هزت سلسلة تفجيرات دامية وسط مدينة حلب، حيث تدور معارك طاحنة منذ أكثر من شهرين بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة، أسفرت عن سقوط 48 قتيلا على الأقل بحسب منظمة حقوقية، و31 قتيلا وعشرات الجرحى بحسب أرقام رسمية. يأتي هذا في الوقت الذي تواصل فيه القوات السورية عملياتها في عدد من المدن لجعل "أيام المرتزقة معدودة"، بحسب صحيفة رسمية. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أربع سيارات مفخخة انفجرت في حلب صباح الثلاثاء، ثلاث منها في ساحة سعد الله الجابري ومداخلها، وسيارة رابعة بالقرب من غرفة التجارة في باب جنين عند مدخل البلدة القديمة. وأسفرت الانفجارات، بحسب حصيلة محدَّثة أوردها المرصد، عن مقتل 48 شخصا أغلبهم من القوات النظامية، مشيرا إلى احتمال ارتفاع عدد القتلى بسبب وجود نحو 100 جريح، كثيرون منهم بحالة خطرة. وكانت حصيلة سابقة أوردها المرصد أفادت مقتل 40 شخصا. ونقل المرصد عن مصادر طبية في المدينة قولها إن "معظم القتلى والجرحى من القوات النظامية التي استهدفتها التفجيرات في نادي الضباط وحواجز القوات النظامية". وأفاد مصدر عسكري أن سيارتين مفخختين انفجرتا بفارق دقيقة في شارعين قريبين من نادٍ للضباط يقع في ساحة سعد الله الجابري في قلب حلب، وبعد ذلك انفجرت سيارة ثالثة على مسافة 150 مترا من الساحة في حي باب جنين عند مدخل البلدة القديمة، ما أدى إلى مقتل ثلاثة عسكريين. ومن جهتها، أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن ثلاث سيارات مفخخة انفجرت بأوقات متقاربة "يقودها إرهابيون انتحاريون" في ساحة سعد الله الجابري بحلب، ما أدى إلى "استشهاد وإصابة العشرات من المواطنين". وأشارت الوكالة إلى أن "السيارة الأولى والثانية تم تفجيرهما من قبل إرهابيين انتحاريين قرب فندق النادي السياحي، ما أدى إلى استشهاد 31 وإصابة العشرات من المواطنين، إضافة إلى إحداث أضرار مادية كبيرة بموقع التفجيرين". وأضاف المصدر نفسه أن "السيارة الثالثة التي يقودها انتحاري أيضا انفجرت في منطقة تجميل مشارقة، بعد إطلاق النار عليها من قبل عناصر الحراسة المتواجدين في المكان، ولم يسفر انفجارها عن وقوع ضحايا". وأغلقت المباني الحكومية العديدة والواقعة في هذه المنطقة أبوابها. وعرضت قناة "الإخبارية" السورية مشاهد لمبنيين على الأقل دمرا بالكامل، وعدد من الجثامين وقد كساها الغبار والحطام. ويهرع الناس في الصور التي بثها التلفزيون صارخين: "هناك أحياء تحت الأنقاض"، ولم تتبن أية جهة الانفجارات حتى الآن. من جهة أخرى، قام المتمردون بإطلاق قذائف هاون على فرع الأمن السياسي في المدينة، بالإضافة إلى إحدى أسواق الخضر التي يتمركز فيها الجنود، بحسب ما أفاد المرصد، الذي لم يقدم أي تفاصيل حول الحصيلة. كما دمر المتمردون دبابتين في المدينة ليلا. وتأتي سلسلة الهجمات هذه بعد أقل من أسبوع من إعلان المتمردين شن هجوم "حاسم" للسيطرة على كبرى مدن الشمال، مسرح المعارك الشرسة التي تدور رحاها منذ أكثر من شهرين. وكان قتال شرس لم يسبق له مثيل اندلع نهاية الأسبوع الماضي في جميع أنحاء أسواق حلب التاريخية الواقعة في وسط المدينة. وقال مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، إن المتمردين "يشنون هجوما الآن على قوات النظام في مركز المدينة، الذي كان بمنأى عن أعمال العنف حتى الآن". وأشار إلى إنه "بغض النظر عن عدد قليل من المناطق، فإن حلب لم تعد مدينة آمنة". ولفت إلى أن "أكثر من مليون شخص كانوا خرجوا قبل عام تأييدا للنظام في ساحة سعد الله الجابري نفسها" التي شهدت تفجيرات الأربعاء. وأوضح عبدالرحمن "إنها جزء من المعركة الحاسمة، والنظام لا يمكنه الآن القول أنه يسيطر على المدينة".