المواطنون تجمهروا وحطموا سيارة الشرطة احتجاجاً على قتل أمين شرطة لأحد المواطنين بسلاحه الميرى تجددت حالة الغضب الرسمي والشعبي ضد أفراد الشرطة بسبب تجاوزات بعضهم المستمرة، والتي كان آخرها قتل أمين شرطة من قوة إدارة شرطة النجدة بمديرية أمن القاهرة لبائع شاي بمنطقة الرحاب بسلاحه الميري، وهي التجاوزات التي تهدر جهود وتضحيات أبطال وزارة الداخلية الذين يسقطون شهداء يومياً دفاعاً عن الوطن والمواطنين.. عدد من خبراء الأمن وأعضاء مجلس النواب أكدوا ل"آخر ساعة"، أنه سيتم مناقشة وإقرار قانون الشرطة الجديد خلال أيام لضبط الأداء الأمني لأمناء الشرطة، والذي يحوي نصوصاً قانونية جديدة وعقوبات رادعة للمتجاوزين، لكنه لا ينص علي عودة المحاكمات العسكرية لأن الدستور نص علي أن الشرطة هيئة مدنية. من جانبه يؤكد مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة اللواء هشام العراقي، أن هناك متابعة مستمرة لجميع أفراد وضباط الشرطة، وهناك جهات رقابية عديدة داخل وزارة الداخلية تراقب سلوكيات وأخلاقيات أعضائها وهي قطاعات (الأمن الوطني والأمن العام وشئون الضباط والتفتيش والرقابة)، والتجاوزات التي تحدث من بعض أفراد الشرطة أو الضباط فردية ولا يجب أن نظلم قطاعاً كبيراً من الأفراد بسبب خطأ شخصي لأحد أفرادها، فهم ركيزة أساسية وإخوتنا في العمل ونقف بجوار بعضنا البعض في الخدمات والمأموريات الخطرة، ونضع جميعاً أرواحنا علي كفوفنا، وإن كان أخطأ فرد واحد فهناك الآلاف يقدمون التضحيات ويواصلون العمل الليل بالنهار لحماية المواطنين فهم ركيزة أساسية في الوزارة، وبسبب الاحتكاك المستمر مع المواطنين فإن الخطأ يكون مكشوفاً، لذلك يجب ألا نسمح لأعداء الوطن باستغلال هذه الحوادث الفردية لضرب الاستقرار وعمل شرخ في جدار جهاز الشرطة الذي يقف لهم بالمرصاد. ويشير اللواء العراقي، إلي أن أي تجاوزات ضد المواطنين- وإن كانت فردية- فهي غير مقبولة نهائياً، كاشفاً أن وزير الداخلية اللواء مجدي عبداالغفار، قال له: "إحنا موجودين في الداخلية لخدمة المواطن واسترداد حقوقه، ولا نقبل الأخطاء، ولا نتستر علي أحد والمخطئ يقدم للمحاكمة"، موضحاً أنه يتم حالياً عقد ندوات وورش تدريبية لتأهيل أمناء الشرطة ترتكز علي دور رجل الشرطة وضرورة مراعاة حقوق الإنسان وعدم انتهاكها وفن التعامل مع المواطنين وكذلك التأكيد علي حسن معاملة الجمهور من قبل رجال الأمن وفتح قنوات تواصل معه لكسب ثقته. ويري مساعد وزير الداخلية الأسبق، عضو مجلس النواب، اللواء علي الدمرداش، أن الحل الوحيد للقضاء علي هذه التجاوزات الفردية هو تطبيق القانون علي الجميع وعلي الكبير قبل الصغير، فنحن في دولة بها قانون والتصرفات الفردية المتعلقة بتجاوزات أفراد الشرطة تهين وزارة الداخلية وتهدر جهود وتضحيات أبنائها، وإذا تركناها دون حساب فستكون هناك كارثة ويتم ضرب العلاقة الطيبة بين الشرطة والمواطن في مقتل، مطالباً بسرعة البت في القضايا المنظورة أمام المحاكم لتحقيق العدالة الناجزة قائلاً "الأيادي المرتعشة لا تبني شيئاً". ويشير اللواء الدمرداش، إلي أن البرلمان لم يؤخر مناقشة قانون الشرطة الجديد، الذي وصل إليه منذ أيام من مجلس الوزراء، حيث كان المجلس منشغلاً بإقرار اللائحة الداخلية له ومناقشة بيان الحكومة، موضحاً أنه ستتم مناقشة القانون خلال أيام وإقراره، وغالبية النواب موافقون عليه لأنه جيد ورادع والمهم تطبيقه، وللعلم مواده لا تحتوي علي عودة المحاكمات العسكرية، لأن الدستور نص علي اعتبار الشرطة هيئة مدنية، وإذا نص علي عودة هذه المحاكمات فإنه سيتم الطعن عليه فور إقراره ويقضي بعدم دستوريته. ويضيف