الحصول على وظيفة ميرى حلم كل الشباب يسعي معظم الشباب للحصول علي وظيفة بالقطاع الحكومي العام، لما به من ميزات أهمها الاستقرار الوظيفي، علي عكس القطاع الخاص الذي يعتبر العامل به علي "كف عفريت" يمكن أن يطرد من وظيفته في أي وقت، نظراً لما وضعه أصحاب العمل من قواعد مجحفة فلا تأمينات ولا حوافز ولا أي ضمانات، وفي بعض الأحيان يجبر العاملون في القطاع الخاص علي التوقيع علي "استقالة" قبل استلام العمل! وعلي الرغم من أن فرص العمل بالقطاع الخاص متوافرة بكثرة علي عكس القطاع العام الذي تكون به فرص العمل محدودة، إلا أن هناك عزوفا من جانب الشباب عن العمل بالقطاع الخاص، فالغالبية يفضلون الوقوف في طابور البطالة عن العمل به رافعين شعار "إن فاتك الميري اتمرغ في ترابه"، ومن هنا استطلعنا آراء عدد من المواطنين الذين قدموا أكثر من مبرر للابتعاد عن العمل بالقطاع الخاص. في البداية يوضح محمد شاهين موظف في إحدي شركات القطاع الخاص، أن العمل بالقطاع العام له عدة امتيازات، فساعات العمل محدودة، علي عكس ما نعانيه فنحن تحت أمر صاحب العمل في أي وقت، فالعمل بالمؤسسات الحكومية لا يتجاوز 6 ساعات، علي عكس مؤسسات القطاع الخاص، فصاحب العمل يستدعينا في أي وقت خارج أوقات العمل ولا أحد يملك حق الاعتراض، حتي لو كانت أيام الأعياد والإجازات الرسمية التي يقضيها معظم الناس مع أسرهم. كما أن القطاع الحكومي يتمتع بدعم مالي من الحكومة، فهناك زيادة دورية للموظفين، علي عكس القطاع الخاص الذي لا يوفر أي ضمانات مالية للعاملين به، فالغالبية يعتمدون علي رواتبهم الأساسية، حيث لا نحصل علي حوافز أو علاوات في المناسبات، ومعظم أصحاب العمل يتحججون بالضائقة المالية وأنهم الممولون الأساسيون للعمل، وفي مع معظم الشركات والمصانع يكون الأجر علي قدر حجم العائد من الإنتاج علي الرغم من أن أسواق السلع المختلفة علي سبيل المثال ليست علي وتيرة واحدة. فيما يري مصطفي عاطف أن القطاع الخاص يتميز عن العام في عدة أمور، قد لا تكون دافعا للشباب للعمل به نظراً لأن الماديات هي الوسيلة لقضاء متطلبات الحياة، إلا أنها علي مستوي العمل تبني شخصيات علي مستويات عالية من الكفاءة، كما أن هناك تقديراً للخبرات المختلفة وترقيات بالعمل، كما أنه يوفر في بعض الأحيان دورات تدريبية للنهوض بالعمل، لكن العمل الخاص يعيبه أهم شيء يجب أن يتوافر في الوظيفة وهي الثبات الوظيفي، وبدلاً من أن تكون الوظيفة حافزا يساعد علي تكوين أسرة أصبحت عقبة في طريق الشباب نظراً لأن معظم الأسر ترفض القبول بشاب يعمل بوظيفة غير ثابتة عند التقدم للزواج. في حين، تري سعاد محمد أن العامل أو الموظف لم يحصل علي حقوقه عند العمل بالقطاع الخاص، وتقول: إبني يعمل في القطاع الخاص ولا توجد ساعات محددة للعمل، فاليوم يعمل بوردية الليل وبعده يعمل بوردية النهار، كما أنه يعمل في معظم أيام الأعياد ولساعات إضافية دون أي مقابل إضافي، علي عكس القطاع العام فمواعيد العمل به محددة والرواتب والحوافز ثابتة. تتابع: الشباب يفضلون البطالة عن العمل بالقطاع الخاص، لعدم جدية العمل الخاص، فمعظم أصحاب العمل يطوعون قوانين العمل حسب أهوائهم، ومعظمهم معاملته سيئة مع الموظفين والعمال فهو ملكية خاصة بالنسبة لهم، فلا يوجد قوانين منظمة تحفظ حقوق العمال حتي الرواتب في بعض الأحيان تكون غير ثابتة. فيما يري سيد عارف (موظف بالقطاع الخاص) أن لكل قطاع عمل ميزاته وعيوبه، ومن ميزات القطاع العام ضمان المستقبل والوظيفة الثابتة لكن رواتبه قليلة في مقابل ارتفاع الأسعار، أما القطاع الخاص فرواتبه مجزية وهي الميزة التي تجعلني أفضل العمل بالقطاع الخاص عن العام. أما إبراهيم عزت (محاسب بالقطاع الخاص) فيشير إلي أن بعض شركات العمل الخاص تجبر العمال علي كتابة استقالاتهم