علمت «الوطن» بوجود اتصالات غير معلنة بين عدد من التيارات المدنية والإسلامية، للاتفاق حول المواد الخلافية فى الدستور الجديد داخل الجمعية التأسيسية، مع تهديدات من القوى المدنية بالانسحاب فى حالة «تعنت» الإسلاميين تجاه هذه المواد. ويرفض التيار المدنى تمرير أى مادة تتعارض مع هوية الدولة المدنية الحديثة، بينما يستعد الإسلاميون لإعلان موقفهم النهائى من هذه المواد الخلافية بعد غد الأربعاء، ثم تحدد بعض هذه التيارات موقفها من الجمعية التأسيسية سواء بالاستمرار أو بالانسحاب. وقرر عدد من القوى المدنية غير الممثلة فى التأسيسية عدم انتظار التوافق مع التيار الإسلامى ومقاطعة التأسيسية، وأعلن تحالف «الوطنية المصرية»، الذى يقوده كل من حزب الدستور برئاسة الدكتور محمد البرادعى، والتيار الشعبى برئاسة حمدين صباحى، والدكتور محمد غنيم عضو التحالف، وجورج إسحاق، والإعلامى حسين عبدالغنى، مقاطعة الجمعية دون انتظار محاولات التوافق مع التيار الإسلامى التى يقودها الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد وعمرو موسى رئيس حزب المؤتمر والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية. وقال حسين عبدالغنى، المتحدث الرسمى لتحالف الجبهة الوطنية، ل«الوطن»: إن القرار لم يتضمن فقط مقاطعة التأسيسية، وإنما مطالبة أعضاء الجمعية من المدنيين بالانسحاب، ومطالبة الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية بإعادة تشكيلها، على أسس متوازنة خلافاً للعوار الموجود فى الجمعية الحالية، وطرح معايير موضوعية تتفق مع تقاليد وأعراف مصر وتعبر عن تنوع الأطياف، حتى لا يحتكر فصيل واحد كتابة دستور ثورة يناير. وأضاف: «لن ننتظر التوافق لأنه لن يحدث، ودعونا الجميع للانضمام لنا، لأنه لا توافق على باطل، فالجمعية التأسيسية الحالية باطلة لأن ما بنى على باطل فهو باطل، وهذه الجمعية لا تعبر عن الشعب المصرى، وغير قادرة على بناء دستور توافقى، والحفاظ على مبادئ ثورة يناير». وكشف الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد فى بيان، عن وجود اتصالات بعدد من ممثلى حزب النور فى التأسيسية فى محاولة للتوافق، وهم «الشيخ ياسر برهامى ويونس مخيون عضوا الهيئة العليا للحزب، وسيد مصطفى خليفة، ومن حزب الحرية والعدالة كل من الدكتور فريد إسماعيل، وأحمد دياب، ومحمد البلتاجى»، لتقريب وجهات النظر ومحاولة الوصول لصيغة مشتركة للتفاهم حتى لا يضطر التيار المدنى الذى يمثل 50% من الجمعية إلى الانسحاب حفاظاً على مدنية الدولة. وأكد الدكتور وحيد عبدالمجيد، المتحدث الرسمى للتأسيسية، أن نسبة ال50% الممثلة للتيار الإسلامى بالجمعية لم تحسم موقفها النهائى بالنسبة للمواد المتنازع عليها، وأشار إلى أنهم أبدوا موافقة مبدئية تجاه تعديل هذه المواد لكنهم لم يوافقوا على صياغة نهائية لها. وأضاف ل«الوطن» أنه ما زال هناك خلاف كبير حول 3 أنواع من المواد، الأولى الخاصة بالدين والدولة، والمتعلقة بمرجعية الأزهر فى أمور الشريعة الإسلامية، والزكاة وفرض الرقابة على الأوقاف، وفرض قيود على التشريع، والثانية المتعلقة بالحقوق والحريات على رأسها حرية المرأة وتجريم الاتجار فى البشر، وحرية مخاطبة السلطات العامة للجماعات غير الرسمية واللجان الشعبية، والحبس فى قضايا النشر، والثالثة المتمثلة فى العدالة الاجتماعية، حيث هناك مطالبة من قِبل المدنيين بوجود مادة أو إشارة للحد الأدنى والحد الأقصى للأجور، كذلك ما زال هناك اختلاف على المادة الخاصة بالرعاية الصحية والحق فى المسكن. وأشار عبدالمجيد إلى أن بعض هذه المواد شهدت تحقيق بعض التقدم فيها، إلا أنها لم تحسم، وما زالت تواجه تشدداً من قِبل التيار السلفى وحزب الحرية والعدالة، حيث إن الصيغة النهائية لم تنتهِ إلى ما يؤمل الوصول له، وأشار إلى أن التيار الإسلامى فى الجمعية يرفض وجود بعض المواد، منها «حظر الرق والتجارة بالبشر، وانتهاك حقوق النساء»، ويرون أنها ليست ضرورية، كذلك لم يحسموا موقفهم بالنسبة للمادة الخاصة بإلغاء حبس الصحفيين، حيث يرفضون وجود مادة تنص على ذلك. وأوضح أن هناك اجتماعات مصغرة تعقد بين ممثلين من التيار المدنى مع التيار الإسلامى لمحاولة الوصول لصيغة توافق، ولفت إلى أن هناك اجتماعا اليوم أو غداً لمحاولة التوافق قبل جلسة الأربعاء التى سيحسم فيها ممثلو التيار الإسلامى موقفهم من هذه المواد، وقال «إن التأسيسية الآن بين طريقين».