أنباء متواترة نطالعها هذه الأيام ونحن لا نكاد نصدق أعيننا، فهى تتحدث عن زيارات خاصة شبه علنية وغير معلوم أهدافها، يقوم بها مسؤولون كبار فى أجهزة أمن واستخبارات دول بعينها (تحديدا قطر والإمارات، وتركيا أحيانا) ليس إلى نظرائهم فى أجهزة الدولة المصرية الرسمية، وإنما إلى قادة ومسؤولين فى دولة «المقطم» الموازية حيث مركز «جماعة الشر»!! هذه الأنباء المفزعة لو صحت، فإن الوضع الذى تُسحب البلاد إليه حاليا بالعافية والتآمر والتزوير، لن يكون خطيرا فحسب، ولكن سيضحى كارثيا بامتياز ومنذرا بشؤم عظيم وشر مستطير، فتلك «الجماعة» التى أبقت نفسها عمدا متمتعة بميزات وامتيازات العيش فى مغارة السرية المظلمة بعدما أسقطت الثورة عنها الحظر، واختارت أن تظل شاردة منفلتة من كل النظم والقوانين السارية على المصريين أجمعين، تشى أخبار من هذا النوع أنها لا تكتفى على ما يبدو بمحاولة اختطاف الدولة والمجتمع معا والسعى إلى تفكيكهما وإعادة تركيبهما وهندستهما على مقاس أشد الأفكار توحشا وتخلفا وظلاما، وإنما تتحسب لاحتمال فشل هذه المحاولات والمساعى الإجرامية (وهى مستحيلة فعلا وستفشل حتما) بالشروع فى بناء مؤسسات «دولة أمنية». لا أقول موازية لمؤسسات الدولة الرسمية الأصلية، بل منافسة أو متصارعة معها على أمل أن تتضعضع هذه الأخيرة وتنهزم أمام نظام قمعى «قطاع خاص» يعربد فى البلد براحته ويتولى مهمة إرهاب المعارضين للست الجماعة والتنكيل بهم، وربما تعذيبهم أو تصفيتهم بدنيا على النحو الذى رأينا «بروفة» وعينة منه يوم مجزرة قصر الاتحادية!! يقول الزميل محمد حمدى فى تقرير خبرى مذهل وخطير نشرته «التحرير» أول من أمس، إن «مصادر أمنية» أبلغته خبر «وصول رئيس المخابرات الحربية القطرى أحمد بن ناصر بن جاسم إلى القاهرة (يوم الأربعاء الماضى) على متن طائرة خاصة، فى زيارة سرية لم يعلن عنها من قبل»، وطبقا لهذه المصادر فإن الرجل المذكور «لن يلتقى نظيره مدير المخابرات الحربية المصرية» الذى لم يُبلغ ولا عرف أصلا بالزيارة، وإنما سيلتقى هذا الغريب الآتى من الدوحة زملاءه فى جماعة «الإخوان المسلمين» فقط!! ويمضى تقرير الزميل حمدى -نقلا عن مصادره- توقعات بأن تكون زيارة المسؤول الأمنى القطرى «لها علاقة بملفين، الأول الزيارة غير المعلنة لقائد فيلق القدس الإيرانى قاسم عباسى إلى مصر قبل أيام، حيث اجتمع بقادة الإخوان لبحث الاستفادة من الخبرة الإيرانية فى قمع المظاهرات و(كيفية) إنشاء جهاز أمنى (إخوانى) مستقل، والملف الثانى هو الوساطة القطرية بين الجماعة ودولة الإمارات (لحل) مشكلة الخلية الإخوانية» التى ألقت سلطات أبو ظبى القبض على أعضائها مؤخرا!! أكتب هذه السطور بعد ظهر الجمعة ولا شىء سمعناه يدعو للشك فى صحة ما كتبه الزميل فى تقريره، فقد لاذ المعنيون بالأمر بخرس تام وصمت جميل فلا نفوا ولا أكدوا، ولكنهم تركونا للمنطق البليغ الراقد فى عبارة مشهورة يقول بها الأصوليون «إن الصمت فى مجال الكلام إقرار» واعتراف صريح.. وما أقصدهم ب«المعنيين» ليس بالطبع قادة «جماعة الشر»، فهؤلاء خرسهم متوقع وصمتهم مفهوم، أما المحزن وغير المفهوم حقا فهو اكتفاء موظفى الدولة المصرية الكبار بمص الشفايف وإبداء علامات الحسرة «الفرجة» بينما هم قاعدون مرتاحون على مقاعد مناصبهم الفخمة يتفرجون على جريمة وطنية بهذا الحجم المهول وغير المسبوق!! يا أيها السادة الأفاضل، أنتم لستم خدما يعمل فى بيت أهل «جماعة الشر»، أنتم مسؤولون فى دولة الشعب المصرى وواجبكم حمايته، أو على الأقل مصارحته علنا بحقيقة ما يُحاك له من «جماعة مجنونة» تتوهم أن هذا البلد مجرد «خرابة» مالهاش صاحب.. قولوا للشعب وهوه حيتصرف وسيدافع عنكم وعن نفسه ما دمتم عاجزين.