تخريج دورات جديدة من دارسي الأكاديمية العسكرية    فرص عمل.. 51.2 مليار جنيه تمويلات للمشروعات الصغيرة    باريس "قلقة بشدة" حيال الوضع بين لبنان وإسرائيل    ستولتنبرج يتوقع أن تبقى واشنطن «حليفا قويا» في الناتو    تشكيل زد لمباراة طلائع الجيش بالدوري    الإمام الأكبر يهدي طلاب الشهادة الثانوية الأزهرية بمستشفى 57357 تابلت لكل منهم    مسابقات وحفلات ومسرحيات لنجوم الوطن العربى    «الرعاية الصحية» تعلن حصاد إنجازاتها بعد مرور 5 أعوام من انطلاق منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ شمال سيناء :ثورة 30 يونيو انتفاضة شعب بكل فئاته ضد الفئة الضالة التي اختطفت الوطن    رؤساء أمريكا اللاتينية: محاولة الانقلاب الفاشلة في بوليفيا هجوم على الديمقراطية    النائب عبد المنعم سعيد: من معضلات القرن الأفريقى ظهور "الدول الميليشياوية"    فيران توريس بعد التألق مع منتخب إسبانيا فى يورو 2024: لن أغادر برشلونة    محافظ أسوان يلتقي رئيس هيئة تنمية الصعيد.. تفاصيل    «رحلة التميز النسائى»    براءة المتهم بقتل شخص بالاشتراك مع 16 آخرين بالصف    أيمن الجميل: تطوير الصناعات الزراعية المتكاملة يشهد نموا متصاعدا خلال السنوات الأخيرة ويحقق طفرة فى الصادرات المصرية    عمرو يوسف ل فاطمة مصطفى عن مرض كندة علوش: الموضوع بقاله سنتين.. فيديو    الصحة العالمية: أكثر من 10 آلاف مريض فى غزة بحاجة لرعاية طبية خارج القطاع    رئيس هيئة النيابة الإدارية يفتتح المقر الجديد للنيابة بشبين الكوم    مع ارتفاع درجات الحرارة.. «الصحة» تكشف أعراض الإجهاد الحراري    مودرن فيوتشر يتقدم على الجونة في الشوط الأول    برنامج التنمية المحلية يختتم تدريبًا لتكتل الفخار بمركز نقادة في قنا    هند صبري تشارك جمهورها بمشروعها الجديد "فرصة ثانية"    عمر كمال يثير الجدل: أمي بترفض تطلع عمرة بفلوسي.وبضحك عليها وأطلعها (فيديو)    وزيرة التخطيط: حوكمة القطاع الطبي في مصر أداة لرفع كفاءة المنظومة الصحية    لتكرار تجربة أبوعلى.. اتجاه في الأهلي للبحث عن المواهب الفلسطينية    حمى النيل تتفشى في إسرائيل.. 48 إصابة في نصف يوم    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الإقليمي بالمنوفية    الفاو تحذر من ارتفاع خطر المجاعة فى جميع أنحاء قطاع غزة    أستون مارتن تكشف عن أيقونتها Valiant الجديدة    محافظ المنيا: تشكيل لجنة للإشراف على توزيع الأسمدة الزراعية لضمان وصولها لمستحقيها    الحركة الوطنية يفتح مقراته بكل محافظات الجمهورية لطلاب الثانوية وقت انقطاع الكهرباء    شوبير يكشف شكل الدوري الجديد بعد أزمة الزمالك    وفاة الفنان العالمي بيل كوبس عن عمر يناهز ال 90 عاما    "قوة الأوطان".. "الأوقاف" تعلن نص خطبة الجمعة المقبلة    هل استخدام الليزر في الجراحة من الكيِّ المنهي عنه في السنة؟    