تُنتج مصر نحو 30 ألف ميجاوات كهرباء يتم استخدام نصفها بالمنازل، وتستهلك اللمبات حوالي ستة آلاف ميجاوات منها، الأمر الذي دفع الحكومة لدعوة المواطنين إلي ترشيد استهلاك الكهرباء، والاعتماد علي اللمبات الليد "الموفرة للطاقة" بديلاً عن اللمبات العادية، وهو ما قابلته مئات الشركات والمصانع بحملات إعلانية ضخمة لجذب أكبر عدد من المستهلكين لشراء اللمبات الليد مُعددة مزاياها سواء من ناحية توفير الأموال حيث يتراوح سعر اللمبة بين 9إلي 25جنيهًا إضافة إلي توفيرها الكهرباء خاصة في فصل الصيف، وأيضًا من ناحية الاستهلاك حيث يصل عمر تشغيلها إلي عشر سنوات وأكثر، ناهيك عن كونها صديقة للبيئة ولا تحتوي علي مواد سامة. أغلب تلك الشركات لا تنوه في إعلاناتها عن بلد المنشأ أو الضمان أو حتي اسمها التجاري، كما أن هناك الكثير من أصحاب الورش غير المرخصة يقومون بتصنيع هذه اللمبات عن طريق تجميع الأجزاء المستوردة من الصين ثم طرحها في الأسواق أو بيعها عن طريق المواقع الإلكترونية التي ساعدت في رواج تلك السلعة. وبحسب تصريح للمهندس حامد محمد، رئيس شعبة الأدوات الكهربية بالغرفة التجارية، فهناك أكثر من 100 ورشة تعمل تحت بئر السلم، تعمل علي تجميع أجزاء اللمبات المستوردة من الصين أو المهربة، فأغلبها يدخل الجمارك تحت مسمي مستلزمات كهربائية ليتم طرحها بالأسواق دون الوقوع تحت طائلة القانون، مقابل ثمانية مصانع فقط معتمدة للتصنيع، مما يهدد تلك الصناعة الوليدة. الكارثة الأكبر في هذه اللمبات أنها تُهدد بصورة مباشرة صحة المواطنين، حيث نشرت دراسة علمية بجريدة ال"ديلي ميل" البريطانية، تؤكد أن بعض هذه اللمبات المغشوشة تطلق غازات كيمائية ملوثة تصيب الإنسان بالعمي وسرطان الجلد كالفينول والنفثالين السام. ولم تكن تلك الدراسة وحدها التي حذرت من مخاطر تلك اللمبات فقد قام فريق بحثي من هندسة أسوان، بإجراء دراسة عن اللمبات الموجودة بالأسواق لقياس مدي جودتها وكفاءتها فوجدوا أن أكثر من نصفها غير مطابق للمواصفات، وعمرها الافتراضي قصير. وزارة الكهرباء بالتعاون مع مصانع اللمبات المعتمدة أيقنا هذه الخطورة فقاما بإنشاء منافذ توزيع تابعة للشركات مضمونة وموثوق في جودتها كما تراعي الأحوال المادية للمواطنين لتبيع لهم بنظام القسط . أغلب اللمبات الليد المضروبة تُباع في شارع عبد العزيز ومدينة العبور الصناعية، وتدخل مصر تحت مسمي مستلزمات تصنيع للتهرب من دفع الجمارك مما يضر باقتصادنا القومي. التأثير السييء لهذه اللمبات يضر بالتجار أيضًا فهم يعانون أشد المعاناة من اللمبات الصينية فنظرًا لرخص سعرها وكونها في متناول محدودي الدخل يقبل المستهلكون علي شرائها دون الأنواع الأخري من الفلورسنت والليد. محمود حسن، مواطن، يحكي قصته مع اللمبات الليد، قائلًا: "منذ أعلنت وزارة الكهرباء عن مميزات اللمبات الموفرة ومشروعها القومي لطرحها بالأسواق حتي تحمست للفكرة رغبة في توفير فاتورة الكهرباء ولجودة صناعتها وشكلها الجيد سارعت بشراء خمس لمبات يتراوح سعر الواحدة عشرة جنيهات من أحد تجار الجملة بالسيدة زينب الا أن المفاجأة الكبري أن قيمة استهلاكي الشهري للكهرباء زادت بشكل ملحوظ فعلمت أن تلك اللمبات مغشوشة وتساهم في تبديد الطاقة وليس