ولم يُقدّم بعد للعدالة مسئول واحد أو متورط واحد فى دهس وقتل وانتهاك كرامة مصريات ومصريين طالبوا بحقوقهم واحتجوا بسلمية على الاعتداءات المتكررة على الكنائس وعلى التهديدات المتكررة للأسر المسيحية وصمت الدولة إزاءها. ولم تكن الاحتجاجات مقصورة على المصريين المسيحيين فقط، بل شارك بها أيضاً الكثير من المسلمين. عام على ماسبيرو، ولم يُقدّم للعدالة بعد المتورطون فى الاعتداء على الكنائس من صول إلى الماريناب مروراً بإمبابة، ولم يُحاسب المحرضون على العنف الطائفى. عام مضى، وما زالت جريمة تهجير بعض الأسر المسيحية تحدث والتهديدات للبعض الآخر (كما فى رفح) تتوالى. عام على ماسبيرو، وخطاب التحريض الطائفى على حاله وفى تصاعد وانتشار على نحو ينزع عن مصر إنسانيتها وتسامحها ويتلاعب بوحدتها الوطنية. محاسبة المتورطين، عسكريين ومدنيين، فى الدهس والقتل بماسبيرو قبل عام وتقديم مرتكبى الاعتداءات على الكنائس للعدالة ضرورتان وطنيتان. إلا أن مواجهة خطاب التحريض الطائفى والقضاء عليه لا يقل أهمية. عام على ماسبيرو، وما زلنا نطالب الرئيس والحكومة والدولة بعدم الصمت على انتهاكات لحقوق الإنسان تقع لمصريات أو مصريين وبسرعة إنفاذ العدالة لمحاسبة المسئولين عنها. عام مضى وما زلنا نطالب مصر الرسمية بمواجهة التحريض الطائفى بجدية، والجدية جوهرها إصدار قانون يجرّم التمييز والتحريض الطائفى سبق وأن أُعد من جانب التشكيل السابق للمجلس القومى لحقوق الإنسان. لا يكفى أن تعيد أجهزة الدولة الأسر المسيحية التى هُجّرت أو أن تصلح الكنائس التى اعتُدى عليها، بل واجب الدولة، وفى مقدمتها مؤسسة الرئاسة، هو التجريم الفعال للتمييز ولانتهاكات حقوق الإنسان والمحاسبة عليها. عام على ماسبيرو، وما زلنا كمجتمع مدنى وحياة سياسية وإعلام لا نفعل ما يكفى لمواجهة خطاب التحريض الطائفى والتمييز والتأسيس لثقافة مواطنة الحقوق المتساوية وللهوية المدنية لمصر مجتمعاً ودولة. فالمسئولية هنا ليست مسئولية الدولة ومؤسساتها فقط، بل علينا نحن أيضاً يقع شق كبير من مسئولية إنقاذ إنسانية مصر بمواجهة التمييز والتحريض. عام على ماسبيرو، والمسئولية عن محاسبة المجرمين حائرة وضائعة بأروقة الدولة بين أجهزة مدنية لا تعلم حقيقة ما دار (هكذا تقول) وأجهزة عسكرية تفرض السرية على ما حدث. لا بد لهذا العبث أن ينتهى، وحق مصر كلها فى المحاسبة لا بد أن يُفعّل.