يبدو أن لعنة شهر ديسمبر ستظل تطارد المسئولين إلى أمدٍ بعيد؛ فقد شهدنا الأيام الماضية موسماً منتعشاً للاستقالات، بعضها كان متوقعاً، بينما البعض الآخر بشكل مفاجئ، وكأن الجميع تدارك الموقف الراهن فجأة، وقرر الهروب من سفينة «الرئيس مرسى»، قبل أن ينقضى العام الذى شهد الكثير من الأحداث الساخنة. استقالة الدكتور محمد محسوب، وزير الدولة للشئون القانونية والنيابية، كانت آخر الاستقالات، وليست الأخيرة؛ حيث أعلن أن السياسات والأداء الحكومى الحالى لا تتناسب مع قناعاته الشخصية، وذلك بعد يوم واحد من استقالة وزير الاتصالات المهندس هانى محمود، بسبب ما وصفه من «عدم القدرة على التأقلم مع ثقافة العمل الحكومى»، وهو ما يشبه أيضاً السبب الذى دفع نائب الرئيس، المستشار محمود مكى، للاستقالة؛ حيث أوضح أن «طبيعة العمل السياسى لا تناسب تكوينه المهنى كقاض»، الأمر الذى اعتبره البعض مؤشراً خطيراً؛ لأن مكى كان أحد أشد المؤيدين لسياسة «مرسى»، واستقالته تعنى أنه غير راض عن هذه السياسة. «مكى» لم يكن النائب الوحيد للرئيس الذى تقدم باستقالته، فقد سبقه 5 مستشارين، اعتراضاً على أحداث «الاتحادية»، كان آخرهم الدكتور سيف عبدالفتاح، أستاذ العلوم السياسية، وهو يبكى على الهواء. حتى مجلس الشورى لم يسلم من الاستقالات؛ ففى اليوم الأول من تشكيله، تقدمت «نادية هنرى»، ممثلة الكنيسة الإنجيلية، باستقالتها، اعتراضاً على أغلبية التعيينات التى تنتمى للتيار الدينى. على المستوى الحزبى، تصدر حزب «النور» المشهد السياسى، بسبب تقدم 150 قياديا من قيادات الحزب بالاستقالات، على رأسهم رئيس الحزب الدكتور عماد عبدالغفور، والدكتور يسرى حماد، المتحدث الرسمى باسم الحزب، أرجعها البعض إلى أنها تعد استعدادا للانتخابات البرلمانية المقبلة. إدارة مكتب الإرشاد لشئون البلاد وراء موجة الاستقالات التى شهدتها مؤسسة الرئاسة والحكومة مؤخراً، فى رأى الدكتور عماد جاد، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الذى قال: «كل المستقيلين كانوا من المؤيدين لسياسات مرسى من البداية، والاستقالة تعنى أنهم واجهوا مشاكل لم يستطيعوا حلها أو تقبلها»، معتبراً استقالة سيف عبدالفتاح، التى بررها بسبب العشوائية فى قرارات مؤسسة الرئاسة، دليلاً على أن مكتب الإرشاد صاحب الكلمة العليا. بالنسبة للاستقالات التى يشهدها حزب النور، فقد علق جاد قائلاً: «حزب النور تيار سلفى، ليس له علاقة بالسياسة، لكن بعد أن انخرط فى العمل السياسى بدأت الصراعات والانشقاقات تدب فيه، خاصة مع تدخل الجبهة السلفية فى شئونه».