حسبى الله ونعم الوكيل.. حامشى فى الشارع أقول: الدستور، كما كنت أسير فى الطرقات وأقول: عمر سليمان.. وماحدش معبّرنى لحد ما كنست عليه السيدة، ده بجد، يلا، الله يرحم الجميع بقى. طب إيه؟ بما إن الجميع منشغل بأى شىء وكل شىء إلا الدستور، هل سأكنس السيدة على الدستور قوم ينفجر ويموت لوحده؟ قبل أن أكمل حديثى عن الدستور رغما عن أنف من أثاروا لغطا حول الفيلم إياه فى مصر، فانتقلت العدوى إلى كل العواصم الإسلامية، وإذا بالجميع يهاجم أى سفارات فيها أى ناس شعرهم أصفر وعينيهم زرقا، ألمانيا بقى إيطاليا السويد، أهو أى أجانب وخلاص، أدعوكم إلى طلب الرحمة لأول شهيد سقط فى اشتباكات السفارة الأمريكية على يد داخلية مرسى التى لا تختلف ألبتة عن داخلية مبارك وطنطاوى، الشهيد إسماعيل رشاد، 35 سنة، وهو شهيد بإذن الله، لأنه قُتل بلا جريرة سوى أنه فكهانى، استجاب للحملة الإعلامية ضد الفيلم المسىء وخرج يمارس حقه فى التظاهر، فقُتل بطلق خرطوش فى وجهه وصدره، وبالطبع، ادعت الداخلية عليه أنه مسجل خطر، ذلك لأن كل من تقتلهم الداخلية عادة ما يكتشف أنهم مسجلو خطر، بالصدفة كده، سبحان الله، ويعود الأمر إلى أن الداخلية قبل أن تخرج على الجماهير لتقتلهم، بتقرِّى على طلق الحى والخرطوش والمطاطى، وبتعلق فيه حجاب، بحيث لا يقتل سوى المجرمين فقط. وقد ضاع الشهيد ما بين التيار الإسلامى الذى خبرنا استهتاره بالدماء فى سبيل تحقيق مكاسب سياسية، ومعارضين لأهداف التظاهر، ده غير إنه فكهانى، مش شاب شيك ولا خريج مدارس فرنساوى، ولو افترضنا صحة ادعاءات الداخلية بأن الشهيد له سوابق إجرامية، فبأى ذنب قُتل فى هذا الموقف بالتحديد؟ كنا نفاضل بين العسكرى والإخوان، ونقول إن العسكرى قاتل والإخوان لم يقتلوا أحدا وإن تواطؤوا على القتل، أما وقد سقط أول شهيد تحت حكم الإخوان فقد انضمت الجماعة إلى قائمة القتلة. بل إن من أثاروا هذا اللغط حول الفيلم فى مصر، يتحملون مسؤولية كل ما حدث فى كل العواصم الإسلامية من أحداث عنف، وبله، وعته، ولو أن العالم نظر إلينا ثم اعتقد أن الإسلام دين يصيب الناس بلوثة عقلية لما تمكنا من الدفاع أو نفى التهمة.. يا فضيحتنا وسط الأمم! اختير لوضع الدستور لجنتان، اللجنة الأولى شكلتها أغلبية البرلمان المنحل، التى تنتمى إلى الإخوان المسلمين، واللجنة الثانية شكلها الرئيس، الذى ينتمى إلى الإخوان المسلمين برضه. هوّا قِرش برّانى ولا إيه؟ الدستور هو الميثاق الوطنى الذى ينص على المبادئ والقيم والأسس العامة التى يسير عليها المجتمع، لذا، فمن يشكل الدستور، يجب أن يكون مجموعة منتخبة من المجتمع، ممثلة لكل فئاته وطوائفه، والأهم من ذلك، يجب أن تختفى المجموعة من حياتنا بعد صياغة الدستور، دون أن يشغل أعضاؤها مناصب، ولا أن يكون لهم مصالح مباشرة، ومن ثم، فمن يختَر تلك اللجنة، يجب أن يكون خارج اللعبة السياسية، وداخل دائرة الفئات المتأثرة بالدستور المصوغ، ألا وهو المجتمع، وانتخاب أعضاء لجنة صياغة الدستور بشكل مباشر يختلف تماما عن عملية انتخاب نواب الشعب، أو انتخاب الرئيس. فذات المواطن الذى ينتخب نائبا للشعب، يختار من يفيد دائرته، وهو ذاته الذى ينتخب الرئيس لحسابات سياسية، كمن انتخب شفيق خوفا من الإخوان، أو من انتخب مرسى خوفا من الفلول، أما انتخابه لممثل لصياغة الدستور، فله معايير أخرى، لها علاقة بثقة الناخب بخلق وحكمة وعلم ونزاهة الشخص المنتخب، كما أن الشخص المنتخب يجب أن يكون ممثلا عن المجموعة البشرية التى ينتمى إليها الناخب، سواء كانت مجموعة دينية، أو عرقية، أو فئوية، وهو ينتخب ممثله فى لجنة الدستور ليضع المواد التى تمثله فى الصياغة، ثم يختفى بعد وضع هذه المواد، أى أنه لن يشغل منصب وزير، ولا غفير بعد أن يشارك فى هذه العملية. لذا، فالتذرع بأن من اختار اللجنة التأسيسية هم أشخاص منتخبون، منطق باطل، حيث إن الناخب تختلف معايير اختياره، باختلاف المهمة التى يختار لها المنتخَب. كلنا يعلم العوار الذى كانت تعانى منه اللجنة الأولى لكتابة الدستور، والتى انسحب منها جلها عدا التيارات الإسلامية التى كانت تشكل 60% من أعضائها غصبانية واقتدار. وبعد الحكم بحل اللجنة، قام الرئيس بتشكيل لجنة أخرى تعطى الإسلاميين 50% من العضوية، وتعطى القوى المدنية النصف الآخر، فإذا بأحزاب إسلامية تعمل نفسها مدنية، وتأخذ حصة من ال50% المدنية، وقال على رأى اللمبى: أنا جاى معاكو كده.