عمرو موسى رئيس اللجنة أكملت يوم الجمعة الماضي 8 نوفمبر، لجنة الخمسين المكلفة بتعديل الدستور المصري، مدة ال60 يوما، التي حددها الإعلان الدستوري، الصادر عقب أحداث ثورة 30 يونيو الماضي، للانتهاء من أعمالها، وإعداد الدستور الجديد للبلاد. مرت ال60 يوماً دون أن تنتهي اللجنة من عملها، وهو ما فتح الباب لإثارة الجدل حول قانونية استمرارها في إعداد الدستور بعد تجاوزها المدة المقررة في المادة 29 من الإعلان الدستوري، الذي أصدره الرئيس المؤقت، المستشار عدلي منصور، فور تسلمه السلطة عقب الإطاحة بالرئيس المعزول، محمد مرسي. سريعاً، حاصرت الدعاوي القضائية لجنة الخمسين فأقيمت أمام محكمة القضاء الإداري 9 دعاوي، تطالب جميعها ببطلان لجنة الخمسين لتجاوزها المدة القانونية المحددة لها. وحذر الخبراء القانونيون من بطلان الدستور المصري الجديد، بسبب انتهاء الموعد المحدد للجنة الخمسين، مؤكدين أنه كان من المفترض أن تنتهي اللجنة من عملها بحلول يوم الثامن من نوفمبر، طبقاً للإعلان الدستوري. وأشار الخبراء، إلي أنه في حال انتهاء المدة المحددة سلفاً يصبح ما يصدر عن لجنة الخمسين باطلاً، وطالب بعضهم بصدور إعلان دستوري جديد أو قرار جمهوري بمد فترة عمل اللجنة، تخوفاً من بطلان أعمالها. أعضاء اللجنة، أكدوا أن موقف اللجنة قانوني، وأنه لا توجد حاجة لإصدار إعلان دستوري جديد، وأنه في حالة صدور حكم قضائي ببطلان اللجنة تقوم بتنفيذه، ويعاد تشكيل لجنة جديدة. وأكد المتحدث الرسمي باسم لجنة الخمسين المكلفة بتعديل الدستور، محمد سلماوي، إن عمل لجنة الخمسين لا يتعارض مع الإعلان الدستوري، وأن عمل اللجنة حتي نهاية الشهر الجاري قانوني، ورداً علي وجود مخاوف من بطلان لجنة الخمسين، بسبب انتهاء موعدها الأصلي، وأوضح أن اللجنة لا يمكن أن تخالف القرار الجمهوري، وأنها منذ البداية، أكدت أن مدتها 60 يوم عمل بدون إجازات. وضع قانوني وأوضح سلماوي، أنه طبقاً لما نشر في الجريدة الرسمية، فإن مدة عمل اللجنة 60 يوم عمل، وليس مدة شهرين، وأن اللجنة التزمت بهذه اللائحة، مشدداً علي أن اللجنة ستنتهي من عملها في 3 ديسمبر المقبل، مؤكداً أنه ليس هناك أي مشكلة فيما يتعلق بمدة عمل اللجنة. وأكد المتحدث الرسمي باسم لجنة الخمسين، الرغبة القوية من قبل الأعضاء بعدم مد عمل اللجنة، وعدم طلب فترة جديدة، قائلاً: "إن مصر في صراع مع الزمن وتحاول إقامة نظام ديمقراطي منتخب وشرعي جديد، وباتجاه مستقبل أفضل"، مضيفاً أن كل يوم إضافي هو يوم مخصوم من وصول مصر إلي الاستقرار والمستقبل الذي تتطلع له منذ يناير 2011. ورداً علي تصريحات محمد سلماوي، أكد أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، الدكتور رأفت فودة، أن هذه التصريحات لا سند لها في القانون والدستور، وأنه لا اختصاص للجنة فيما يتعلق بالمدة، وكيفية حسابها، وأوضح أنه طبقاً لقانون مجلس الدولة في احتساب المدة لا تدخل الإجازات الواردة داخل المدة، ولكن يؤخذ في الحسبان الإجازات الرسمية فإذا كان آخر يوم في المدة إجازة رسمية يتم احتسابه ومواصلة العمل بعد الإجازة، أما اذا كانت في منتصف المدة فإنها لا تحتسب. وشدد فودة، علي أن المادة 29 من الإعلان الدستوي تحسب منذ تسلم مشروع لجنة العشرة من رئيس الجمهورية، وأن مدة الشهرين التي حددها الإعلان للانتهاء من إجراء التعديلات تبدأ من اليوم التالي مباشرة، لافتاً إلي أن النص الوارد في الإعلان الدستوري ينص علي أنه: "يتعين علي اللجنة التسليم خلال شهرين علي أن تكون مناقشته من ناحية الجمهور ضمن الشهرين". وأشار فودة، إلي أن السبب الرئيسي الذي يهدد ببطلان عمل لجنة الخمسين، هو أن المشرع حدد اختصاص عملها بشهرين، وعقب انتهاء المدة تكون غير مختصة، ويصبح عملها باطلاً. واتفق معه في الرأي، أستاذ القانون الدستوري، الدكتور جمال جبريل، مؤكداً أن الدعاوي المرفوعة أمام القضاء الإداري، والتي تطالب بالحكم ببطلان لجنة الدستور لتجاوزها مدة العمل القانونية لها، جاءت في محلها القانوني، لأن الإعلان الدستوري لم يقل في تحديده لمدة عمل لجنة الخمسين عبارة (شهرين عمل)، بما يعني أن المقصود (شهرين زمنيين)، أي أن المدة انتهت قانوناً يوم 8 