مواجهات عربية وصدام سعودى.. الاتحاد الآسيوى يكشف عن قرعة التصفيات المؤهلة لمونديال 2026    شيخ الأزهر يستقبل السفير التركي لبحث زيادة عدد الطلاب الأتراك الدارسين في الأزهر    خبير مياه يكشف حقيقة مواجهة السد العالي ل«النهضة الإثيوبي» وسر إنشائه    زحام مرورى بسبب انقلاب سيارة نقل ثقيل على طريق الواحات الصحراوى    مصدر أمني يكشف حقيقة سوء أوضاع نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل    تفاصيل إطلاق "حياة كريمة" أكبر حملة لترشيد الطاقة ودعم البيئة    تفاصيل إصابة الإعلامي محمد شبانة على الهواء ونقله فورا للمستشفى    خبير تربوي: مصر شهدت نقلة نوعية في التعليم الجامعي بعد ثورة 30 يونيو    أمين الفتوى: المبالغة في المهور تصعيب للحلال وتسهيل للحرام    ضبط سلع منتهية الصلاحية بأرمنت في الأقصر    21 مليون جنيه حجم الإتجار فى العملة خلال 24 ساعة    مقتل وجرح عدد من الفلسطينيين فجر اليوم إثر قصف إسرائيلي استهدف 5 منازل سكنية في حيي الصبرة والشجاعية شمال قطاع غزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 27-6-2024    أماكن صرف معاشات شهر يوليو 2024.. انفوجراف    ليه التزم بنظام غذائي صحي؟.. فوائد ممارسة العادات الصحية    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    طلب غريب من رضا عبد العال لمجلس إدارة الزمالك    مجموعة من الطُرق يمكن استخدامها ل خفض حرارة جسم المريض    الكشف على 1230 مواطنا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    شوبير يُطالب بعدم عزف النشيد الوطني في مباريات الدوري (تفاصيل)    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد البرى يكتب : الدستور وخدعة اللمونة الحمضانة
نشر في أخبار النهاردة يوم 22 - 10 - 2012

الثنائية القاتلة التى عشنا فيها فى العقود الأخيرة كانت تقضى بأن يسيطر العسكر على الدولة، وأن يسيطر الإسلامجية على المجتمع. الآن جمع الإسلامجية -فى هذه اللحظة التاريخية- بين السلطتين. ليس هذا نهاية العالم. فمن المفترض أن السلطة فى دولة «ديمقراطية» كدولتنا سوف يتم تداولها.
إنما هنا تأتى قضية الدستور. وتكمن أهميته القصوى.
1- الإسلامجية يعرفون أن هذه لحظة ذهبية. معهم أغلبية داخل اللجنة التأسيسية قد لا تتكرر مرة أخرى. ومعهم السيطرة المجتمعية التى ستمكنهم من الحصول على أغلبية لأى دستور يكتبونه. سيستخدمون نفس الدعاية الكاذبة ويدَّعون أن هذا دستور الإسلام، وأن مَن يعارضه إنما يعارض الإسلام. بينما فى الحقيقة هو دستور يمكِّن لهم هم ويكرِّس السلطات فى أيديهم، ويجهض توجه أى أغلبية قادمة. بعبارة أخرى، دستور يجمِّد الوضع فى مصر عند هذه اللحظة التى يملك فيها الإسلامجية كل السلطات، ويجعل تداول السلطة بلا معنى. ويضمن لشيوخ قبيلتهم أن لا تؤثر الديمقراطية على «مكتسباتهم» التى حازوها طوال العقود الماضية. من هنا كان حرصهم الغريب على الكتابة التفصيلية الركيكة لوثيقة المفترض فيها أن تكون وثيقة مبدئية تضمن الحقوق العامة والفردية.
