الهلال والصليب.. كلاهما سجد في محراب ميدان التحرير.. صلوات الجماعة كانت تهز القلوب.. وكم من قداس أقيم بميدان الشهداء رفع أكف الضراعة: يارب.. النصر للثوار.. واستجابت السماء لدعوات كل المصريين الذين أبطلوا دعاوي كريهة روج لها المفسدون.. فقد كانت رسالة الثوار واضحة: حي علي الوحدة الوطنية. ففي جمعة الحسم انطلق صوت الشيخ محمد جبريل الذي أم المصلين في صلاة الجمعة بدعاء القنوت.. وكم كان المشهد إيمانيا وطنيا والمسيحيون بميدان التحرير يرددون مع إخوانهم المسلمين: آمين. شيوخ وقساوسة.. كانوا معا في الميدان.. يشدون من أزر الشباب، فكان طبيعيا أن تمد طاقة إيمان المسلم والمسيحي بقوة إيمانية ساعدت علي الصمود حتي النصر. فميدان التحرير جمع المصريين علي قلب رجل واحد تبادل المسلمون والمسيحيون أماكن الصلاة في الميدان وتولي كل فريق حماية ظهر الآخر خلال صلاته فقد شهد الميدان إقامة صلاة الغائب علي أرواح الضحايا الذين سقطوا في خضم الأحداث.. كما شهد الميدان أيضا إقامة المسيحيين لقداس الأحد علي الشهداء.. وهتف المسلمون والمسيحيون شعار ثورة 19 يحيا الهلال مع الصليب وكلنا إيد واحدة في مشهد حضاري أكد علي أن الوحدة الوطنية تختلط بجينات المصريين. مثابرة اللافت للنظر أن خطب الجمعة والدروس الدينية إضافة إلي العظات التي كان يقوم بها رجال الدين المسيحي كانت تدعو الحشود من الشباب والمتواجدين في الميدان إلي المثابرة حتي إسقاط النظام. الدكتور محمد عبدالمنعم البري الأستاذ بكلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر.. يقول إن ميدان التحرير كان لا يفرق بين مسلم ومسيحي.. فالتعامل كان علي أساس المواطنة وتحقيق هدف كل المصريين.. فقد التقيت مع بعض المسيحيين وقلت لهم باسم القرآن وباسم الإسلام وباسم محمد[ أفخر وأعتز بأني مؤمن بالمسيح وبالكتاب الذي أنزله الله عليه.. كما أنني أفخر وأعتز بأنني مؤمن بموسي وبأخيه هارون وبالكتاب الذي أنزله الله عليه. ويشير الدكتور محمد عبدالمنعم البري إلي أن الملايين كانت تصلي بميدان التحرير وكانت هناك صلاة قضاء الحاجة.. كما كانت تقام الدروس الدينية في الميدان. يؤكد الشيخ مظهر شاهين إمام مسجد عمر مكرم أن الكل تكاتف في ميدان التحرير حول هدف واحد هو تغيير النظام.. حيث وجدت الشباب يؤدون الصلاة في وقتها ووجدتهم متحمسين من أجل الوطن.. مشيرا إلي أن مشهد الناس في الميدان.. مشرف لكل مصري.. حيث المشهد لا يفرق بين مسلم ومسيحي الكل ينضوي تحت علم مصر. دعاء واحد ويضيف: الكل كان يدعو بدعاء واحد وهو ربنا ينصر الشعب ويحقق مطالبهم. لافتا إلي أن المتظاهرين كانوا يتقاسمون لقمة العيش بينهم في مشهد يبعث علي الطمأنينة.. فالأجواء الإيمانية في الميدان.. كانت مفعمة بالدعوات حتي استجاب الله لهذه الدعوات. أما رجال الدين المسيحي الذين التقيناهم في الميدان.. فقد طلبوا عدم التعريف بأنفسهم وذلك حتي لا يتساءلوا من قبل الكنيسة التي تلزم أبناءها بعدم التظاهر.. فقد أكدوا أن المسلمين والمسيحيين في ميدان التحرير كانوا علي قلب رجل واحد وهو التغيير والإصلاح وأن يشعر المواطن المصري بحريته وكرامته.. فأكبر ثروة يمكن أن ينعم بها أي إنسان هي ثروة الاستقرار والعدالة.. فميدان التحرير لا يفرق بين المتظاهرين بحسب الدين أو الجنس فالكل جاء من أجل مصر.