»رؤوس تحترق« عنوان المجموعة القصصية الجديدة الصادرة عن نادي القصة للأديب محمود أحمد علي، والمجموعة مأخوذة من دنيا الناس، وما يجري في حياتنا من أحداث، وتبدو هذه القصص واقعية.. بل شديدة الواقعية وهي تتحدث عن طبائع البشر وما فيها من خير وشر، وما يجري في واقع حياتنا من هدي وضلال، وما يريده الإنسان وما لا يريده، ومن هنا تتحقق مقولة تولستوي إن مهمة الأديب أن يحدث الناس عن الناس. فالقاص محمود أحمد علي الذي قدم العديد من المجموعات القصصية لقصصه مذاق خاص، وله أسلوب مميز لا يقلد به أحداً من الأدباء الأجانب أو المصريين. فهو مثلا يحدثنا عن معاناة الأديبة الراحلة (نعمات البحيري) التي كانت تعاني من المرض اللعين، ويستوحي من هذه المعاناة قصة ترسم لنا ما يعانيه الإنسان في لحظات الألم، كما يحدثنا عن أحلام الإنسان الذي يحلم ويحلم دون أن يتحول الحلم إلي واقع، بل يصبح مجرد سراب يلمع في الخيال، كما في قصته الجميلة (من سيربح المليون) إنه يتخيل واحدا يتخيل نفسه ربح المليون ريال دون مساعدة الجمهور أو الاتصال بصديق، أو حذف إجابة، وأنه غرق في بحر من الأموال، ولكنه يصدم بالواقع المر، وبأن ما عاشه مجرد حلم من الأحلام، عندما استيقظ من حلمه علي الحقيقة وعندما تقرأ هذه القصة يتداعي إلي خاطرك دائما أن من يجري وراء الأوهام لا يجد إلا رجع بكاء، والمجموعة تنم علي أن صاحبها كاتب موهوب، وقد نال هذا الكاتب بالفعل العديد من الجوائز الأدبية، كما أن من يقرأ قصصه يراها كما قال عنها الناقد الكبير يوسف الشاروني: »إن ما أردت أن أقوله هنا عبر سطور قليلة هو مجرد تعبير عن مدي الحب والاعتزاز والتقدير لما يكتبه محمود أحمد علي من قصص قصيرة هو صانعها لا يقلد فيها أحداً، ولم يستظل بظل أحد من الكتاب، إنما هو وجه واحد، واضح القسمات لأديب مهموم بقضايا وطنه، وبقضايا الإنسانية جميعا، فهو لا يفصل بين الفكر والعمل، وتعكس إبداعاته حياته.. أقول قولي هذا مؤكدا نجاح القاص في توصيل معناه الأولي والنهائي الذي طرحه عبر أفكار قصصه القصيرة التي تحمل هموم وآمال وطموحات أبناء جيله«.. وقصص المجموعة ممتعة بالفعل، وتنم عن موهبة كاتب غرس مداد قلمه في دنيا الناس، وخرج منها بهذه القصص الممتعة شكلا ومضمونا.