توفيرها". أما سندس خضر، ربة منزل، فقالت: "بعد مرور أكثر من شهر علي استخدامي للمبات الليد لاحظت ضعف وهجها وانطفاء قوتها من يوم للثاني، والكارثة كانت انبعاث رائحة كريهة منها وحرارة شديدة خاصة عند قدوم الليل وسرعان ما احترقت اثنتان منها فقررت استخدام اللمبات العادية مرة أخري". وعن رأي التجار، يقول أبوزيد نصر، تاجر بشارع عبد العزيز: "هناك الكثير من ورش تجميع اللمبات الموفرة بجميع أنواعها في شارع عبد العزيز، وأغلبها أجزاء كهربائية صنعت في الصين، وتم استيرادها تحت مسمي مستلزمات كهربائية، ويتم دخولها مصر لتفادي دفع ضرائب كبري مما يضر بتجارتنا التي نجلبها من المصانع المعتمدة، وغالبًا ما تُباع اللمبة الواحدة بسعر يصل إلي خمسة وعشرين جنيهًا فيلفظها المواطن ليشتري اللمبة الصينية، والتي لا يصل سعرها إلي 10 جنيهات فقط في كثير من الأحيان. أما رجب الأسيوطي، أحد تجار الأدوات الكهربائية، فيقول: "تتنوع أعمال تلك الورش بحسب اللمبة المصنعة فهناك خطوط إنتاج لصنع اللمبة الليد أو الفلورسنت ويتم استيراد أجزائها مفككة ثم يتم لحام أجزائها الداخلية وإعدادها للعمل بالمنازل ويتراوح عدد الماكينات المستخدمة في تلك العملية إلي ثلاث ماكينات آلية بسيور كهربائية لتحدد سرعتها بالإضافة لبعض الأجهزة الكهربائية المساعدة وتتنوع مهن العاملين بين فنيين كهرباء وميكانيكا وإنتاج وبعض العمالة العادية". أما عن أسعار هذه اللمبات فتتنوع أسعارها حسب ساعات عملها والوات، فاللمبة الخمسة وات يصل سعرها إلي عشرة جنيهات أما التسعة فيصل سعرها الي خمسة عشر جنيهًا، واللمبة ال 12وات سعرها يصل إلي خمسة وعشرين جنيهًا. وعن أخطارها الصحية يقول الدكتور محمد السيد، أستاذ الأمراض الصدرية، الكثيرون أكدوا جودة اللمبات وأمانها فهي صديقة للبيئة إلا أن الكارثة أن اللمبات الصينية ينبعث منها غاز الزئبق والفينيل السام الذي يؤثر علي القناة الدمعية فيصيب العين بالعمي، وهناك أنواع أخري تسبب سرطان الجلد، ففي دراسة قامت به جامعة كولومبياالأمريكية، ونشر نتائجها موقع لايف ساينس اكتشفوا أن المصابيح الفلورية المدمجة تبث كميات مرتفعة مفاجئة من الأشعة فوق البنفسجية يمكن أن تتلف خلايا الجلد وتسبب السرطان عند التعرض لها بمستويات عالية ولاختبار سلامة هذه المصابيح عرض الباحثون خلايا جلدية بشرية سليمة للضوء المنبعث من المصابيح الفلورية المدمجة، وقارنوها بتأثير المصابيح التقليدية الساطعة علي الخلايا الجلدية نفسها، وأظهر تحليل العلماء أن الخلايا الجلدية التي تعرضت للضوء المنبعث من المصابيح الفلورية المدمجة أصيبت بتلف ملحوظ وسرطان، وقالت الباحثة المسئولة عن الدراسة مارسيا سيمون إن النتائج أظهرت أنها قد تتسبب في موت الخلايا". من جانبه، قال هاني متولي، سكرتير شعبة الأدوات الكهربائية: "هناك ما لا يقل عن 145 مصنعا يعمل في مصر، يدعون أنهم متخصصون في صناعة اللمبات الموفرة للطاقة، بينما الواقع يؤكد أن إجمالي المصانع التي تعمل في هذا القطاع لا تتعد 8 مصانع فقط، والعدد المتبقي عبارة عن مصانع غير مرخص لها بالعمل؛ وهو ما يتطلب قيام هيئة التنمية الصناعية بمراجعة هذه المصانع التي تقوم بتوزيع منتجات غير مطابقة للمواصفات الفنية المطلوبة".