لا يختلف اثنان علي أن سميحة أيوب فنانة قديرة وأستاذة أجيال تجمع بين التلقائية والبساطة والثقافة والالتزام في كل شيء، وهي الوحيدة من بين فناناتنا التي بقيت رفيقة مخلصة لخشبة المسرح خصوصا القومي لسنوات طويلة قدمت خلالها مايقرب من 071 مسرحية محلية وعالمية كلها بصمات في الساحة الفنية مازالت تعيش في وجداننا.. يوما بعد يوم استمرت تقطف ثمار نجاحاتها بأوراق فنية شديدة التميز حتي تولت منصب مديرة المسرح القومي مرتين وتعرضت للإقالة من وزير الثقافة بسبب عدم حضور المطرب علي الحجار عرض «مجنون ليلي»، حيث ظن الوزير أنها عملت له مقلبا وخلال هذه الفترة اختارت بذكائها الفني الدخول في شرنقة التليفزيون الذي يستهويها ويتوافق مع بحثها الدائم عن الجديد وقدمت أدوارا إنسانية متنوعة تعالج قضايا ساخنة في المجتمع. تم تكريمها مؤخرا في الدورة السابعة للمهرجان القومي للمسرح، وحصولها علي جائزة النيل في الفنون الذي تعتبره إرثا شرعيا تستحقه تقديرا لمشوار عطائها الطويل، وكان ل"آخرساعة" معها هذا الحوار.. لم تكن المرة الأولي لتكريمك لكني أشعر أن جائزة النيل للفنون الأهم بالنسبة لك الآن؟ - حصلت علي جوائز وتكريمات من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وكرمت من الرئيس الراحل أنور السادات وفزت بجائزة أحسن ممثلة علي مستوي العالم العربي من الرئيس السوري حافظ الأسد ووسام بدرجة فارس من الرئيس الفرنسي جيسكارديستان ويضاف لهذه التكريمات البارزة جائزة الأمير سلطان القاسمي حاكم الشارقة وأشكر الله عز وجل علي حصولي علي فاكهة جديدة من فواكه التكريم المتميزة من مصر المحروسة وهي جائزة النيل في الفنون والتي جاءت في موعدها لان سبقها حصولي علي جائزة الدولة التقديرية في الدورة السابقة للمهرجان القومي للمسرح، ويكفيني ماكتبه وردده الكثيرون أن الجائزة هي تتويج لمشوار حياتي في عالم الفن، لأني من أهم الركائز الفنية في مصر والعالم العربي التي قدمت مسرحيات ومسلسلات وأفلاما نقلت مشاكل الناس وطموحاتهم علي مختلف الأصعدة وأصبحت علامات بارزة في سجل الفن الراقي. بصراحة ما تقييمك لمسرح الدولة. وهل عروضه الآن أصبحت لا تعبر عن قضايا المجتمع؟ - مازالت تعيش في أذهان ووجدان الجمهور المسرحيات التي قدمتها وستظل علامات في تاريخنا المسرحي ومنها سكة السلامة - الوزير العاشق كوبري الناموس الناس اللي في التالت دماء علي ستار الكعبة وهذه الأعمال وغيرها كان فريق العمل من مؤلفين وممثلين ومخرجين يقدمونها بهوادة وتركيز لتحقيق غرض استفادة الجمهور وتقديم رسالة تربوية فنية له وليس لغرض إضحاكه فقط أما الآن لايوجد مسرح سوي مسرح الدولة رغم ندرة ما يقدمه وفي القطاع الخاص لايوجد سوي ثلاثة مسارح محترمة هي مسارح محمد صبحي وعادل إمام وكلاهما متوقف حاليا، والأخير جلال الشرقاوي الذي يقدم مسرحية حاليا ولكن مازال يغيب عن البعض أن المسرح هو مرآة المجتمع ومهمته تنويرية أو حضارية وإذا أردت معرفة ثقافة شعب فانظر إلي مسرحه. بحكم رئاستك لمجس أمناء إدارة القومي أصبحت تواجهين تحديات لإعادة الجمهور للمسرح ماردك؟ - منذ أن توليت مسئوليتي الجديدة حملت علي عاتقي مسئولية إعادة أمجاد المسرح القومي من جديد خاصة أنني سبق وتوليت مسئولية المسرح دورتين سابقتين وأصبح مايشغل بالي الآن هو كيفية إعادة الجمهور للمسرح مرة أخري وذلك من خلال تقديم أعمال جيدة لها عمقها الفكري والثقافي - وتحاكي نبض ومشاعر الناس والمجتمع ومشاكله وأتمني توفير الدعاية والتسويق لترويج العروض في الجامعات وحتي في المصانع حتي يستطيع الشباب والعمال رؤية المسرح الجيد ولأن هذا يحتاج لتكاليف باهظة نحتاج لمساندة الدولة لمسرحها.. وحتي الآن لم أشرع في تنفيذ خطواتي نظرا لوجود طلبات أمنية - بخلاف أننا لم نتسلم المسرح القومي من مرحلة انتهاء تجديداته حتي الآن ولكني مستعدة لإعادة عرض مسرحية ألف ليلة وليلة وسيلعب بطولتها النجم الكبير يحيي الفخراني.. وسيتم عرضها في الجزء الثاني من رمضان. علي أي أساس عينت مرتين مديرة للقومي وماسر إقالتك منه؟ - عينت مرتين كمديرة للمسرح القومي ومرة للمسرح الحديث وهذا لم يأت من فراغ وإنما كنت دائما أنتخب للمكتب الفني بالمسرح القومي لثقة زملائي بي ولجوئهم لي لحل أي مشكلة تصادفهم وكانوا يقولون علي شخصية «دوغري» لا تمتلك سوي وجه واحد في التعامل وقبل تعييني كمديرة بالقومي عينت مشرفة علي إحدي الشعب داخله لمدة عام.. وأخرجت مسرحية (مقالب عطيات) بنجاح ووقتها أسند المخرج نبيل الألفي رئيس البيت الفني للمسرح وقتها منصب مديرة المسرح القومي بالإنابة أثناء سفره للسودان لمهمة عمل وعندما عاد تم تعييني رسميا مديرة للمسرح في عهد وزير الثقافة يوسف السباعي وبعدها نشب خلاف بيني وبين وزير الثقافة التالي عبد الحميد رضوان، فأقالني من منصبي كمديرة للمسرح القومي بسبب عدم حضور المطرب علي الحجار بطل مسرحية (مجنون ليلي)..حيث وشي البعض إلي الوزير بأنني عملت له مقلبا فجاء قرار إقالتي. وماذنبي كمديرة للمسرح في أن أحد الفنانين لم يأت للعمل بالمسرحية. متي تعودين للمسرح؟ المسرح عشقي وحياتي ويتملكني علي خشبته شعور جميل لأنه واجهة المجتمع.. ومازلت في انتظار نص جيد أستطيع أن أقف به علي خشبة المسرح مرة أخري. ولماذا لا تقدمين اللون الكوميدي؟ قدمت الكوميديا رغم أن البعض قد يتصور أن ملامحي لا تناسبها.. وكان ذلك في مسرحية مقالب والحيطان لها ودان ومسلسل زكية هانم.. ولكن غياب النص الكوميدي سبب في عدم تكرار التجربة. هل تختارين أدوارك بعقلك أم الإنسانة سميحة أيوب تتدخل في اختياراتك؟ أنا كفنانة غير منفصلة عن آدميتي عندما أقوم باختيار أدواري في الأعمال الفنية.. فحينما أقدم دورا ما.. دائما ما يكون السبب وراء الاختيار أنني تأثرت به إنسانيا. أوتوجراف أحب الأدوار إلي قلبك ماذا تكتبين فيه؟ أعشق الأدوار المركبة لأنها تحتاج إلي جهد وإمكانات أكثر هذا بخلاف أن الأدوار المركبة هي السمة الغالبة لطبيعة الإنسان.. فليس هناك إنسان شرير دائما.. ولا إنسان خير بشكل دائم.. أما بخصوص تنوع الشخصيات فهذا مرجعه الطموح في أن أتفوق علي نفسي في تقمص الشخصيات.. وأعتقد أن كل عمل قدمته كان تجسيدا معينا لأحد نماذج المجتمع سواء في دور دكتورة في اقتصاديات الدول النامية في مسلسل الحصان والشخصية الشريرة ورابحة الطيبة التي تتولي حل المشاكل في مسلسل سالمة ياسلامة وقدمت الصعيدية أيضا في مسلسلات موعد مع القدر وميم تربيع وعباسية واحد ودور الجنية «شعل» في حلقات ألف ليلة.. وقدمت دور «دوسة الغازية» في مسلسل السبنسة.. والفلاحة في مسلسل عدل الأيام.. ودور روز المسيحية التي تقع في حب دبلوماسي مسلم في مسلسل أوان الورد.. والمرأة القاسية في تربية ابنها في مسلسل ذو النون المصري.. وقدمت أيضا دور تاجرة المخدرات.. وصاحبة أوتيل في منطقة نائية لا تغادر كرسيها المتحرك في مسلسل اللعبة.. والخلاصة أنني بداخلي فنانة قادرة علي التنوع وتقديم كل الأدوار بروح الإبداع والتحدي. وما أدواتك الفنية لتقديم أدوارك؟ أرشيفي الخاص منذ لحظة دراستي بمعهد التمثيل وطرق أداء أي شخصية والبحث في أعماقها ومدي تخيلي وثقافتي الفنية وتجاربي الشخصية تساعدني دائما علي هضم أي دور أقدمه. وما حكايتك كأول سيدة في مصر والعالم العربي تخرج للمسرح؟ هذه القصة يرجع توقيتها لشهر يونيه عام 1972 حيث زاد ولعي بالإقدام علي تجربة الإخراج وكنت أول سيدة في ذات الوقت في مصر والعالم العربي تخرج للمسرح في مسرحية لعبت أيضا بطولتها أمام الراحل عبدالمنعم إبراهيم باسم «مقالب عطيات» وأخري بعنوان ليلة الحنة.. وأيضا قمت بالإخراج بعرض «الخرساء» وهو عرض إنساني يتحدث عن الضغوط التي يتعرض لها الإنسان نفسيا واقتصاديا.. وبصراحة كنت واثقة من نجاحي كمخرجة.. ما مدي صحة أن مبلغ ستة جنيهات سبب دخولك التمثيل؟ تبتسم سيدة المسرح العربي وتقول بخفة ظل كان عمري 14عاما.. وكنت عاشقة للفن منذ الصغر.. ووقتها قرأت أن هناك معهدا للفنون المسرحية افتتح حديثا وأنه سوف يقدم لطلابه ستة جنيهات شهريا تشجيعا لإقبالهم.. وأعجبتني الفكرة للحصول علي ستة جنيهات.. وحاولت الذهاب لكن والدي وقف في طريقي.. رغم أن الستة جنيهات كانت بمثابة مصاريف تقضي احتياجات أسرة كاملة في ذات الوقت ولكن الفكرة ظلت تراودني حتي التحقت رسميا فيما بعد بمعهد الفنون المسرحية. وما هو جديدك علي الساحة؟ - أمامي أكثر من سيناريو سأحدد موقفي بعد قراءتها بعد شهر رمضان وأقوم بتصوير دوري في فيلم الليلة الكبيرة مع سمية الخشاب وأحمد بدير وعمرو عبد الجليل وصفية العمري ومحمود الجندي ووفاء عامر وأحمد صيام تأليف أحمد عبد الله وإخراج سامح عبد العزيز.