرئيس الرواندي »بول جاكامي» والذي تركز علي تنشيط العلاقات علي مستوي القمة والتعليم بالإضافة إلي بحث الأمور التي تهم الإنسان الأفريقي، موضحًا أن رواندا لا تري أن هناك أزمة في مياه النيل بين دول الحوض وأن استعمال المياه يجب أن يكون لا ضرر ولا ضرار بين هذه الدول. وأكدت السفيرة نميرة نجم سفيرة مصر لدي رواندا، أن زيارة الرئيس السيسي لكيجالي تاريخية بكل المقاييس لكونه أول قائد مصري في التاريخ يزور رواندا وهو ما جعل الزيارة تحظي باهتمام خاص من الجانب الرواندي قيادة وشعبًا. وشددت نجم، علي أنه رغم الطفرة الحقيقية في علاقات مصر مع الدول الأفريقية بصفة عامة ومع دول حوض النيل بصفة خاصة خلال الأعوام الأخيرة في ظل الدعم الحقيقي والواضح من القيادة السياسية المصرية لهذا المسار إلا أنه مازال أمامنا الكثير لنقوم به من أجل تقوية الروابط المشتركة بيننا وخلق مصالح مشتركة حقيقية يستفيد منها الشعب المصري وكافة شعوب القارة داعية رجال الأعمال المصريين إلي ضخ المزيد من الاستثمارات في أفريقيا باعتبارها قارة بكراً بالفعل ومؤكدة أهمية تعزيز العلاقات الثقافية والتنموية مع دول القارة السمراء. وشهدت القمة الأفريقية احتفالية ضخمة لإطلاق جواز السفر الأفريقي الموحد حيث يحضر القادة الأفارقة هذه المرة بجوازات سفر إلكترونية دون تأشيرة تسمح لهم بحرية التنقل بين أرجاء القارة دون أي قيود، ووصفت تكورانا زوما رئيسة المفوضية الأفريقية هذه المبادرة بأنها رمزية ذات مغزي عميق وهي خطوة هامة في سبيل تسريع عملية التكامل القاري وصولاً بأفريقيا التي نريد أن نراها قوية ومزدهرة ومتحدة.