مهرجانات السينما في مصر تنتهج سياسة «التمثيل المشرف يكفينا»!.. فرغم تاريخنا السينمائى الطويل إلا أن بعض الدول التى ليس فيها صناعة سينما ولا أفلام أصبحت لديها مهرجانات يجىء اليها أشهر نجوم السينما العالمية. والطريف أن نجوم الأفلام المصرية يتسابقون فى كل عام للذهاب بأفلامهم إلى هناك ولا يفكرون فى دعم مهرجاناتنا بأفلامهم، وتكون المشكلة هى عدم وجود فيلم مصري.. لذلك ليس غريباً أن يرفض البعض المشاركة بفيلمه فى مهرجان القاهرة أو الاسكندرية.. لأنه سيعرضه في مهرجان أبوظبى أو دبي. والمأساة الكبرى تكمن فى المستوى المتردى الذى نشارك به فى المهرجانات العالمية مما لا يجعلنا ندخل ضمن أفلام المسابقة الرسمية. على عكس ما فعلته قطر مؤخرا، حيث قدمت فيلم الافتتاح الرسمي لمهرجان فينيسيا «الأصولي المناهض» واستعانت فيه بالمخرجة الهندية ميرا نير. مخرجة «سلام بومباي» 1988 و«عرس مونسون» (2001)، وتم تصويره بين عدة مواقع ومدن تتضمن أتلانتا ونيويورك ولاهور ودلهى واسطنبول. ويشكل فيلم «الأصولي المناهض» إنتاجاً مشتركاً بين ميراباى فيلم وسينى موزاييك، كما أنه أول تمويل لفيلم مستقل تقوم به مؤسسة الدوحة للأفلام، كوسيلة للاستعانة بصانعى الأفلام العالميين من جميع أنحاء العالم، وفى النهاية الفيلم مقدم باسم قطر. والطريف أننا حتى عندما تصل أفلامنا للمشاركة فى المهرجانات العالمية مثل (بعد الواقعة) نبحث عن أى فضيحة لفنانيها بدلا من دعمهم، كما قيل عن الفيلم ان منتجه صهيونى..! أننا للأسف لا نعرف سوى التشدق بالكلمات ونضع دائما على صدورنا بروش التمثيل المشرف.. و«كان الله بالسر عليم». الهروب إلي الخليج أزمة حقيقة تواجه المهرجانات المصرية منذ 10 أعوام تقريبا وهي هروب الفنانين المصريين والعرب للمهرجانات العربية والدولية، وستظل هذه الأزمة تتفاقم في ظل السيطرة الغربية والدولية للمهرجانات علي السوق السينمائي، وتوفيره دائما لكل المغريات التي تجعل الفنان المصري والعربي يهرب من مهرجان بلده للبحث عن مهرجانات أكثر شهرة، وأعلي أجرا، وأكثر تنظيما ليعرض فيها فيلمه، إنها المشكلة التي يقع فيها رؤساء المهرجانات المصرية كل عام ويظلون يبحثون حتي اللحظات الأخيرة عن فيلم مصري واحد يمثل مصر في المهرجان، وفي كل عام أيضا يظل البحث عن فيلم عربي يشارك في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في المسابقة العربية دون ان يكون عرض في أي مهرجانات سابقة - حسب شروط المهرجانات الدولية - ودائما النتيجة تصل لأفلام ليست علي المستوي المطلوب نتيجة أن أغلب الدول العربية أساسا لا يوجد بها صناعة سينما فدولة مثل المغرب تنتج في العام 12 فيلما في الوقت الذي يقام فيها أشهر وأغني مهرجانين سينمائيين، وهما أبوظبيودبي، وبالتالي تسعي هذه المهرجانات لجذب أكبر عدد من النجوم وأفلامهم بمبالغ باهظة للترويج للسياحة في بلادهم، ولذلك الأزمة التي تواجههنا الآن هل يتم التعامل مع المهرجانات المصرية علي إنها سبوبة إذا لم يعرض علي المخرج مشاركة فيلمه فيأي مهرجان دولي أو عربي فيبحث في النهاية عن مهرجان مصري وإذا أتيحت له الفرصة فالأفضلية لمن يدفع أكثر وتكون النتيجة في مصر عرض أي فيلم أيا كان وتكون النتيجة تحت شعار «الموجود يسد».. حاولنا فتح الملف لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء هروب الفنانين المصريين للمهرجانات العربية