اللواء الدمرداش: "مشروع القانون الجديد ينظم العلاقة بين رجل الشرطة والمواطن ويؤكد الحفاظ علي كرامة المواطنين وحسن معاملتهم، حيث نص علي حظر التجاوز في استعمال السلطة وإساءة معاملة المواطنين بصورة تنال من كرامتهم أو كرامة هيئة الشرطة أو أن يخالف الحقوق والحريات والواجبات المكفولة بالدستور والقانون أو ما يرد بالتعليمات أو الكتب الدورية الصادرة عن الوزارة، وحظر أيضاً الانضمام إلي أي من الكيانات الحزبية أو النقابية أو السياسية أو الدينية أو العرقية أو الفئوية، أو الارتباط بالعمل العام طوال مدة خدمته أو أن ينحاز سياسياً لأي جهة أو طرف". ويؤيد كلامه أيضاً مساعد وزير الداخلية الأسبق، عضو مجلس النواب، اللواء جمال عبدالعال، قائلاً: "تجاوزات الأفراد فردية وشخصية وليست منهج عمل للجميع، حيث تعود لطبيعة الشخص نفسه ومقومات تربيته، ومن الظلم تعميم هذه الأخطاء علي جهاز الشرطة بأكمله، لأن هناك العديد من الأفراد القدامي استفدنا منهم في بداية تخرجنا، فإذا قارنّا نسبة الأشياء السلبية التي تصدر من بعضهم بالمقارنة بعددهم بالكامل فإنها لن تصل إلي 1% لذلك لا يجب التعميم لأن هذه الحوادث لن تنتهي وستتكرر والحل يكون في تطبيق القانون بحسم". ويوضح اللواء عبدالعال، أن هناك مجموعة من مشروعات القوانين سيتم مناقشتها الأيام القادمة وعلي رأسها قانون الشرطة الجديد الذي وصل مجلس النواب منذ أيام وسبب تأخير مناقشته كان انشغال المجلس في إقرار اللائحة الداخلية وبيان الحكومة، مشيراً إلي أن مشروع القانون الجديد ينظم عملية تسليح الأفراد ويضع عدة ضوابط لها منها سحب الأسلحة من الأفراد بعد انتهاء الخدمة باستثناء بعض الحالات أبرزها الأفراد المستهدفون والمقيمون بمناطق خطرة، كما تضمن مشروع القانون أيضاً إخضاع الأفراد إلي مراجعة نفسية وصحية بصفة دورية، وتصل العقوبات في حالة تكرار التجاوز ضد المواطن إلي الإحالة إلي الاحتياط والفصل من الوظيفة. ويري مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمني اللواء بهاء الدين حسن أن التجاوزات التي تحدث من بعض أفراد الشرطة لا تشكل ظاهرة رغم أنها متكررة وتحدث كل فترة، فكلها سلوكيات فردية من أشخاص مسؤولين عن أنفسهم، مطالباً بإقرار قواعد صارمة لردع المتجاوزين ضد المواطنين علي أن تخرج هذه القواعد عن القانون المدني، لأن الدستور نص علي أن الشرطة هيئة مدنية، لذلك لابد أن يكون لها قانون خاص وبه عقوبات مشددة لأنها تشبه القوات العسكرية، فإذا كانت مدنية فلماذا يرتدي أعضاؤها الزي العسكري؟!، فلابد من وجود قانون أكثر تشدداً وانضباطاً بحيث تباشر التحقيقات مع المخالفين نيابة القضاء العسكري، وقد يكون ذلك تحت إشراف قضائي وليكن من محكمة النقض. ويضيف اللواء حسن قائلاً: "يتنافي مع متطلبات العصر أن تنظر النيابة العامة هذا الكم من القضايا المحالة إليها، فهناك آلاف القضايا حول تجاوزات بعض رجال الشرطة أحيلت للنيابة منذ فترات كبيرة ولم تفصل فيها حتي الآن نظراً للكم الكبير من القضايا التي تنظرها والتي تصل إليها يومياً وهذا يمثل عبئاً كبيراً عليها، وليس معني مطالبتي بالتحقيق مع المخالفين من قبل نيابة القضاء العسكري أنها محاكمات عسكرية لكن كل ما أقصده من ذلك أن تكون المحاكمات سريعة وعقوباتها صارمة وللتخفيف علي النيابة العامة، لأن عودة المحاكمات العسكرية قرار سياسي يملكه رئيس الجمهورية فقط، مشيراً إلي أن حالة التلبس تسقط الحصانة، فعلي سبيل المثال إذا كان أمام رجل الشرطة أحد أعضاء مجلس الشعب حيث إنه يمتلك حصانه وبحوزته كمية من المخدرات يتم القبض عليه وتسقط حصانته لكونه متلبساً بالجريمة".