تحت عنوان "مرسي وضع مصر على حافة الهاوية"، بدأ الدكتور "محمد البرادعي" الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مقاله اليوم في صحيفة (فايننشال تايمز) البريطانية، محللا الوضع السياسي المتخبط الذي تشهده البلاد، ومعارضا السياسية التي يتبعها الرئيس "محمد مرسي" والتى وصفها بالديكتاتورية التى تقود البلاد إلى الهاوية. وقال البرادعى في مقاله: إن البلاد أصبحت الآن منقسمة بين الإسلاميين وباقي الأطياف السياسية وبين المخاطر والحرب الأهلية، وأجد نفسي الآن أقف متحيرا ومتسائلا "بعد 23 شهرا من الكفاح لتحقيق الديمقراطية في مصر، هل هذا هو أفضل ما يمكننا فعله؟ فالرئيس يدعي سلطات ديكتاتورية، والبرلمان تحت سيطرة الإسلاميين، ومسودة الدستور، رقع سريعا دون وضع حماية أساسية للمرأة والمسيحيين والمصريين جميعا؟". وتساءل البرادعي قائلاً: "ما هو الخطأ الذي حدث؟؟ فالجيش كان حريصا على حماية الامتيازات وتجنب الملاحقة القضائية، مما أدى إلى إثبات فشله في إدارة المرحلة الانتقالية بعد الثورة، وسمح لجماعة الإخوان المسلمين، الحريصة على الاستفادة من تنظيمها منذ حوالي 80-عاما، بتسريع الانتخابات البرلمانية، وكانت النتيجة نصرا ساحقا للإسلاميين، وفرض سيطرتهم بشكل فعلي وجاءت بعد ذلك المحكمة الدستورية وأصدرت قرارا بحل هذا البرلمان". وتابع البرادعي قائلاً: منذ ذلك الوقت ودخلت مصر في حرب سياسية، بدأت عندما تصارع الرئيس الجديد والمجلس العسكري على من سيكون له اليد العليا على السلطة، وفي نهاية المطاف، نجح مرسي في تلقين المجلس العسكري، وقام بانقلابات ناعمة ضد الجنرالات مما وضع السلطة التشريعية والتنفيذية جنبا إلى جنب في يدي مرسي. وأضاف البرادعى أن مرسي اختتم حربه بتصريحه الأخير المهدد للسلطة القضائية ومنع خضوع أي من قراراته لأي اعتراض، الأمر الذي جعل سلطة مرسي الآن تتجاوز ديكتاتورية الرئيس السابق المخلوع "حسني مبارك" في قمتها ومجدها. وفى الوقت نفسه، فإن جماعة الإخوان سيطرت على الجمعية التأسيسية، التي ستتولى مهمة صياغة الدستور الجديد، مع باقي الجماعات الإسلامية، واحتجاجا على ذلك انسحب ممثلو الأحزاب الليبرالية والأقليات والفصائل الأخرى في المجتمع المدني، وأخرجت الجمعية وثيقة تنتهك حرية الدين وحرية التعبير، وفشل في مراقبة السلطة التنفيذية، وتضغط الجمعية أيضا لتمكين المؤسسات الدينية للطعن في القضاء - على حد قول البرادعى. وهو ما جعلنا ننزل ثانية إلى ميدان التحرير، فالوضع متقلب مصر منقسمة بين الإسلاميين وباقي الأطياف السياسية بالبلاد، وفتح الباب أمام سيناريوهات مثل تدخل الجيش، ثورة جياع، أو حتى حرب أهلية - على حد تعبيره. وأضاف البرادعى أن الخوف بات مسيطرا على غالبية المصريين، الذين يريدون ديمقراطية حقيقية وليس دولة دينية، ودخل القضاء في إضراب، وأعلن الشباب الذي قاد الثورة أنه لم يتعرض للمخاطر وتقديم التضحيات - بما في ذلك فقدان الأرواح – من أجل تبادل النظام الديكتاتوري العلماني السابق بالاستبداد الديني، ولكننا خرجنا مطالبين بالحرية والكرامة للشعب المصري. وأكد البرادعي: "إن البلاد كانت مهددة بأربع قنابل موقوتة التي ظهرت تحت قيادة الجيش والإخوان الآن، فاقتصادنا في حالة انهيار، والقانون والنظام لا يزالان بعيدا المنال، فضلا عن تأثير ذلك على السياحة والاستثمار الأجنبي. ومن ناحية أخرى، تحولت شمال سيناء إلى ساحة حرب، ومهددة من قبل الجماعات الجهادية القادمة من أفغانستان وأماكن أخرى. والآن، مع الضجة المثارة حول مشروع الدستور، فإن البلد مستقطب بشكل خطير.