بأفلامهم. مجدي أحمد علي: "القاهرة السينمائي" المحترم الوحيد بين المهرجانات قال المخرج مجدي أحمد علي أنه لا توجد مهرجانات مصرية محترمة تعرض أفلاماً روائية طويلة في مصر إلا مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ومؤخرا أعلن عن إقامة مهرجاني الغردقةوالأقصر، ولا يتم الاهتمام بهذه المهرجانات بشكل كبير لأننا نتعامل معها باعتبارها ليست مهرجانات دولية، ثانيا إننا كصناع سينما لا نجد للمهرجانات المصرية ثقلاً فهي لا تعطي جوائز مالية في الوقت الذي تعطي فيه أغلب المهرجانات جوائز مالية كبيرة بجانب القيمة الأدبية الخاصة بها ونوعية الأفلام التي تشارك في المهرجانات ليس لها طبيعة دولية، وبالتالي تحتاج نوعاً من التعويض المادي عن إنتاجها لهذه الأفلام وأيضا لاننا في مصر لا نجيد تنظيم المهرجانات بشكل احترافي يجعل الناس تنجذب لأن يصبح مهرجاناً دولياً مهماً وبالتالي أغلب الفنانين العرب والأجانب التي تحضر المهرجانات المصرية يكون هدفها السياحة أكثر من الاهتمام بالمهرجان الفني، وبالنظر لمهرجانات مراكشودبيوأبوظبي وقرطاج وكم الفنانين الأجانب الذين يهتمون بحضور هذه المهرجانات يثبت ان بها مستوي احترفياً في إدارتها وفي الأسواق المقامة علي هشامها والتي تجلب ربحاً رهيباً علي هذه البلدان نفتقدها في دولتنا، فهم يعرفون كيف ينظمون المهرجان وكيف يصرفون عليه حتي يعطيهم أضعاف ما صرفوه، وهناك مشكلة حقيقية من المتوقع ان نلتقيها الأيام القادمة وهي أن الخوف ليس من المهرجانات العربية فقط لكن من ان تكون دولة مثل إسرائيل جاذبة للسياحة وقتها ستسحب كل الزوار من مصر ويبقي المهرجانات المصرية خاوية علي عروشها ووقتها ستعطي أموالاً كثيرة واعتقد انه مع صعود التيارات الإسلامية سيكون هناك تخوفات سياسية وعلينا ان ندعم مثل هذه التظاهرة الثقافية المصرية باعتبارها خط دفاع أخيراً ضد التخلف القادم. الشناوي: الأزمة عمرها 10 سنوات.. والمشكلة في الفيلم العربي وقال الناقد طارق الشناوي ان هذه الأزمة عمرها حوالي 10 أعوام، بدأت منذ ظهور مهرجانات فنية عربية ودولية تدفع مبالغ كبيرة جدا وأول هذه المهرجانات كان مهرجان دبي التي بدأت تدفع جوائز خرافية للفيلم بجانب الجائزة الفنية وتذهب للمنتجين لتغريهم علي قبول عروضهم، وبالتالي أصبح الفنانون يفكرون إما المشاركة في مهرجان مصري لن يعطيهم أي شىء وإما المشاركة في تظاهرة كاملة تدر مالا كثيرا. وأضاف اتذكر في التسعينيات أنه تقدم 15 مخرج بأفلامهم حتي يختار الراحل سعد وهبة رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي السابق فيلما أو اثنين ليمثلا مصر، وكانت لجنة المشاهدة تشاهد أفلاماً عديدة للاختيار فيما بينها لكن السبب أصبح عدم وجود قيمة مالية ضخمة من المهرجانات المصرية والذي يجعل الجميع يتعاقدون مع المهرجانات العربية، وبعدها ظهر مهرجان أبوظبي وبعده مهرجان مراكش وكلها مغريات حقيقية في ظل سينما ضعيفة تنتج عدد أفلام قليلاً وتبحث عن أفلام تليق بالعرض في المهرجانات، وأكد الشناوي ان الفنان لابد ان يسعي لإعطاء مهرجانه الجاذبية لأنها رسالة، وفي رأيي ان المهرجانات المصرية لابد ان تعطي جوائز مالية ضخمة لأن المأزق ليس في الفيلم المصري فقط لكن المأزق الكبير في الفيلم العربي الذي لا يشارك أيضا في المهرجانات المصرية حتي لو دون المستوي لانه يسعي للأعلي قيمة، بالإضافة إلي ان