قبل استلام العمل، ولذلك يعد العمل بالقطاع الخاص غير آمن، بالإضافة إلي العقود قصيرة الأجل التي يتعاقد عليها العمال التي لا تتجاوز 6 أشهر، وبعدها إما يتم تجديدها أو يتم تسريح العمال وهو ما يحرمهم من الاستقرار والزواج وتكوين أسرة، مشيراً إلي أن العمل بالقطاع الخاص لم يوفر تأمينات مناسبة للعاملين به، ما يحرمهم من الحصول علي معاشات مناسبة فيما بعد تعوقهم عن سداد متطلباتهم والتنعم بحياة كريمة. من جانبه، يري البدري فرغلي رئيس اتحاد نقابات عمال المعاشات، أن العمال بالنسبة لأصحاب العمل أداة لإنجاز العمل دون أي اعتبارات لحقوقهم التي لابد أن يحصلوا عليها من رواتب وحوافز وتأمينات، مشيراً إلي أن قانون العمل الموحد به عدة قصور، لذلك لابد من تعديله لحصول العمال علي حقوقهم وحصولهم علي معاملة آدمية من قبل أصحاب العمل، مشيراً إلي التلاعب بتأمينات العمال بالقطاع الخاص من ناحية التأمينات التي يتم تخصيصها للعامل بمبالغ لا تذكر، ثم يقومون بصرف مبالغ إضافية يحصلون عليها دون توريدها لهيئة التأمينات والمعاشات، فلا يجد العامل في نهاية خدمته معاشا مناسبا. ويؤكد أن العامل المصري مهدر حقه، وإذا كان هناك اتجاه لدعم الاقتصاد وزيادة الإنتاج فيجب اتخاذ الإجراءات المناسبة وتعديل القوانين بما يضمن تحسين الأوضاع المالية والمعيشية للعمال، مشيراً إلي ارتفاع أسعار معظم السلع وفواتير الكهرباء والإيجارات المرتفعة التي تثقل كاهل العمال المهدرة حقوقهم، خاصة في القطاع الخاص لعدم ثبات رواتبهم. إلي ذلك، تقول عالية المهدي أستاذة الاقتصاد، إن القطاع الخاص يعتبر من الموارد المهمة للدولة، فنسبة الاستثمارات والإنتاج فيه لا تقل عن 70% وهي جميعها تصب في صالح اقتصاد الدولة، كما أن القطاع الخاص متنوع الاستثمارات، ما يدعو إلي أهمية تنظيم العمل به، وإلقاء نظرة علي قوانين العمل التي تحتاج إلي تشريعات جديدة، فأي عمل قوامه هو العاملون به والإنسان يعمل حتي يحصل علي مقابل مادي مناسب يعينه علي المعيشة، فإذا حصل علي مقابل مناسب زادت عجلة الإنتاج والعائد من العمل. تتابع: يتم بين وقت وآخر الإعلان عن فرص عمل بالقطاع الخاص في حين نجد أن هناك عزوفا عن العمل به كنتيجة لما يلاقيه العاملون به من بداية العمل فأي عمل يبدأ علي أساس "استمارة 6"، وهو ما يؤثر بدوره علي جهد العامل المبذول في العمل وعلي الإنتاج من ناحية أخري، مشيرة إلي أن القطاع الخاص يعتبر منفذا لمشروعات كبري وهو باب للتمويل والخدمات والتصنيع والتوريد مما يساعد في ازدهار حركة التجارة والاستثمار التي لابد أن نستفيد منها خاصة بعدما شرعنا في تحويل جزء كبير من المنشآت العامة إلي القطاع الخاص بسبب انخفاض الإنتاج وزيادة العبء علي الموازنة العامة فأصبح الاقتصاد المصري اقتصادا يقوده القطاع الخاص. وتؤكد ضرورة وضع أساس ونظام للعمل وإعطاء كل ذي حق حقه للإبقاء علي دور القطاع الخاص في التنمية الإقتصادية، ولتعظيم فوائد الإصلاح الاقتصادي بصفة عامة علي كافة القطاعات الخاصة. من ناحيته، يري محمد حسنين أستاذ القانون العام، أن قوانين العمل الحالية التي يتم طرحها بين كل فترة وأخري لا تراعي النقاط التي يتمناها العمال وبسببها نري الاحتجاجات والتظاهرات كل يوم، حيث إنه لا يلزم العمال بساعات عمل محددة ولا يضمن حقوقهم في الرواتب أو التأمينات، موضحاً أنه يجب ضمان حقوق العمال مثل تحديد ساعات العمل وضمان الأجر المناسب لهم والتأمين الصحي عليهم، مشيراً إلي أهمية إصلاح القطاع العام والخاص معاً، حتي لا يلجأ العمال إلي القطاع الخاص دون غيره فيهضم حقوقهم مع محاولة الوصول إلي قانون عمل عادل يحمي مطالب العمال بنصوصه ومواده، علي أن تراعي فيه وجهات نظر العمال والأطراف الأخري المعنية بالقطاع الخاص والعملية الإنتاجية.