2- على الناحية الأخرى يبدو فريق من الذين يعتبرون أنفسهم من «التيار الثورى» غير واعٍ لمدى أهمية قضية الدستور. بعضهم ب«يشاور نفسه»، ويعتقد أننا سنقبل منهم «عصر الليمون» مرة أخرى. سواء بدعوى الاستقرار أو بدعوى إعطاء الفرصة أو بدعوى «القضاء على الاستقطاب». لا يدرك هؤلاء أن قضية الدستور غير مسموح فيها بأنصاف الحلول. إما دستورا تعدديا يسمح للجميع، للجميع، بأن يعيش معززًا مكرمًا على هذه الأرض، وإما دستورا متخلِّفا محشوًّا بالقنابل الموقوتة، حتى إن كان يبرر انتهاك حقوق مصرية واحدة فقط. الدستور الذى يفعل ذلك دستور لا ينتمى إلى عصر «الدساتير»، بل ينتمى إلى عصر الغلبة والسبى وقوانين الفتح. إن أردتم دستورًا كهذا فسمّوه بأسماء عصره، ولا داعى للتدليس وتشويه مكتسبات الحضارة الإنسانية.
إننا نريد دستورًا يكفل للجميع حقوقهم حفاظًا على الاستقرار الحقيقى. فدساتير المساواة جاءت نتيجة لتراكم خبرة الإنسان، وإدراكه لعوامل استقرار المجتمعات فى مقابل عوامل خلق الصراعات. ومن هنا فإننا لا نخترع العجلة، فقد جُرِّبَت «قوانين الغلبة»، ودساتير التفرقة العنصرية والدينية والجنسية فى بلاد كثيرة، ولم تفلح، ولا استقرت تلك البلاد حتى اتفقت على عقد اجتماعى توافقى. مثل هذا العقد وحده يقضى على الاستقطاب، أما القضاء على الاستقطاب بالإذعان لأحد الأقطاب، فليس إلا تلاعبًا آخر بالكلمات غرضه التدليس فالتضليل.
وبعضٌ آخر من «التيار الثورى» يحتاج أيضًا إلى تذكيره بأن سلوكه ينبغى أن يكون انعكاسًا لما يحلم به. إن كان فعلًا يؤمن بدستور توافقى يكفل لجميع المواطنين حقوقهم، ويحظى بتأييد أغلبية كبيرة تمنحه الشرعية التى يحتاج إليها، فعليه أن يعى أن هذا يبدأ من قبول التنوعات السياسية فى هذا البلد. يا صديقتى الثورية: إن قبولك التنوع لا يعنى أبدًا تخليك عن مبادئك. تستطيعين من خلال حزبك أن تستمرى فى التعبير عن مبادئك فى درجة النقاء التى تشائين. ولكن إن أردت أن تغمضى عينيك وتفتحيهما لتجدى كل مَن حولك يعتقدون كما تعتقدين تمامًا تمامًا، ويسلكون السلوك الذى تسلكين تمامًا تمامًا، فأبشرى. أنت على الخطوة قبل الأخيرة لكى تكونى إنسانة فاشية بامتياز.
الفاشية تبدأ باعتقاد الإنسان أن صورته هى الصورة المثلى التى ينبغى أن يكون عليها الجميع.
لو استمر أسلوب إقصاء الآخرين فلن نجد كتلة انتخابية تكفى لضمان الحصول على دستور عصرى. الأمر يحتاج إلى بعض التفكير. ليس هذا ضد الشعور الثورى. لأن تمرير دستور متخلِّف سيمهد للقضاء على الأمل بقوة القانون، تذكَّرى أن كتبته أبرز مَن وقفوا ضد الثورة منذ التنحى حتى الآن. ويا للكارثة حينما تجتمع قوة القانون مع السلطة باسم الدين! صدقينى. الموضوع مش هيبقى هزار أبدًا. إلا طبعًا لو كان دا غرضك، بس مخلياه فى سرك، ومابتقوليش لحد.. وبعد ما يتمرر دستور «مفاخذة الصغيرة» هتقولى لنا «ضحكت عليكو يا هبل». أنا واثق إن كتير من «المحوِّلين الاستراتيجيين» هيقولوا لنا كده قريبًا. وبصراحة، مش هاقدر ألومهم. هم فعلًا ضحكوا علينا ولبِّسونا فى حيطة ورا حيطة، وجحر ورا جحر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.