د. حسن منصور الهيئة لن تري النور إلا بتوافر الإرادة السياسية فجر الدكتور حسين منصور رئيس وحدة إنشاء الهيئة القومية لسلامة الغذاء بوزارة الصناعة مفاجأة بتأكيده في حواره ل"آخر ساعة "أن 80٪ من الغذاء المصري، ليس لدينا معلومات عنه - وبالتالي لانعرف إذا كان ملوثا أم لا نظرا لفساد القوانين التي تنظم عملية مراقبة الغذاء وتعدد جهات الرقابة. وأضاف أن السبيل الوحيد للتأكد من سلامة الغذاء هو إنشاء جهاز موحد يراقب الغذاء وإعداد قانون موحد وهذا لن يتحقق إلا بتوافر إرادة سياسية لإنشاء الهيئة القومية لسلامة الغذاء. ما نسبة الغذاء الملوث الذي يأكله المصريون؟ - لا يستطيع أحد أن يحدد نسبة الغذاء الملوث الذي يأكله المصريون،80٪ من الغذاء غير مراقب - ليس لدينا معلومات عنه- وبالتالي لانعرف إذا كان ملوثا أم لا، حيث لا توجد لدينا قاعدة بيانات للملوثات المختلفة وفي أي مرحلة تصيب الغذاء علي الرغم من ادعاء بعض الجهات أنها تقوم بفحص 500 ألف عينة في السنة، لا نعرف نتائج فحص هذه العينات وهل أجريت وفقا للتوزيع الجغرافي بمعني هل تم تحديد الأغذية الأكثر خطورة مثلا في سيناء أو القاهرة أو أسوان، فمثلا كثر الحديث في وقت من الأوقات عن تلوث الأغذية بالألفا توكسين فنحن لا نعلم هل هو موجود في الأرض أم في الأسمدة أو في التخزين وما هو المنتج الأكثر تأثرا. أما ال20٪ المراقب من الغذاء بمعني أن المنشأة التي تنتج الغذاء مسجلة لا تراعي فيها معايير سلامة الغذاء.. مازالنا نذبح الحيوانات علي الأرض والجزار يعلق الحيوانات في الشارع ولا يوجد في المجازر ماء ساخن أو تعقيم ، وفي المزارع لا يتم التخلص من روث الدواجن بطريقة آمنة لأنه من الممكن أن ينقل فيروس أنفلونزا الطيور من مكان لمكان،هناك500 ألف مخالفة غذائية تم ضبطها لا نعرف ما مصيرها.. أين قائمة أسماء المخالفين ولماذا لا تعلن طالما هناك جهات محترفة تقوم بمراقبة الغذاء؟ أين حق المستهلك في معرفة الأماكن التي تقدم غذاء ملوثا؟. ماهي الجهات التي تقوم بمراقبة الغذاء؟ - إدارة سلامة الغذاء في وزارة الصحة ووزارة التموين وهيئة الخدمات البيطرية مسئولة عن تداول اللحوم ووزارة الإسكان أصدرت قانونا للمياه ينص علي منع ري المحاصيل التي يتم تناولها نيئة بمياه المجاري.. القانون لم يحدد عقوبة من يخالفه ومنذ صدور القانون لم يقبض علي أحد بتهمة مخالفته. هل تعدد جهات الرقابة ساعد في زيادة تلوث الغذاء؟ - هذا سبب أساسي في تلوث الغذاء بالإضافة إلي فساد منظومة مراقبة الغذاء نفسها فكل الجهات تبحث عن الشهادات الصحية التي ليس لها قيمة، الشهادة تعني أنك لا تحمل أمراضا يمكن أن تنقل عن طريق الغذاء وصلاحيتها لمدة سنتين فهذا غير منطقي، فمن الممكن أن تصاب بمرض فور خروجك مباشرة من الغرفة التي حصلت فيها علي الشهادة ،الشهادة تضم أمراضا غير موجودة بالأساس مثل الدفتيريا A، E وأمراضاً منتشرة غير موجودة بها مثل فيروس. الحل هو توحيد الجهة المشرفة علي سلامة الغذاء، هذا ليس اختراعا بدلا من تفريق دمه بين الوزارات فعندما يأتي قمح ملوث من الخارج جهة تقول إنه ملوث وجهة تقول غير ذلك فلا نعرف من منهما علي صواب، دولة واحدة في العالم تتعدد فيها الجهات التي تراقب الغذاء وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية هناك أربع جهات هي التي تراقب الغذاء، وهي في طريقهاFAD ، AFEC ، FSIS ABA لتوحيد الجهة التي تراقب الغذاء أما باقي الدول كدول الاتحاد الأوروبي وأستراليا وأبو ظبي والمغرب لديها جهاز واحد لمراقبة الغذاء. ماذا عن القوانين التي تتعلق بتلوث الغذاء؟ - كل القوانين التي تحكم منظومة الغذاء صدرت منذ ما يزيد علي 60 سنة وبعضها منذ 100 سنة، قانون تداول الغذاء صدر عام 1966 قانون الزراعة صدر 1966، قانون تداول اللبن صدر عام 1950، قانون الغش صدر عام 1941، قانون إنشاء المجازر 1893، المادة الأولي من قانون الغذاء بها 4 أخطاء، قانون الغش لو طبقته ستغلق كل مصانع الألبان والجبن لأنه ينص علي أن نزع أي مادة ووضع مادة أخري محلها يعتبر غشا معني ذلك أن الجبنة البيضاء مغشوشة لأنها تصنع من زيوت نباتية. ❊ هل مفهوم الغش لم يتغير؟ قانون 10 لسنة 1966 لم يغير منذ صدوره ففي مادته الأولي تعريف تداول الغذاء جاء خطأ حيث يقول إن التدوال يبدأ من مرحلة التصنيع مع أن التلوث الحقيقي يبدأ أثناء الزراعة هناك تلوث ممكن أن تعالجه بالغليان إذا كان تلوثاً مكروبياً أما التلوث الكيماوي ومتبقيات المبيدات فلن يعالج فإذا شرب الحيوان ماء ملوثة من ترعة انتقل التلوث إلي اللبن وليس هناك أي طريق لمعالجته. بالإضافة إلي أن معظم القوانين غير محددة الصلاحية فيقول علي الجهات المعنية تنفيذ الأمر أوعلي وزير الزراعة العدل الداخلية التموين الصحة والصناعة تنفيذ ماجاء في القانون كل في اختصاصه والأخطر من هذا أن القانون أعطي نفس الاختصاص لأكثر من جهة فمثلا هيئة المواصفات والجودة أنشئت بقانون تضع مواصفات لكل شئ ووزارة الصحة تضع المواصفات ل 8 منتجات و وزير الزراعة يضع مواصفات بعض المنتجات لذا فهناك تضارب في المواصفات التي من المفترض أن تفحصها المعامل وفقا لها. ماذا عن دور المعامل في كشف فساد الأغذية؟ - المعمل لابد ان تكون له مواصفات أولها ان يكون معتمداً، قمنا بعمل دارسة علي 100 معمل وجدنا 15 معملاً فقط لديها اعتماد في بعض التخصصات، المعامل تدر دخلا كبيرا تذهب هذه الأموال للموازنة العامة وجزء يذهب للصناديق الخاصة لابد أن تعلن حقيقة دخول هذه المعامل. هناك نوعان من المنتجات مستوردة ومحلية، المنتجات المحلية تفحصها معامل وزارة الصحة علي حساب الدولة والمستوردة تفحصها معامل وزارات مختلفة، المستورد يدفع تكلفة التحاليل، ففي قضية مصنع اللانشون قيل إنه أخد 125عينة تم فحصها فوجدوا أن العينة غير مطابقة ، تطبيق المواصفات علي العينة الواحدة يتكلف 5 آلاف جنيه هذا معناه أننا نحتاج إلي 500 ألف جنيه وتكاليف فحص العينات في مصر طوال العام من 2 إلي 3 ملايين جنيه لا يمكن لأي أحد يذكر أنه يكتب أن العينة مطابقة للمواصفات بسبب بند واحد فقط هو أن اللانشون صنع من لحوم ثبت أنها لم تتعامل بالهرمونات. عندما نطالب بإنشاء هيئة لسلامة الغذاء فقانون إنشائها ينص علي عدم إنشائها لمعامل حتي يكون قرار المعمل مستقلا، قانون إنشاء الهيئة ينص علي أن يكون اعتماد المعامل من جهة لا تحددها الهيئة حتي تضمن الحيادية، المسافة بين فحص الغذاء والرقابة عليه هي نفس المسافة بين النيابة والشرطة. ما حجم الأغذية الملوثة التي تدخل مصر ؟ - الأغذية التي يتم استيرادها أقل تلوثا من الأغذية المصرية ولكن التعامل مع الأطعمة المستوردة مثل اللحمة هو الذي يلوثها فمثلا عندما تكون اللحمة مجمدة وتتركها في الهواء لتفك هذا يلوثها. متي بدأ الإعداد لإنشاء هيئة سلامة الغذاء؟ - أثناء عملي كوزير زراعي مفوض لدي الولاياتالمتحدةالأمريكية أتيح لي أن أدرس منظومة الإنتاج الغذائي في مصر من منطلق عالمي ومقارنته بدول العالم فوجدت خللا كبيرا فقمت بعمل نظام بديل أرسلته للوزارات المعنية علي مدار أربع سنوات منذ عام 2003 الي 2007 سنويا لكن المشروع لم يكن من أولويات الوزارت المتعاقبة إلي أن استجابت وزارة الصناعة في عام 2007وأنشأت وحدة إنشاء هيئة سلامة الغذاء وكان من المقرر الانتهاء من إنشاء الهيئة في عام 2009 لكن توقفت وفي عام2011 حصل المشروع علي موافقة مجلس الوزراء ،وفي فترة المجلس العسكري لم يعترض علي المشروع لكن لم ينفذه وكذلك مجلس الشعب و مجلس الشوري وافق من حيث المبدأ، فعندما تتوافر الإرادة السياسية سيري المشروع النور وهذا ما توافر في 6 دول عربية، فإذا أصدر رئيس الجمهورية قرارا بإنشاء الهيئة ستبدأ في العمل فورا لأن كل الدراسات اللازمة للمشروع تم الانتهاء منها . حدثني أكثر عن دور هيئة سلامة الغذاء؟ - الهيئة لها قانون إنشاء يحدد وظيفتها وأهدافها وتركيبها، الهيئة ستكون موحدة ومستقلة ويضم مجلس الأمناء 7 وزراء يرأسهم رئيس الوزراء، لا يوجد أي هيئة أخري بها هذه الضمانات ستقوم الهيئة بإعداد قانون موحد للغذاء أهم مبادئه الشفافية بمعناها الكامل أي سيتم إبلاغ المنتفعين والمتضررين من القانون قبل إصداره بمدة كافية ويحق لهم التعليق العلمي عليه ومن الممكن تغييره قبل صدوره، قانون الغذاء هو الوحيد الذي ينص علي أنه لن يتم إصدار أي قرار يخص الغذاء قبل إطلاع الناس عليه، تأثير الهيئة سيظهر في بعض القطاعات خلال سنة والقطاعات الأخري خمس سنوات، وسوف نبدأ بالقطاعات الكبيرة عالية المخاطر التي لها تأثير كبير علي صحة المواطنين مثل الألبان واللحوم. لأول مرة في القانون يضع جزاء علي من يخطئ من الجهات الرسمية، فنحن في مصر نفترض دائما أن ممثل الحكومة لا يخطئ كل هذا يجعل هذا القانون غير مرحب به، الشيء المحزن أن آثار سوء الغذاء يدفعها الجميع سواء المعارضين والمؤيدين الغني والفقير المسئول وغير المسئول، انتشار الأمراض الخطيرة مثل الفشل الكبدي والكلوي والسرطانات تلوث الغذاء أحد أسبابها الرئيسية، سلامة الغذاء ليست نوعا من الرفاهية، تستحضرني قصة سيدة ابنها أصيب بفشل كلوي تبرعت له بكليتها وبعد فترة قصيرة مات، أصيبت بعد ذلك ابنتها بفشل كلوي السؤال الآن ما هو أصل المشكلة؟ لماذا ارتفعت نسبة الإصابة بالفشل الكلوي وكم ندفع لمعالجته، سلامة الغذاء لن تكلف الدولة شيئا.. تكاليف تلوث الغذاء أكبر بكثير جزء من تلوث الغذاء الهادر من الغذاء نتيجة تلوثه. ما الأسباب التي أعاقت إنشاء الهيئة؟ - إبان حكومة نظيف توقف المشروع بسبب خلافات شخصية بين عدد من الوزراء كانوا يتصارعون علي مناصب أكبر، حيث كان هناك الكثير من الجهات الرسمية التي كانت تظن أنها تستطيع أن تدير منظومة الغذاء بمفردها، وفي فترة حكم الإخوان ظهرت المطالب الفئوية فالبيطريون كانوا يريدون أن ينفردوا بمراقبة الغذاء وتناسوا أن مراقبة الغذاء أمر معقد جدا يشترك فيه الزراعيون والبيطريون والأطباء البشريون والصيادلة والمهندسون فيما يخص التغليف والمواد التي تصنع وتلامس الغذاء. أطمئنك أن مشروع إنشاء الهيئة ومشروع قانون الغذاء منزهة عن أي أهواء لذا فهو معطل لكني متأكد أنه سيري النور لأن سلامة الغذاء تمس صلب حقوق المستهلك الأساسية، لذا أطالب لجنة الخمسين بأن تكتب في الدستور: تلتزم الدولة بسلامة وأمن الغذاء كحق من حقوق المواطن.