التقوي في مصر صارت ظاهرة صوتية.. بعد استئصال العقل والضمير.. هي تقوي آخر زمن، تلك التي تبث من خلال بدعة اسمها ميكروفون غرس في كل الزوايا والجوامع ليصبح الصراخ الهيستيري والضجيج الذي يزلزل أرجاء الوطن والمواطنة البالغ 20 ريختر هو المرادف الحديث والإحلال المزيف للتقوي الأصيلة، الفضيلة والإيمان الصادق وتابعه الفعل النابع من الضمير اليقظ. التواصل مع الله سبحانه وتعالي يقتضي الصفاء، السكون، اقتفاء صوت الصمت والشعور أن الله يرانا ويرصد أفعالنا 24ساعة وليس بالصخب الأجوف والخطاب الديني الناضح بالكراهية البعيد عن العقيدة، الباعث علي تغييب العامة وإرهاب النخبة من فعل الصواب وأولهم وزير الأوقاف د.حمدي زقزوق الذي لا خلاف علي استنارته ولكن كما سبق وكتبت لاستعماله الشخصي وأتساءل ما جدوي أن يحظي المسئول بالفكر الرفيع دون تحويله إلي فعل يخدم المجتمع ويحميه من الفتنة التي لم تعد نائمة، هي الثمرة المعطوبة للتقاعس عن فعل الصواب، والرهبة من إحقاق الحق، من يخشي تطبيق القانون وإعلاء القيم التي نعمت بها الشخصية المصرية منذ الأزمنة الغابرة فليترك موقعه لمن يتحلي بالجسارة وخوض المعارك ضد الدهماء والمرتزقة وعتاة الإظلام، هؤلاء من صارت النخبة المصرية الجديدة تداهنهم، تنافقهم وتنحني لهم. وأتساءل مرة أخري هل قبل مكبرات الصوت لم يكن هناك إسلام!؟ وهل التقوي الأخلاق، الخير وذكر الله وتعاليمه تقتضي الصراخ والتشنج الفج، أم العقيدة تقلصت واختزلت في مظاهر واهية في تلك الأيام العجاف يقول نجيب محفوظ في ألف ليلة »عالم التقوي الظاهرة والفساد الكامن عجيبة هذه السلطنة بناسها وعفاريتها.. ترفع شعار الله وتغوص في الدنس«.. هل الذهاب للعمل علي سبيل المثال يحتم أن يصرخ أحد في أذنك ليحضك علي القيام وهو أقل من ذكر الله، هل أحزان وأفراح المصريين لا تفلح دون الميكروفونات تلك الآفة التي غرست حتي في المدارس ولاحرمة لمريض أو طالب علم أو مواطن يتوق للراحة. هل مكتوب علي المصري الجديد أن يصبح محاصرا في بيته لا ينعم بالهدوء والراحة، والسكن والتوحد مع الله بحرية »فلا أحد ينام في مصر« بفعل الفجاجة وعدم مراعاة الآخر فالكل يعاني من مدن الضجيج مسلما ومسيحيا، إن بيوت الله يجب أن تتحلي بالهدوء والسكينة .