ولكن المسيحية علمت المغزي الحقيقي من وراء النبوءات، والذي تجاهله اليهود كثيرًا، وخاصة في أمور مثل صلب المسيح وموته وقيامته وغير ذلك وهناك الكثير والكثير من النبوات المسيانية في العهد القديم التي تحققت جميعها في شخص السيد المسيح، وعلي الرغم من تحقق كل النبوءات التي وردت عن المسيا إلا أن اليهود مازالوا ينتظرون ظهوره حتي الآن! ورغم حظر الاحتفال بعيد ميلاد المسيح عن اليهود فإن الدكتور سامي الإمام أستاذ الديانة اليهودية والخبير بالفكر الصهيوني بجامعة الأزهر يشير إلي ما وصفه بتقاليد نشأت في ثقافات يهود الشتات خاصة المقيمين في بلاد غالبية أهلها من المسيحيين. كما وجدت قواعد في اليهودية الحسيدية تفرض عدم دراسة التوراة في ليلة عيد الميلاد, ويسمح بالقيام بأعمال أخري غير دينية! يضيف: ينظر اليهود في دول غرب أوربا إلي عيد الميلاد نظرة معتدلة ويتواصلون مع المسيحيين من خلال علاقات ودية، فقد طور يهود ألمانيا, في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، تقليدًا أسموه "فاينوكا" وهي تسمية تخلط بين عيد الحنوكا اليهودي وعيد الميلاد المسيحي، باللغة الألمانية، واعتادوا في هذا العيد تزيين منازلهم بأشجار الصنوبر, وخبز المعجنات التقليدية للعيد، واستضافة أصدقاء غير يهود، وتقديم هدايا للأطفال، وأقيمت احتفالات بهذه المناسبة داخل المعابد اليهودية كمعبد برلين، لكن تلك الطقوس المستحدثة لاقت نقدًا شديدًا من قبل المؤسسات الدينية اليهودية التي رأت فيها اختلاطًا يتعارض مع خطوط الديانة اليهودية العريضة، حيث فيها تشبه بالأغيار.. ويشرح: انتقلت تقاليد عيد الميلاد بين يهود الشتات من ألمانيا إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية, وهناك يسمي الاحتفال "كريسموكا" (والكلمة تركيب اصطلاحي بالإنجليزية يمزج بين كلمتي كريسماس وحانوكا)، تحتفل به بعض الأسر اليهودية بأمريكا خاصة تلك الأسر التي يكون أحد الوالدين فيها غير يهودي ويحرصون علي اقتناء شجرة مزينة داخل المنزل, وهكذا يكون الاحتفال بعيد ميلاد المسيح لدي أسر الزواج المختلط، في حين هناك يهود أمريكيون يوجهون نقدًا للاهتمام بعيد الميلاد من قبل بعض اليهود. والأمر نفسه في روسيا اليوم التي توارث اليهود فيها تقاليد الاحتفال بعيد الميلاد مع المسيحيين في كبري الميادين الروسية, وهو ما جعل المهاجرين الروس يواجهون نقدًا شديدًا باتباعهم لهذه التقاليد المستحدثة في إسرائيل والتي تصطدم أحيانًا بنظرات المتشددين التي تستقبح هذه البدع وتعتبرها ابتعادا عن التقاليد اليهودية وبناء قيم مسيحية. أما في إسرائيل فلا تقيم الحكومة أي احتفالات أو علامات زينة لعيد الميلاد, في الوقت الذي يتم التركيز علي الاحتفال وطقوسه في الأحياء المسيحية كالحي المسيحي بالقدس, والمستوطنة الألمانية بحيفا, ومدينة الناصرة حيث تزدان تلك الأماكن بأشجار السرو أو الصنوبر تلفها أضواء ملونة. وتحظر الحاخامية الرئيسية بإسرائيل علي جميع المحلات والمتاجر الحاصلة علي شهادة مزاولة تعليق أو وضع أي شيء يخص عيد الميلاد أو أشجار الصنوبر, ولا يجوز للفنادق التي تستضيف مسيحيين وخاصة منهم الرهبان القادمون للاحتفال بالعيد هناك، وتُحذرهم من وضع أشجار العيد أو زينته لأن هذا يعرضهم لإلغاء تراخيص مزاولة المهنة. ويختتم كلامه بقوله: إن فكرة المخلص الذي يأتي آخر الزمان لا تقتصر علي أصحاب ديانات الكبري, اليهودية, والمسيحية, والإسلام, بل نجدها في حضارات الشرق كافة تقريبًا, وهي تناسب العقلية الشرقية الباحثة عن الخلاص في شخصية غيبية ما حتي لو غُلفت بأفكار أسطورية