نوفمبر، لأن المواعيد التي يضعها الإعلان الدستوري إلزامية وليست تنظيمية. أضاف، ورغم كل ذلك يتوقع أن يحكم القضاء الإداري بعدم الاختصاص في النظر بالدعوي المقدمة لبطلان لجنة الخمسين؛ لأن المحكمة الإدارية العليا مختصة بقضايا القانون وليس قضايا الدستور. المتربصون ينتظرون من جانبه، أكد الفقيه القانوني، بهاء أبوشقة، أن الإعلان الدستوري حدد 60 يوماً للجنة التعديلات وصياغة المواد القانونية لدستور 2013، وتجاوز هذه المدة من الممكن أن يؤدي للتشكيك في هذا الدستور, ورفع دعاوي قضائية ببطلانه، مشيراً إلي أن تجاوز الخلافات داخل لجنة التعديلات أمر ضروري، إذ يجب أن تكون هناك مرونة بين الأعضاء داخل اللجنة لصياغة دستور يعبر عن المصلحة العامة للبلاد في أسرع وقت لتفويت الفرصة علي محاولات التشكيك في عمل اللجنة، وإصدار حكم قضائي ببطلان عملها. وأيده في الرأي، الخبير القانوني، الدكتور شوقي السيد، محذراً من وجود المتربصين الذين ينتظرون حدوث أي خطأ للطعن في الدستور الجديد والدفع ببطلانه، داعياً لضرورة إيجاد مخرج قانوني لمواجهة تأخر لجنة الخمسين عن المدة المقررة للانتهاء من التعديلات الدستورية. وعبر السيد، عن استيائه لاستمرار عمل لجنة الخمسين بعد الفترة التي حددها الإعلان الدستوري، ومرور ال60 يوماً دون أن تنتهي من إقرار التعديلات الدستورية، مشيراً إلي أنه كان من الضروري أن تراعي اللجنة المادة 29 من الإعلان الدستوري، والتي حددت لها الفترة التي تنتهي فيها من إعداد التعديلات الدستورية, مؤكداً أن استمرار عمل اللجنة قد يعرضها للبطلان، كما أن استمرار عمل اللجنة يشير لتراخيها في عدم مراعاتها للمواعيد المحددة، مطالباً لجنة الخمسين بالانتهاء من عملها فوراً, وإعلان المسودة النهائية للتعديلات الدستورية, محذراً اللجنة من الاستمرار في التباطؤ. وحول إمكانية تحصين اللجنة، بإعلان دستوري جديد، أوضح أن الرئيس يمتلك سلطات تتيح له إمكانية تحصين اللجنة، ولكن لا حصانة لأحد فمصر دولة قانون، ولا حصانة لأحد فيها ولا حصانة لأي قرارات خاطئة، فما قضي علي المعزول، محمد مرسي، كان الإعلان الدستوري الذي أصدره في نوفمبر الماضي. موعد تنظيمي وطالب المستشار نورالدين علي، عضو الجمعية التأسيسية السابقة التي أعدت دستور 2012، بضرورة احترام الإعلان الدستوري، الذي حدد مدة عمل لجنة الخمسين ب60 يوماً علي الأكثر، مشيراً إلي أن الإعلان نص علي أنه: "يجب أن تنتهي اللجنة من عملها خلال 60 يوماً، ولم يقل إن مدة عمل اللجنة 60 يوماً"، وشدد أنه في حالة تجاوز اللجنة هذا الميعاد يعد عملها باطلاً، لأنها خرجت عن مضمون نص المادة التي حددت عملها، وهذا ما يطلق عليه في قانون المرافعات الميعاد الناقص الذي يجب أن يتخذ الإجراء خلاله. ولفت نورالدين، إلي أن حل الأزمة هو اعتبار الموعد تنظيمياً، وبالتالي لا يوجد أي جزاء يترتب علي مخالفة نص الإعلان الدستوري في هذه الآونة، ثم يتم صدور إعلان دستوري جديد، يمدد مدة عمل اللجنة شهراً آخر. بينما توقع الدكتور عبد الله المغازي، أستاذ القانون الدستوري، والبرلماني السابق، أن يصدر حكم من القضاء الإداري ببطلان لجنة الخمسين لتجاوزها مدة عملها القانونية المحددة بالمادة 29 من الإعلان الدستوري، والتي تنص علي أنه يتعين علي اللجنة أن تنتهي من عملها خلال 60 يوماً علي الأكثر. وقال المغازي: "المشرع هنا يعني ألا تتجاوز المدة 60 يوماً، وإلا قال (علي الأقل)، وترك تحديد تلك الأيام للجنة مخالف للإعلان الدستوري لأن تلك المواعيد ملزمة وليست تنظيمية". رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، أكد أنه كان يتوقع أن ينتهي الوقت المخصص لإعداد الدستور (ال60 يوماً)، دون تقديم منتج حقيقي، لأنها لجنة محدودة الكفاءات، وليس بها إلا بعض الأسماء اللامعة ممن لا يملكون خبرات تشريعية أو دستورية، مؤكداً أن لجنة الخمسين تضع الوطن في مهب الريح، ولافتاً إلي أن أعضاء لجنة الخمسين كان لابد أن يكونوا متفرغين لهذه المهمة الجليلة، وهي إعداد الدستور، فكل أعمال اللجنة مهددة بالبطلان، وحذر من أن تجاوز لجنة الخمسين لمدة ال60 يوماً المخصصة لإعداد الدستور، يعني أن خارطة المستقبل ستتأجل أيضاً.