مهرجان القاهرة السينمائي لا يقبل إلا العروض الأولي للأفلام، وبالتالي فلا يسمح بأن يكون المهرجان فقد جاذبيته الأولي في الافتتاح بفيلم مصري وهي الأزمة التي يواجهها المهرجان كل عام ولابد من حلها. علي أبوشادي: الميزانية السبب الأهم.. والأفلام الجيدة نادرة وقال الناقد السينمائي علي أبوشادي رئيس مهرجان الإسماعيلية إن الفنان المصري لا يهرب بمعني كلمة الهروب من المهرجانات المصرية لكن المهرجانات العربية عندما تطلب أفلاماً لا يكون لها شروط ان يكون لها عرض أول مثلما يحدث مع مهرجان القاهرة السينمائي الدولي باعتباره المهرجان الوحيد في المنطقة العربية الذي يحمل الشارة الدولية، أيضا الفنانون عندما يكونون موجودين في مصر فهم غير مرتبطين بسفر، وحضور، وغياب وبالتالي يتعاملون مع المهرجان، بأنهم يذهبون إذا كانوا متفرغين في حين ان دعوة المهرجانات العربية تكون مرتبطة بتذاكر سفر وارتباطات، وفكرة مشاركة أفلام في المهرجانات فهذا متعلق بوجود الأفلام ومدي جودتها ومدي موافقتها للمهرجان نفسه، ثم ان الفنانين مرتبطون بالفيلم المشارك، أيضا ان مهرجانات دبيوأبوظبيومراكش كلها تقام في نهاية العام وبالتالي تحرق كل الأفلام علي المهرجانات المصرية. وأضاف أبوشادي إننا لا يمكن ان نقارن بين ميزانيات مهرجان القاهرة السينمائي المقام بميزانية هزيلة ومهرجانات أبوظبيودبي التي يوضع لها ميزانية أضعاف أضعاف الأخري وهنا قاعدة المهرجان هي التي تحكم، بالإضافة إلي ان التجهيزات والتنظيم الضعيف في بعض المهرجانات يجعل الفنانين مثلا يكرهون العرض في مهرجاناتهم بسبب سوء التنظيم الذي يحدث كل عام وبالتالي إذا كانت الظروف مواتية فالجميع يعرض، ولا يجب ان ننسي ان هناك أزمة حقيقة وهي عدم وجود أفلام جيدة أساسا تصلح للمهرجانات، فقبل النظر للمهرجانات وأزماتها نتمني النظر لإنتاج أفلام حقيقية يمكن خروجها. القليوبى: مستوي الفيلم المصري تراجع.. وزيادة المهرجانات تشجع صناع السينما ورفض محمد كامل القليوبي المشرف علي مهرجان الأقصر هروب الفنانين وقال ان هذا لا يسمي هروباً والدليل أن المهرجانات المصرية تحظي باهتمام كبير من الفنانين في كل دول العالم، وفي مهرجان الأقصر هذا العام عندما طلبنا من المخرج يسري نصر الله عرض فيلمه «بعد الموقعة» في المهرجان وافق علي الفور رغم انه لم يعرض جماهيرياً من الممكن ان يؤثر ذلك علي الإيرادات التي يجمعها واستضفنا في المهرجان كل فريق العمل، وأضاف ان الأزمة التي تواجهها المهرجانات المصرية كل عام في عدم وجود فيلم يمثل مصر تكون لأسباب أهمها ان مستوي الفيلم المصري أصبح ردئياً ولا يصلح لتمثيل مصر أساسا، وأضاف ان المهرجانات غير التابعة للاتحاد الدولي لا تجد أزمة في الأساس لعرض أي فيلم لأن الشروط ليست في العرض الأول إلا إذا فضل الفنانون عرض أفلامهم أولا في مهرجانات دولية وقتها يمكن ان نأخذ العرض الثاني، وأضاف ان رؤساء المهرجانات لا يملكون حقاً في الضغط علي الفنان أو المخرج في عرض فيلمه في مهرجان مصر أو دولي لأنها حرية شخصية ويبقي القرار للفنان، وأضاف ان مصر بها عدداً قليلاً جدا من المهرجانات مقارنة بفرنسا التي يقام فيها 5000 مهرجان سنويا في حين ان مصر من الممكن ان يقام في كل محافظة من محافظتها مهرجانات كثيرة وهذا ما أطالب به لان زيادة المهرجانات تزيد من صناعة السينما وتشجع المنتجين للمشارك في المهرجانات.