بارزة المعالم وقد جاءت إشارات في العهد القديم عن المسيح منها: (ها إن العذراء تحبل وتلد ابنًا). سفر أشعيا 7/14. وتعد هذه الآية أشهر نبوءة تشير إلي "مريم"، عليها السلام, وتقرأ في جميع الكنائس علي اختلافها ضمن احتفالات عيد الميلاد. اصطفي الله تعالي عيسي عليه السلام من بني إسرائيل ليكون رسولا إليهم, فعلمه التوراة والإنجيل, وأيده بمعجزات من عنده فجعله يصنع طيرًا من الطين ثم ينفخ فيه بإذن الله فيبعث فيه الحياة, وعالج مرضي البرص الذي انتشر بين بني إسرائيل وأحيا الموتي بإذن الله وغير ذلك من الخوارق التي لا تعطي لغير نبي أو رسول, أو رجل صالح. كان في نظر اليهود الذين كفروا بدعوته حكيمًا معلمًا, وفي نظر الذين آمنوا به مسيحًا مخلصًا ورسولا هاديًا وداعيًا إلي عبادة الله الواحد الأحد. ولما رآهم قد انحرفوا بعيدًا عن شرع الله وراحوا يعبدون غير الله ويرتكبون المعاصي دعاهم إلي الصراط المستقيم لكنهم أبوا إلا أن يصروا علي الكفر. كان عيسي عليه السلام عالمًا بأدق تفاصيل حياة بني إسرائيل, لكنهم علي عكس ذلك ادعوا أنه ساحر (والتلمود يقر ذلك إلي الآن), وقالوا إن ما يقوم به من خوارق ومعجزات هي بسبب استخدامه اسم الرب الصريح؛ قيل إنه دوَّنه علي رقيقة من جلد كان يخفيها في طيات ثيابه حين يستخدمها في سحره. وكانت درجة ابتعاد اليهود عن شريعة موسي, عليه السلام, وأحكام التوراة قد بلغت قدرًا يمكن وصفهم معها بالكفرة المارقين؛ فلم يأبهوا لكلام الأنبياء والمرسلين الذين بعثهم الله لهدايتهم وإعادتهم إلي طريق الإيمان. ويشبّه الدكتور محمد الهواري أستاذ الفكر الديني اليهودي ومقارنة الأديان بكلية الآداب جامعة عين شمس فكرة المسيح المنتظر عند اليهود بالشخصية المثالية ويقول إنها ترجع إلي نسل داوود، وظهر الكثير من اليهود بدعوات مسيحانية علي مر التاريخ مثل عوبيديا الذي ادعي أنه المسيح المخلص وثار ضد السلطات الموجودة في ذلك الوقت، وقيل أنه إدعي النبوة، فكان هناك مؤيدون لهذه الشخصيات، وعندما ظهر المسيح عيسي بن مريم اعتقدوا أنه مدع كسابقيه، وأنها ليست سوي حركة تمرد علي اليهود، لذلك ظهرت مقاومة له، وبدأت كتابات تشير إلي طعن في السيدة مريم بأنها ارتكبت خطيئة مع يوسف النجار، وعدم الاعتراف بأن عيسي ولد بدون أب، ومن هنا بدأت رحلة العائلة المقدسة إلي مصر هروبا من الاضطهاد الذي كان ضدهم في فلسطين، وقد تم تدوين جزء كبير من تلك الأكاذيب التي تطعن في السيد المسيح والسيدة مريم في التلمود وهذا من أسباب عداء الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا التي دفعت إلي حرقه مرتين، وقليل من المسيحيين علي علم بهذه التفاصيل، ونجد أنهم حذفوا هذا الجزء من التلمود في هذه الفترة لكنهم أعادوه في الطبعة الجديدة التي ظهرت منذ عدة سنوات ولا تزال موجودة حتي الآن.. فقد كان عيسي يهوديا ولد في الناصرة بوسط اليهود، واليهود لا يعترفون بأن عيسي بن مريم هو المسيح، لأن المسيح في اليهودية شخصية مثالية ستظهر في نهاية العالم لتخلص اليهود من معاناتهم وتنهي حالة الشتات التي عاشوها ليتجمعوا في أرض الميعاد ويقام الهيكل الثالث، وبالنسبة للمسيحيين فقد ظهر بالفعل المسيح المخلص الذي فداهم بعملية صلبه وخلصهم من معاناتهم. وهناك الكثير من الآراء اليهودية التي أقرت واعترفت بنبوءة سيدنا محمد وعيسي عليهما السلام، ولكنهم للمسيحيين والمسلمين وليسوا أنبياء لليهود، بالرغم من أنهم نفوا ما تقره الديانة المسيحية عن كون عيسي ابن الله، فيقولون إن هناك خلطا بين كونه إنسانا أو إلها، وهو ما يخرج عن أصول العقيدة والديانة.