الموجة الحارة العاتية التي تشهدها البلاد حالياً، أثرت علي قطاعات اقتصادية كبيرة كانت تُدر دخلاً هائلاً علي الاقتصاد الوطني، أبرزها قطاع السلع الغذائية، والذي تأثر سلباً نتيجة تلف جزء كبير من محاصيل الفواكه والخضراوات، الأمر الذي ترتب عليه اشتعال الأسعار داخل الأسواق، وقدر خبراء الاقتصاد خسائر مصر المالية بسبب موجة الحر بنحو 10 مليارات جنيه، ويتوقع زيادتها مع استمرار هذه الموجة السيئة.. ورغم خسائر الاقتصاد الكبيرة جراء هذه الموجة، إلا أن تجارة التكييفات والمراوح ومبردات الهواء لاقت رواجاً كبيراً، كما زادت مبيعات المشروبات الغذائية والعصائر بنسبة 75%. مُزارعو الفواكه اشتكوا من خسائر التغيرات المناخية بعد أن تسببت موجة الحر في تلف محاصيل عدد من الفواكه، مثل الموز والجوافة، وقال إبراهيم محمد، مزارع بالشرقية، إن ارتفاع درجات الحرارة أدي إلي تلف محصول الفاكهة، موضحاً أن إنتاج بعض الفاكهة سيقل هذا العام نتيجة تلف المحاصيل مع ارتفاع درجات الحرارة، مضيفاً أن التغيرات المناخية ربما تساهم في تلف محاصيل أخري، مما سيؤدي لارتفاع أسعار بعض الفواكه بالأسواق. محمد إسماعيل، مزارع، قال إن محصول البلح هذا العام تأثر بشكل كبير بسبب ارتفاع درجات الحرارة الشديدة، مما سيؤدي إلي انخفاض كمية المحصول في الأسواق، مشيراً إلي أن استمرار هذه الموجة سيؤدي إلي تلف الكثير من محاصيل الفاكهة، وانخفاض إنتاجها في الأسواق. الأسواق شهدت حالة من الركود في حركة البيع والشراء، وأجمع تجار السلع الغذائية، وأصحاب المحلات، علي أن هناك إقبالا ضعيفا علي شراء الخضراوات والفاكهة، مما أدي إلي تلف المنتجات، وحدوث خسائر كبيرة. كانت الأيام الماضية قد شهدت خسائر كبيرة في قطاع المحاصيل الزراعية في محافظة أسيوط، حيث انقطع التيار الكهربائي في غالبية مراكز المحافظة نتيجة الزيادة المطردة في الضغط علي الشبكات، وتعطلت العديد من المحولات الكهربائية نتيجة تلف وانصهار أسلاكها بفعل الحرارة المرتفعة، وكانت الأضرار فادحة علي الزراعة بالمحافظة خاصة محاصيل الخضراوات. وفي قطاع تجارة الدواجن، لم يسلم التجار من الخسارة الكبيرة فأصحاب المحال اشتكوا من الخسائر التي أصابتهم نتيجة موت الدجاج بسبب موجة الحر الشديدة، وأصابت الموجة الحارة محلات الأسماك أيضاً، فرغم حفظ الأسماك داخل الثلاجات إلا أنها تعرضت للتلف أيضاً، علاوة علي أن المواطنين عزفوا عن شراء الأطعمة من الخارج، كما يؤكد أصحاب المحلات مما أدي إلي خسائر فادحة للمحلات. من جانبه، قال الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادي، إن مصر دفعت فاتورة باهظة بسبب موجة الحر التي تتعرض لها البلاد أضرت بقطاعات اقتصادية هامة خاصة سوق السلع الغذائية، مُقدراً الخسائر التي تعرضت لها مصر بنحو 10 مليارات جنيه، وقد يزداد هذا الرقم مع استمرار هذه الموجة، مشيراً إلي أن ارتفاع درجات الحرارة أثر علي قطاع الأغذية نتيجة تلف محاصيل بعض الفواكه والخضراوات، وهو قطاع حيوي يلعب دورا أساسيا في الاقتصاد المصري. جودة، أوضح أن انقطاع التيار الكهربائي في بعض المناطق أثر سلباً علي الاقتصاد المصري، خاصة فيما يخص عمليات تخزين بعض السلع مما يعرضها للتلف، مشيراً إلي أن الأرصاد الجوية كان عليها أن تعرض تقريرا مفصلا للحكومة حول حالة الطقس حتي تستطيع الحكومة ان تأخذ في الاعتبار وضع استراتيجية جادة لمواجهة هذه الموجة. من جانبها، قالت الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة الاقتصادية، إن نسبة تلف المحاصيل خاصة الخضراوات كانت عالية للغاية بسبب موجة الحر خاصة محصول الطماطم، الذي تم فقد نسبة كبيرة منه لأنه محصول سريع التلف، وقالت إن الحكومة كان عليها اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة موجة الحر التي تعرضت لها مصر، من خلال صيانة شبكات الكهرباء حتي يتم تقليل انقطاع التيار الكهربائي وبالتالي الحفاظ علي المحاصيل التي يتم تخزينها. بسنت، أضافت أن موجة الحر أثرت علي القوة الشرائية للمواطن، نتيجة عزوف المواطنين عن النزول تحت وطأة الشمس مما ساهم في مضاعفة تلف المحاصيل الزراعية. في المقابل، أكدت شعبة المواد الغذائية بغرفة القاهرة التجارية، أن موجة الحر أثرت إيجابياً علي شركات المشروبات الغازية والعصائر، حيث زادت مبيعاتها بنسبة تصل إلي 75% وأوضحت الشعبة، أن الإقبال علي شراء المشروبات الغذائية دفع الشركات إلي زيادة الكميات المطروحة بالسوق لتلبية احتياجات المواطن ومواجهة حر الصيف، وأشارت إلي أنه رغم الإقبال الشديد علي شراء العصائر والمشروبات، إلا أن الشركات لم تقم باستغلال الموقف برفع الأسعار، وإنما حافظت علي الأسعار داخل السوق حتي لا تؤثر علي الإقبال علي المنتج. تجارة الشمسيات، ومراوح اليد، والقبعات، ونظارات الشمس، شهدت هي الأخري رواجاً كبيراً للهروب من أشعة الشمس الضارة، وارتفعت أسعار الشمسيات إلي 60 جنيهاً، وارتفع سعر مروحة اليد إلي خمسة جنيهات، كما ارتفعت أسعار نظارات الشمس بشكل كبير، وارتفعت أسعار القبعات لتصل إلي 50 جنيهاً للواحدة. سوق المراوح وتكييفات الهواء شهد رواجاً هائلاً للصمود أمام موجة الحر، وتراوحت أسعار التكييفات بين 2000 إلي 5000 جنيه، بينما تتراوح أسعار المراوح بين 200 إلي 400 جنيه، أما مُبردات الهواء فتراوحت أسعارها بين 800 إلي 1000 جنيه. أحد تُجار التكييفات، قال إن هناك قوائم انتظار للحصول علي تكييفات الهواء نتيجة الإقبال غير المسبوق علي شراء المكيفات، مضيفاً أن هناك مواطنين يلجأون إلي الشراء بالتقسيط لأنهم غير قادرين علي الدفع الفوري، وذلك رغم أنهم يعلمون أن استهلاك التكييفات يُشعل فواتير الكهرباء.